تتبع الدولة المصرية سياسة خارجية تحمل آفاق التعاون وترفع شعارات الشراكة، وترى أن أفريقيا بدولها ومواردها يمكنها فى حال تعاونت واتبعت سبيل التكامل أن تعيد صياغة اقتصاد منافس وقدرات على التنمية والتصنيع وخلق قيم مضافة، من هنا يمكن النظر إلى حرص مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى على المشاركة فى كل فعالية أفريقية، ومواصلة الدعوة إلى السلم وتوسيع التعاون وخفض التوترات والسير نحو بناء أسس اقتصاد منافس وقوى تتوفر إمكانياته البشرية والاقتصادية وتتطلب تعاونا لخلق آفاق تكامل اقتصادى ممكن.
وبالنظر إلى قمة السوق المشتركة لدول تجمع شرق وجنوب القارة الأفريقية «كوميسا»، فإننا أمام تجمع مهم يمكنه بناء تكامل اقتصادى فاعل، وقد أكدت دول الكوميسا ثقتها فى قيادة مصر على مدى عامين لذلك التكتل الذى يضم فى عضويته 21 دولة بإجمالى عدد سكان يتجاوز 583 مليون نسمة وناتج محلى إجمالى بقيمة 805 مليارات دولار، ويبلغ حجم تجارتها مع العالم الخارجى حوالى 324 مليار دولار، وهى أرقام يمكن مضاعفتها فى حالة التعاون والتكامل، ويؤكد الرئيس السيسى دائما وفى كل محفل أفريقى أن التنمية طريق للاستقرار وأن توفر الاستقرار وتقوية الدولة الوطنية يدعم التنمية ويقل من توترات المجتمعات.
وتتحرك مصر لتقوية الدائرة الأفريقية، التى تمثل ملفا مهما للسياسة الخارجية، القائمة على إحياء وتوسيع دوائرها الاستراتيجية العربية والإسلامية والأفريقية، ثم الدائرة المتوسطية، ومصر داخل هذه الدوائر بمثابة القلب والجسر الذى يربط هذه الدوائر، للتعاون والشراكات وتكامل الطاقة والتجارة والتصنيع.
وخلال أيام استضافت مصر مؤتمر صحة أفريقيا فى نسخته الثانية، ثم توجه الرئيس السيسى إلى قمة الكوميسا وسلم رئاسة القمة إلى زامبيا، ثم تحرك فى جولة أفريقية من زامبيا إلى كل من أنجولا وموزمبيق، حاملا رسائل السلام والتنمية، والشراكات والتعاون على المستوى الثنائى، وأيضا من أجل تنمية قارية أفريقية تضاعف من استغلال الموارد وتسعى لتوطين الصناعة، وتنشيط التجارة وتبادل الخبرات، بين الشركاء الأفارقة، وتدشين اتفاقيات جماعية مع شركات ومنظمات تجارية لأن هذا سيعود بالنفع على شعوب الدول الأفريقية.
فى زيارته لأنجولا، عقد الرئيس السيسى جلسة مباحثات مع الرئيس الأنجولى «چواو لورينسو» بالعاصمة الأنجولية لواندا، وجلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، الرئيس «چواو لورينسو» رحب بزيارة الرئيس إلى أنجولا فى إطار جولته الأفريقية، معربا عن اعتزاز أنجولا بأول زيارة لرئيس مصرى، ومثمنا الدور الفاعل للرئيس فى معالجة القضايا الأفريقية، لاسيما فى إطار جهود دفع عجلة التنمية بالقارة وصون السلم والأمن بها، وتطلع أنجولا للعمل مع مصر على مواجهة التحديات العديدة التى تواجهها القارة، من خلال تفعيل آليات العمل الأفريقى المشترك، خاصةً على صعيد الاتحاد الأفريقى، مؤكدا ضرورة العمل فى هذا الصدد على تطوير التعاون المشترك، لاسيما النواحى الاقتصادية والتجارية، فضلا عن الاستفادة من الإمكانات المصرية وخبرتها العريضة وتجاربها الناجحة فى العديد من المجالات منها تنمية البنية التحتية، وتشييد المدن الجديدة، والتصنيع الدوائى، وإنشاء مشروعات الكبارى والطرق، والسياحة.
الرئيس السيسى أعرب عن سعادته بزيارة أنجولا مؤكدا الأهمية التى توليها مصر إلى تعظيم التنسيق والتشاور مع الجانب الأنجولى، والرئيس «لورينسو»، فيما يتعلق بسبل تعزيز آليات العمل الأفريقى المشترك، سواء المؤسسية أو السياسية أو التنموية، بما يساهم فى تحقيق النمو والاستقرار الذى تصبو إليه الدول الأفريقية، وأعرب عن علاقات تربط مصر بأنجولا فى أبعادها المختلفة، خاصةً ما يتعلق بدعم جهود التنمية فى أنجولا عبر تقديم برامج الدعم الفنى وبناء القدرات لإعداد الكوادر الأنجولية، مشيدا على وجه الخصوص بوتيرة النمو الاقتصادى التى تشهدها أنجولا كأحد النماذج الناجحة فى القارة الأفريقية، وحرص مصر بزيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات بين البلدين، وتعزيز دور قطاع الأعمال المصرى فى السوق الأنجولية فى مختلف المجالات خلال الفترة المقبلة.
ومن أنجولا الى زامبيا وموزمبيق، حيث وصل الرئيس السيسى إلى مابوتو عاصمة موزمبيق، وهو أول رئيس مصرى يزور موزمبيق، ولهذا اعرب الرئيس الموزمبيقى فيليب نيوسى عن اعتزاز بلاده بهذه الزيارة كونها أول زيارة على الإطلاق لرئيس مصرى إلى مابوتو، مثمنا جولة الرئيس إلى عدد من الدول الأفريقية، والتى تعكس اهتمام مصر العميق بأفريقيا وحرصها على دعم أشقائها فى القارة، رئيس موزمبيق أعرب عن تطلع بلاده لتدعيم العلاقات بين البلدين، خاصةً على الصعيد الاقتصادى، وحرص موزمبيق على تشجيع الاستثمارات وتوفير كل التسهيلات اللازمة للشركات المصرية.
الرئيس السيسى أكد حرصه على زيارة موزمبيق فى جولته الأفريقية انطلاقا من تقدير علاقات تاريخية وأيضا دور موزمبيق المهم فى الجنوب الأفريقى، وتطلع مصر لأن تسهم هذه الزيارة فى فتح آفاق التعاون بين البلدين بما يحقق نقلة نوعية فى مستوى العلاقات الثنائية، والحرص المتبادل على تعزيز الشركات المصرية فى موزمبيق وتشجيع شركات جديدة على الاستثمار ، خاصة فى مجالات تطوير البنية التحتية والزراعة والاستزراع السمكى والصحة، مع مواصلة تقديم مختلف أوجه الدعم وبناء القدرات للأشقاء فى موزمبيق فى مختلف المجالات المدنية والعسكرية.
ولم تكن هذه هى الجولة الأفريقية الأولى للرئيس السيسى، بل سبقتها زيارات وجولات، واستقبال لزعماء أفريقيا فى القاهرة، تأكيدا على توسيع آفاق التعاون فى مجالات التنمية والبنية الأساسية والأمن والاستقرار.