المسلمون والمسيحيون فى مصر إخوة يتشاركون فى الأفراح والأحزان، ونحتفل اليوم بالذكرى الرابعة والستين لقيام ثورة 23 يوليو، وهناك حالة من التوتر العام فى الشارع المصرى بسبب بعض الحوادث التى أخذت شكلا بعيدا عن هذه الأخوة المعروفة، لكن ثورة يوليو حدثا مناسبا لتذكر كيفية التعامل داخل قطبى الشارع المصرى.
عندما قامت ثورة 23 يوليو لم يكن فى تنظيم الضباط الأحرار سوى عنصر قبطى وحيد هو ( شكرى فهمى )الضابط المسيحى الذى كان فى تنظيم الضباط الأحرار، وكان من جنده هو عبد الناصر نفسه، كان عضوا فى الصف الثانى من التنظيم وهو من مواليد 1919 وخريج دفعة 1942، وبعد الثورة شغل منصب مديرا للسجن الحربى وترقى لأركان حرب ثم شغل وظيفة فى جهاز التنظيم والإدارة، بينما تختلف الآراء حول عضوية كل من اللواء أنور عبد الله، والملازم واصف لطفى حنين والتى تشير بعض الأراء إلى مشاركته فى اللحظات الأخيرة من تحرك التنظيم.
وكان أول مطالب تم رفعها من جانب الأقباط جاءت عن طريق مقال تحت عنوان "الأقباط يطالبون بالمساواة والإنصاف عملاً لا قولاً" نشر بجريدة "المصرى" آنذاك، وجاء أغلب مطالب المقال حول مطالبة الأقباط بفصل الدين عن الدولة والسياسة ورفع القيود الصارمة المفروضة على بناء الكنائس وتمثيل الأقباط فى المجالس النيابية بعدد يتناسب مع تعدادهم الفعلى، وأن يصرح رسميا بإذاعة الشعائر الدينية يوم الأحد وعدم التفرقة فى الوظائف والترقيات والبعثات، إضافة إلى الجندية والبوليس، وأن تمنع الحكومة أى دعاية للتفرقة بين المسلمين والأقباط فى جميع الشؤون العامة.
وذكر كتاب "وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها المعاصر"، للراهب القمص أنطونيوس الأنطونى، أن أحد أعضاء قيادة الثورة صرح، فى برنامج تليفزيونى سنة 2012، بأن أعضاء قيادة الثورة وقيادة الجيش المصرى لم يكونوا متخوفين من موقف الملك فاروق بالتنازل عن السلطة والحكم بقدر ما كانوا متخوفين من موقف الأقباط بعد تنازل الملك عن الحكم لقيادة الثورة، وأن يطلب الأقباط الحماية من السفارات والقنصليات الأجنبية، خاصة البريطانية التى كان لها بعض فرق وجيش وقطع أسطول مرابض بجوار قناة السويس.
ويرى المفكر والكاتب سليمان شفيق، أن علاقة الأقباط بالثورة مرت بثلاث مراحل، الأولى كانت توجس وخوف بسبب عدم وجود أى من قيادات مجلس الثورة من الأقباط، بجانب غياب الأحزاب فقد كان الأقباط أغلبهم من المنضمين أو المؤيدين لحزب الوفد.
المرحلة الثانية بحسب رؤية "شفيق" مرحلة النضج والوعى، وهى المرحلة التى شهدت خروج نخبة قبطية جديدة أطلق عليه اسم "التكنوقراط"، بعيدة عن النحبة القديمة مثل مكرم عبيد، بجانب ظهور نية مجلس قيادة الثورة فى بناء دولة لجميع المصريين خاصة مع خروج عبد المنعم عبد الرؤوف المنتمى للإخوان المسلمين.
المرحلة الثالثة هى مرحلة العلاقة الحميمية وبدء الحوار بين عبد الناصر والأقباط، خاصة مع تولى البابا كيرلس السادس الكرازة المرقسية، حيث وصف "شفيق" تلك الفترة بالعصر الذهبى للأقباط.
وأكد الباحث والمفكر القبطى أن تلك الفترة لم تشهد أى حادث إطلاقا ضد المسيحيين، مؤضحا أن آخر حادث كان عام 1956 فى السويس، عندما قامت جماعة الإخوان بحرق كنيسية هناك، وعاقبهم عبد الناصر.
وكشف سليمان شفيق عن الدور البارز التى لعبته الكنيسة المصرية والبابا كيرلس فى أفريقيا بعد هزيمة 1967، أكد أن للبابا دور فى مقاطعة أكثر من 40 دولة لإسرائيل.
بينما يؤكد الكاتب الدكتور عاطف عدلى، صاحب دار أملى للنشر، أن الأقباط، لم يكن لهم دور يذكر فى قيام الثورة، وربما ذلك يرجع لوجود الإخوان المسلمين فى الصورة، مؤكدا أن العلاقة رغم أنها كانت فى البداية تتسم بالقلق لكنها تطورت بشكل كبير بعد أن أصبح البابا كيرلس بطريرك سنة 1959، مستشهدا بتبرع الزعيم الرحال جمال عبد الناصر، لبناء الكاتدرائية المرقسية .
بينما يرى الكاتب والمفكر القبطى كمال زاخر، أن الأقباط لم يكن لهم دور خلال الثورة سوى من خلال تنظيم سرى، كان دائم الاشتباك دينيا مع جماعة الإخوان المسلمين.