تواجه أغلب الدول الأفريقية مشكلات متشابهة فى مجالات الصحة والعلاج، وبدرجات متفاوتة، وقد كشفت قضية فيروس كورونا عن أن الدول الكبرى تركز على مصالحها فى مجالات العلاج واللقاحات، حيث كانت الدول الأفريقية فى آخر قوائم اللقاحات التى استحوذت الدول الكبرى على أغلبها، وشركات الدواء الكبرى تستحوذ على الأسواق وتفرض شروطها، بينما الدول الأفريقية تعانى من نقص الإمكانيات وضعف البنية الأساسية، وهو أمر يبدو أكثر صعوبة إذا واجهته كل دولة بمفردها، لكن فى حالة التعاون والشراكة يمكن تفهم المشكلات الطبية والتعامل معها من خلال حلول واضحة تقوم على تعاون الدول الأفريقية، فى مواجهة نقص الموارد، وامتلاك القدرة على بناء تفاوض جماعى بين المنظمات الأفريقية الصحية من جهة والشركات الكبرى من جهة أخرى باعتبار أفريقيا سوقا كبيرا يمكنه الحصول على الدواء بسعر مناسب، استنادا إلى قواعد ترتبها القوانين الدولية ومنظمة الصحة العالمية، حيث يحق للدول التى تواجه أوبئة وأمراضا خطيرة، أن تسعى لإنتاج الأدوية بعيدا عن الملكية الفكرية، خاصة فى ظل الأزمات التى تحدث بسبب الحروب، وتؤدى لانقطاع سلاسل التوريد، وانشغال الدول الكبرى بتوفير احتياجاتها أولا.
ومن هنا تأتى أهمية انعقاد مؤتمرات وفعاليات قارية بانتظام يمكن من خلالها دراسة المشكلات ومواجهتها من دون انتظار تحرك الدول الكبرى أو شركات الدواء، ومن هذه الفعاليات المؤتمر والمعرض الطبى الأفريقى الثانى «صحة أفريقيا Africa Health ExCon»، الذى يعقد للمرة الثانية بالقاهرة، وعقدت نسخته الأولى فى يونيو 2022، المؤتمر الذى يمثل فرصة لتلتقى الدول الأفريقية ممثلة فى وزراء ومسؤولى الصحة والدواء بالقارة، لتبادل الأفكار والمناقشات حول أحد أهم الملفات التى تشغل بال الأفارقة وهو ملف الصحة والعلاج.
كعادته حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على حضور المؤتمر والتحدث بصراحة فى قضية الصحة والعلاج، والدعوة الى تعاون أفريقى فى تبادل الخبرات أو مواجهة جماعية للقضايا المتعلقة بالبنية الأساسية الطبية أو العلاج والدواء، واستعرض خبرة مصر وتصورها للعلاج والصحة وسعيها لمواجهة المشكلات الصحية العاجلة وفى نفس الوقت بناء نظام طبى وصحى مستدام.
وبالطبع فإن حضور الرئيس للمؤتمر يعطيه قوة ودفعة بجانب حرص الرئيس على استعراض الوضع الصحى القارى واستعداد مصر لتقديم وتبادل الأفكار والخبرات فى هذه القضية، الرئيس عرض تجربة مصر مع الاستعداد لتطوير هذه التجرية ونقلها للأشقاء فى أفريقيا، وفى كلمته قدم الرئيس الشكر لكل من ساهم ويساهم فى المؤتمر والمعرض وإنجاحه، والذى تحرص مصر على نجاحه منذ إطلاق النسخة الأولى، وحرص مصر على القيام بدور إيجابى فى أفريقيا.
استعرض الرئيس السيسى تجربة مصر على مدى سنوات فى مواجهة المشكلات الطبية العاجلة وقال إننا يجب زيادة ما لدينا بالفعل فى الجانب الصحى، فإذا كان لدينا 500 مستشفى نحتاج 1000 ونفس الكلام ينطبق على الأطقم الطبية، وإذا كنا غير قادرين على تنفيذ هذا الكم بسبب الزيادة السكانية، لا يمكن أن نقف مكتوفى الأيدى أمام التحديات الصحية التى تقابلنا، حيث ركزت الدولة فى تكثيف وتركيز جهودها تجاه موضوعات طبية محددة تحقق تحسينا للصحة العامة للمصريين مع الوضع فى الاعتبار محدودية قدراتها الاقتصادية فى هذا المجال، وكانت استراتيجية المبادرات الرئاسية هى الحل الذى يعالج بشكل عاجل المشكلات الصحية التى لا تحتمل التأجيل، توازيا مع البدء فى بناء نظام طبى يتضمن التأمين الصحى الشامل.
تحركت الدولة بسياسة المبادرات الرئاسية لاستهداف فيروس سى الذى كان له تأثير سلبى كبير على المصريين ونجحت المبادرة، وخلال أيام وأسابيع قليلة تحتفل مصر بإعلان خلوها من فيروس سى طبقا لمعايير منظمة الصحة العالمية، حيث أعلنت أن مصر من الدول التى نجحت فى مواجهة الفيروس، ومن هذه المبادرة تولدت عنها 100 مليون صحة ثم مبادرات مثل صحة المرأة وقوائم الانتظار فى عمليات القلب والعمليات الخطيرة، وبالفعل عندما بدأت مبادرة قوائم الانتظار قبل 4 سنوات كان الرقم المتوقع 12 ألف عملية فقط، لكن المبادرة اتسعت ووصل عدد المستفيدين من مبادرة إنهاء قوائم الانتظار 1.9 مليون خلال 4 سنوات، وكشف الرئيس عن تكلفة 15 مليار جنيه لهذه العمليات و4 مليارات من المجتمع الأهلى، والهيئات ليصل ما تم إنفاقه إلى 20 مليار جنيه.
كان الرئيس يستعرض أهمية المبادرات التى نجحت فى مواجهة أزمات صحية تهدد ملايين، بجانب الحرص على تعاون وشراكات أفريقية لتبادل الخبرات ونقل التجارب.