حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاح مشروعات قرية الأبعادية الجديدة بدمنهور بالبحيرة، ثم المؤتمر الوطنى للشباب به رسائل مهمة وتوضيحات وردود مباشرة على أسئلة مطروحة لدى الناس حول الأولويات، والضرورات وتقييم ما تم من إجراءات ومشروعات كبرى فى الطاقة والطرق، والبنية الأساسية والتى مثلت أساسا للصناعة والزراعة والتعليم والصحة.
وأن امتلاك مصر لإمكانيات فى موانئ ضخمة وحديثة أو عاصمة إدارية هو ضرورة للاستثمارات والخروج من الوادى الضيق ومضاعفة جغرافيا مصر.
الإجابات قدمها الرئيس السيسى على أسئلة مطروحة، ضمن نقاش مفتوح ساهم فيه عدد من السياسيين وقيادات الأحزاب، وأمام حشود من الشباب، وطرحوا أفكارا بالفعل موجودة على مواقع التواصل أو فى الآفاق، وتوقيت وموقف الحوار الوطنى فى خلق نقاش حول المستقبل ورسم خرائط سياسية واقتصادية واجتماعية، وأكد أنه سوف يلبى مطالب الحوار الوطنى التى تم التوافق عليها، فيما يتعلق بسلطاته الدستورية والقانونية، وأن تتم إحالة أى مطالب أخرى إلى مجلس النواب، وهو ما حدث فى استمرار الإشراف القضائى على الانتخابات والمجلس الأعلى للتعليم، ووعد بالنظر فى قوانين الوصاية ومفوضية منع التمييز وغيرها.
وقال الرئيس إن المهم هو النظرة الشاملة وعدم تفتيت التفاصيل، أو تجاهل الأخطار والتحديات التى كانت معا وتتطلب تدخلا، وطلب تقييم التحديات التى واجهت الدولة بعد 25 يناير، وأنتجت واقعا سياسيا كاد يشعل حربا أهلية ويهدد الدولة وجوديا، وهو واقع أفرزته خيارات فى مرحلة سياسية ملتبسة، ولما جاءت 30 يونيو وتم إنقاذ الدولة والشعب، استمرت التهديدات والتحديات من الإرهاب والدم، بجانب تراكمات الأزمات فى البنية الأساسية والتهديدات الصحية والعشوائيات مع نقص الاحتياطى، كانت أزمة مزدوجة أو متعددة الأطراف.
فى إشارة إلى الواقع، عندما كان على المصريين أن يعبروا الكثير من الألغام، فالدولة واجهت إرهابا أدى إلى تفكيك دول وفقدان دول أخرى لتوازنها، مع وضع اقتصادى صعب، واحتياطى متآكل واستثمار هارب وبنية أساسية شبه منهارة، وعشوائيات تحيط القاهرة وتحزم المحافظات، وفيروس قاتل يأكل أكباد المصريين، وكهرباء مقطوعة، وأزمات فى الوقود والخبز، وبنية أساسية متهالكة، وبطالة، ومجتمع ينظر للمستقبل بخوف وتردد، وإقليميا دولة معزولة منكفئة على نفسها.
كان الاختيار هو «العمل» فى كل المحاور والاتجاهات فى وقت واحد، وإذا أردنا تقييم ما جرى يمكن أن نطرح السؤال العكسى: ماذا لو لم يتم العمل فى كل الملفات معا؟
فى ترتيب الأولويات لم يكن ممكنا تأجيل إطلاق الرئيس لمبادرة علاج وإنهاء الفيروس الكبدى «سى»، ليواصل الفيروس أكل أكباد المصريين على مدار عقود، المبادرة ساهمت فى علاج ملايين المرضى بالمجان، وتبعتها مبادرة «100 مليون صحة»، وبالتوازى معها كانت عملية انتشال سكان العشوائيات وإنهاء عار بدا مستعصيا على الإنهاء، ونتذكر صخرة الدويقة التى سحقت عشرات، وأحزمة تتسع حول الأحياء والمدن وتم إطلاق مبادرة رئاسية لنقل سكان العشوائيات إلى الأسمرات 1و2، وفى الإسكندرية غيط العنب وبشاير الخير، وغيرها، وتم نقل الآلاف من أحزمة العشوائيات، التى كانت تتسع، وتستمر ويتابعها الإعلام ويقف أمامها الناس يمصمصون الشفاه.
هل كان يمكن تأجيل بناء محطات الكهرباء العملاقة، التى نقلت مصر من الظلام إلى عصر تصدير الكهرباء، توازيا مع شبكة طرق عملاقة وكبارى ومحاور وأنفاق، ومدن صناعية وأخرى سكنية من الجيل الرابع، مع إسكان اجتماعى لمحدودى الدخل، فى حال عدم البدء فى هذه المشروعات معا؟! هل كان يمكن أن يتحمل المصريون البقاء فى الزحام والطرق المتهالكة ونقص الطاقة ؟! ونحن نتحدث عن التوسع فى الصناعة والزراعة.
وكانت مبادرات الرئيس طريقة تفكير خارج الصندوق لمواجهة المشاكل العاجلة التى لا تتحمل الانتظار، وهى مبادرات تكلفت كثيرا ولم يكن من الممكن تأجيلها، والأموال التى أنفقت عليها أنقذت أرواحا ووفرت تكاليف اقتصادية كانت تمثل نزيفا وخسائر مستمرة.
وبالرغم من أزمات كورونا وانعكاسات الحرب فقد كان إصرار الدولة على استكمال مبادرة حياة كريمة، وحق سكان القرى والتوابع فى أن يحصلوا على خدمات وجودة حياة.
بدأت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» بتكلفة 700 مليار جنيه لكن مع الوقت تضاعفت التكلفة، وتكلفت المرحلة الأولى 350 مليار جنيه، بما يشير إلى أن تكلفة المراحل الثلاث أكثر من تريليون جنيه، ومن المؤكد أنها أموال لبناء الريف ومنح أكثر من نصف المصريين حقهم فى التنمية وجودة الحياة.
الرئيس السيسى يتحدث طول الوقت عن الأسعار وجهود الدولة لتخفيضها، وانعكاسات الأزمة العالمية، والفجوة بين الاستيراد والتصدير، ووجود 150 منتجا يمكن إنتاجها وتوفيرها محليا بما يوفر من 25 إلى 30 مليار دولار سنويا، بجانب ما يوفره من فرص عمل وعوائد للمستثمرين، خاصة أن الدولة تقدم كل الدعم للصناعة من خلال مبادرة «ابدأ» لتطوير الصناعة ، ومنح إعفاءات للمشروعات البادئة.
الرئيس تحدث عن ضرورات فرضت نفسها على الدولة، وأن بناء الدولة يتطلب الكثير من التحمل، وأن بناء الدولة أمر ضرورى، وأن الحوار والتنوع مهمان مع نظرة شاملة تتجاوز النظرى إلى التعامل مع الواقع بتشابكاته وتعقيداته.