هناك ظواهر كثيرة تكشف عن الازدواجية والترصد فى تعامل بعض منظمات حقوق الإنسان الدولية فى القضايا نفسها، حيث تعيد منظمات التمويل الأجنبى الكلام فى تقارير قديمة وتعيد نشر بيانات خاطئة عن مصر، نفس هذه المنظمات تصمت أمام انتهاكات حية لحقوق الإنسان والإعلام فى تركيا مثلا، حيث نجد بعض المنظمات مثل العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش تنبش فى أوراقها القديمة، لتبحث عن أى معلومات قديمة وتعيد نشرها عن اختفاء قسرى فى مصر، بينما الأرقام والتقارير من سنوات سابقة وبعضها تم الرد عليها، كما أن هذه المنظمات بما يشير إلى أن الهدف من التقارير ليس الدفاع عن حقوق الإنسان، ولكن تبرير التمويل، وتحليل الأموال التى تحصل عليها.
هذه المنظمات تقريبا لم تلتفت إلى الحملات المنظمة للاعتقالات والتصفيات التى تشنها قوات وميليشيات رجب أردوغان ضد المعارضين الأتراك بحجة المشاركة فى الانقلاب، فضلا عن عمليات تنكيل ودهم واعتقالات وفصل من العمل لمئات الآلاف من الأتراك، والقبض على قضاة ومعلمين وضباط ومواطنين عاديين وإغلاق صحف واعتقال صحفيين لمجرد أنهم انتقدوا أردوغان أو ميليشياته، هذه المنظمات لا تتطرق من بعيد أو قريب لهذا، بينما تنشر أكاذيب حول مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن أردوغان يخطط لإعدام وتصفية منافسيه، بينما فى مصر شنت منظمات التمويل حملات هجوم دفاعا عن إرهابيين ثبت تورطهم بالصوت والصورة فى القتل والحرق والاغتيال والاعتداء على المنشآت، وهؤلاء ما تزال قضاياهم متداولة بالمحاكم.
وإذا كانت هذه المنظمات لها تبريرات تمويلية، فإن هناك كتابا ونشطاء يعيشون نفس الحال، ومنهم كتاب ذوو أسماء كبيرة لكنهم يتصاغرون بالانحياز الأعمى لمجنون إسطنبول، ويكفى أن تتابع مقالات الكاتب الكبير وهو يتباكى على أردوغان ويروج لمنع مقالاته، بينما يوزعها فى صحف قطر وتركيا، يصمت الكاتب الكبير أمام حالة الجنون والتسلط والقمع التى يخوضها زعيمه المفضل الذى يكاد يقترب من صور زعماء النازية والفاشية، وسوف تجد الكاتب الكبير دائما فى خندق الدفاع عن الإرهابيين والمتسلطين واللجان الثورية صامتا أمام حالة الجنون التى انتابت زعيمه رجب، ومثله مثل الناشط الذى يكتب بجهل مركب وهو يشير للتجربة التركية، وكل من هؤلاء النشطاء يحاولون جذب الأضواء لأفكارهم الفاسدة وآرائهم الخالية من العقل والمنطق، وإذا كان التربص فى تقارير المنظمات التمويلية مفهوما، يمكن أيضا فهم حالة الكاتب الكبير للبحث عن فتات بنشر مقالاته التى يزعم منعها فى صحف قطر وتركيا وإيران، بينما لا أحد منع له مقالا، وإنما يكتب فى صحيفة يخشى مالكها أن يتهم بتصفية حسابات لصالح أحد أقاربه.
نحن أمام ازدواجية تكشف عن مصالح، يتم تغليفها فى سياقات من المنع المزعوم، والنتيجة أن الكاتب إياه أصبح مفضوحا وهو يتجاهل جرائم أردوغان، ويفضل كعادة كل تنظيمات الدفاع عن الإرهاب الفرق بين مصالح بلده، ومصالح التمويل الملوثة بالدم.