هناك شعور بأن الحوار الوطنى يتخذ كل يوم خطوة للأمام، سواء كان ذلك من حجم وشكل المشاركة الواسعة من كل التيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، أو حجم وشكل التنوع فى الآراء ودراسة التفاصيل المتعددة، للقضايا والموضوعات، والأهم هو بناء جسور ثقة بين كل الأطراف تسمح بالكثير من الخطوات على طريق رسم خرائط المستقبل، وجاءت تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاح مشروعات «حياة كريمة» ومؤتمر الشباب فى البحيرة والإسكندرية، لتؤكد الدعم والانفتاح من قبل الدولة على الجميع، وتقديم كل الدعم والاستجابة لمطالب الحوار الوطنى فيما يتعلق بالقضايا العاجلة، أو المطروحة على مائدة الحوار.
الرئيس أكد أنه سوف يلبى مطالب الحوار الوطنى التى تم التوافق عليها، فيما يتعلق بسلطاته الدستورية والقانونية، وأن تتم إحالة أى مطالب أخرى إلى مجلس النواب والجهات المختصة، وسبق واستجاب الرئيس لمطلبى مد الإشراف القضائى على الانتخابات والاستفتاءات، والمجلس الأعلى للتعليم، ووعد بالنظر فى قوانين الوصاية ومفوضية منع التمييز، وقانون تداول المعلومات.
ودعا الرئيس المشاركين إلى النظرة الشاملة وعدم تفتيت التفاصيل، أو تجاهل الأخطار والتحديات وحجم ما تحقق على مدى عشر سنوات، والواقع أن كثيرين ممن راهنوا على عدم استكمال الحوار أو عدم تحقيق نتائج، يجدون أنفسهم أمام حالة من المشاركة، وليس مجرد جلسات لتداول الكلام، بالطبع هناك قطاع ليست لديه رغبة أو حاجة فى أن ينجح أى نوع من الحوار أو التنوع، وهؤلاء ما زالوا يرددون نفس الكليشيهات على مدى شهور، ويحتفظون لأنفسهم بمكان يبحث عن «لايكات»، أو يردد كلاما جاهزا، هؤلاء بالطبع يحزنهم ما يتحقق.
ومن البداية قلنا إن الحوار الوطنى فرصة لإدارة التنوع فى المجتمع ومنح فرصة المشاركة للجميع وعلى مدى الشهور التالية لدعوة الرئيس هناك جسور للثقة تتسع بين الأطراف المشاركة فى حوار، تمثل مساحة لاستيعاب الآراء المختلفة، ظهرت ولا تزال آراء متنوعة على مواقع التواصل والفضائيات والبرامج والمواقع، وتصنع فرصة لتبادل الآراء، وآمل فى أن يكون انعقاد الحوار فرصة لبناء مزيد من الجسور، وطرح أسئلة صحيحة بحثا عن إجابات أو بناء جسور من التفاهم بين التيارات المختلفة.
الحوار يحمل قدرا كبيرا من الموضوعات الاجتماعية والاقتصادية، وتظل أهم خطوة فى الدعوة للحوار الوطنى أنها تفتح الباب لمناقشات وآراء متنوعة، وهذا فى حد ذاته يمثل نقطة إيجابية، ثم إن بناء الثقة وإقامة جسور بين الدولة والتيارات السياسية والمنظمات الأهلية، هى الأرضية التى يمكن أن تمهد لجمع الشمل والبناء على ما تحقق خلال السنوات الماضية.
بناء الثقة يسمح باتساع مجال التفاهم وتحديد نقاط أساسية، وبعد إقامة هذه الجسور يمكن أن تكون هناك مساحات للتفاهم والتحاور، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك خلافات بين التيارات السياسية والحزبية حسب توجهاتها، لكن نجاح الحوار هو قدرة كل هذه التيارات على تقبل بعضها، بحثا عن مطالب تحظى بتوافق، وأن تكون هذه التيارات مستعدة لتقبل الأسئلة، وامتلاك قدر من التواضع يسمح بالنقد الذاتى، وتقبل الاختلاف والتنوع بشكل يتيح نظرة إلى المستقبل.
وتثبت التجربة أن هناك تشابكا وتقاطعا بين الملفات والمحاور المختلفة، بجانب أن التجربة العملية والتفاصيل مهمة لأنها تنقل النقاش من الجانب النظرى إلى التطبيق على الواقع، وتتيح طرح بدائل أو الاختلاف فى التفاصيل، وأن هناك فرقا واضحا بين الكلام النظرى الذى يتم تداوله وبين التعامل مع قضايا عملية بتفاصيلها وعناصرها، وهو ما ظهر من خلال الجلسات، حيث تظهر قضايا لا تتعلق فقط بالعناوين وإنما تتطلب تداخلات وآراء فنية من خبراء أو مختصين، وهو ما يظهر فى التعليم والصحة وغيرها.
الأهم فى كل هذا هو وجود رغبة لدى المشاركين ودعم من الدولة، والجهات التى تبذل جهدا كبيرا، لإتاحة فرص النقاش الجاد، مع العلم ان الرئيس أكد منذ اللحظة الأولى أنه سيوقع على مطالب الحوار فيما يتعلق بسلطاته الدستورية والقانونية، وهو تأكيد على رغبة وتوجه نحو المستقبل، وربما يشجع هذا الجادين للمشاركة، إذا كان لديهم ما يمكنهم طرحه للمستقبل.