«أفريقيا لن تعبر ما هى فيه إلا عندما تكون قلوبنا على قلب بعض، نتجاوز أى خلافات ومشاكل، من أجل مستقبل نغير فيه الواقع إلى مستقبل أفضل»، هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى العام الماضى فى اجتماعات البنك الأفريقى بالقاهرة، وكذلك فى كل فعالية تتعلق بالدائرة الأفريقية، إحدى أهم دوائر مصر.
كانت الدورة الثانية والعشرون لقمة السوق المشتركة لدول تجمع شرق وجنوب القارة الأفريقية «كوميسا»، فرصة لتأكيد مساعى مصر مع الأشقاء فى القارة الأفريقية لبناء شراكات وقدرات جماعية تمكن القارة من مواجهة التحديات وبناء قدرة على العمل المشترك، وتحقيق تكامل ممكن يعود على كل شعوب القارة.
لقد ظلت هناك أسئلة مطروحة من قبل شعوب أفريقيا ولا تزال أن القارة التى تمتلك أكبر مصادر طبيعية وثروات، لا تحظى بعوائد تتناسب مع هذا، بل إن دولا وتجمعات كثيرة تعيش فى حالة اقتصادية غير مناسبة، وتعجز عن تلبية حاجات شعوبها، فى الماضى كانت الدول الاستعمارية تحرص على إبقاء الدول الأفريقية فى دوائر التبعية، لكن على مدى عقود بدا أن بقايا هذا الفكر تركت آثارها، وحرصت على إطلاق الصراعات والخلافات حتى يمكن أن تظل الموارد خارج السيطرة.
وخلال فترة ما بعد الاستقلال ظلت ترسبات الماضى تفرض نفسها، وتتفاعل مع عناصر متعددة لإبقاء الحال كما هو، وعلى مدى 9 سنوات لم تتوقف الدولة المصرية عن التحرك باعتبار ملف دائرتها الأفريقية استراتيجية، ولم يفوت الرئيس السيسى فعالية أفريقية، بجانب أن القاهرة تستضيف مئات الفعاليات الأفريقية التى تتعلق بالاقتصاد والتجارة ورفع القدرات وتبادل الخبرات، ولم تتوقف مصر - على مدار سنوات - عن الحديث بشأن أهمية لحاق أفريقيا بركب التقدم، وأن تحقق التنمية والتقدم بما يليق بشعوبها والإمكانيات التى تمتلكها، وتحتاج لاستغلالها وتوظيفها، ولا يترك الرئيس فرصة إلا ويتحدث فيها عن أحلام التنمية والتقدم لمصر والأشقاء فى أفريقيا، بل إن الدولة المصرية سعت - على مدار السنوات الماضية - إلى عقد مؤتمرات أفريقيا مع الصين، واليابان، والاتحاد الأوربى، وروسيا، والولايات المتحدة وفى كل فعالية دولية، تحدث الرئيس عن حق أفريقيا ودولها وشعوبها فى التقدم والتنمية، بما يناسب ما تمتلكه من إمكانيات.
وفى الكوميسا، وفى كل محفل يؤكد الرئيس حق دول وشعوب أفريقيا فى أن تعيش بشكل يتناسب مع طموحاتها، وتستطيع الدول الأفريقية استغلال ثرواتها، واللحاق بالاقتصاد الحديث، وتستغل إمكانياتها الزراعية والصناعية.
وتضمنت أهم أولويات الرئاسة المصرية للكوميسا 2021 – 2023 العديد من الأهداف من بينها تعزيز قدرة دول الكوميسا على الصمود أمام التحديات الدولية، وخاصة جائحة كورونا، وتعزيز سلاسل التوريد الإقليمية فيما بين دول الكوميسا، وتعظيم التكامل الصناعى، والتركيز على التعاون فى مجالات التحول الرقمى وربطها بالآليات التجارية، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية العابرة للحدود.
وخلال رئاسة مصر للكوميسا العامين الماضيين، بذلت الدولة المصرية جهدا كبيرا لمسه القادة الأفارقة، وعبرت موتالى نالومانجو، نائبة رئيس زامبيا، عن تقدير لكل الجهود التى بذلها الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال فترة تولى مصر رئاسة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الأفريقية «الكوميسا»، وقالت «نالومانجو» لـ«إكسترا نيوز» إن مصر قامت بعمل رائع خلال فترة وباء «كورونا» وخلال رئاستها للكوميسا، وأن دول الكوميسا لديها موارد طبيعية وبشرية قادرة على خلق بيئة جاذبة للاستثمار والتنافس، ودعت إلى تعزيز التعاون بين دول الكوميسا فى قضايا الأمن والأمن الغذائى، وأن تعزيز الاستثمارات بين دول الكوميسا سيمهد الطريق لجذب الاستثمارات الخارجية.
وأكد الاقتصاديون الأفارقة - فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط ـ أن مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى قمة الكوميسا تشكل قوة دافعة قوية للعمل الجماعى داخل الكوميسا فى ضوء الثقل السياسى والاقتصادى لمصر بالقارة الأفريقية وموقعها الجغرافى الفريد.
وعلى مدى سنوات ترى مصر أن أفريقيا يمكنها بالتعاون والشراكة أن تنجح فى دفع قدراتها واستغلال إمكانياتها، لتوطين الصناعات وخلق قيم مضافة تنعكس على اقتصادات الدول الأفريقية.