لم تتوقف مصر عن الدفع نحو أهمية وجود نظام عالمى متوازن ومتعدد الأطراف، ووجود مسؤولية دولية تجاه أزمات وقضايا العالم، خاصة الأزمات المستحدثة مثل كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وهى أزمات أنتجت انعكاسات اقتصادية ومالية أدت إلى تعقيد ديون الدول الفقيرة، وفى حال استمرار هذه التداعيات دون تدخل دولى مسؤول يمكن أن تنتج تأثيرات خطيرة تضاعف من مشكلات العالم الثالث، بما ينعكس على السلم الدولى وينتج العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية.
وفى كل فعالية دولية تحرص الدولة المصرية على المشاركة وطرح وجهات نظر دول العالم الثالث، ولا تتوقف عن الدفع نحو حلول وتعاون دولى ومسؤولية جماعية تجاه قضايا العالم الثالث.
تلبية لدعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يشارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى «قمة ميثاق التمويل العالمى الجديد»، ويعقد لقاءات مع القادة وكبار المسؤولين الدوليين، ويركز خلال القمة على ضرورة تقديم المساندة الفعالة للدول النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، مع أهمية دعم الدول النامية والأقل نموا، وتيسير نفاذها للسيولة اللازمة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للتحديات العالمية، خاصة تغير المناخ وجائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وما لحقها من أزمات للطاقة والغذاء وسلاسل الإمداد، ومن بين هذه التأثيرات السلبية ارتفاع التضخم العالمى لمستويات قياسية وتنامى إشكالية الديون بشكل خطير وامتدادها للدول النامية متوسطة الدخل بالإضافة إلى تضاؤل جدوى المعونات التنموية وتعاظم المشروطيات المقترنة بها.
ودعا الرئيس إلى صياغة الآليات المناسبة لتوفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة فى تلك الدول، وتعزيز الجهود الدولية لتيسير نفاذها إلى التدفقات المالية المطلوبة، فى ظل ما تعانيه هذه الدول من تحديات، نتيجة الأزمات العالمية المتصاعدة، والمساندة الفعالة للدول الفقيرة فى سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، بما فى ذلك التزام الدول المتقدمة بتعهداتها فى إطار اتفاقية باريس لتغير المناخ، وتوصيات القمة العالمية للمناخ بشرم الشيخ COP27، واستعرض الرئيس التجربة المصرية فى التعامل مع قضية تغير المناخ والتوسع فى استخدام الطاقة المتجددة، والرؤية المصرية التى تنتج فرص عمل وتوفر حياة كريمة للمواطنين.
فى كلمته بالقمة تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى باسم أفريقيا ودول العالم الثالث وأكد أن الواقع الجديد الذى نعيشه يفرض على الجميع التكاتف لتعزيز النظام متعدد الأطراف، ليصبح أكثر استجابة لاحتياجات الدول النامية، وأكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات مما يمكنها من مجابهة تحديات تغير المناخ التى لم نكن المتسبب الرئيسى فيها ولكن نحن الأكثر تضررا منها.
الرئيس السيسى أشار إلى أن النظام المالى العالمى شهد تطورات كبيرة، وأن أزمتى كورونا وأوكرانيا أثرتا سلبا على عدة مسارات، وأن مصر أعدت خطة لإدارة الديون بشأن التنمية المستدامة وكذلك خطوات جادة لمكافحة آثار التغيرات المناخية، داعيا إلى اتخاذ قرارات سريعة تحول دون أزمة ديون كبرى، وتطوير سياسات بنوك التنمية لتعظيم قدراتها، واستحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل، فضلا عن التوسع فى مبادلة الديون من أجل الطبيعة، وأهمية تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعظيم قدرتها على الإقراض، وتيسير نفاذ الدول النامية، وتعزيز الحوار بينها وبين وكالات التصنيف الانتمائى، لزيادة قدرتها على الإقراض دون المساس بتصنيفها، علما بأن المجتمع الدولى توافق خلال قمة شرم الشيخ على المطالبة بالكثير من تلك الإصلاحات.
الرئيس السيسى لخص فى مداخلته مطالب الدول النامية، وضرورة وضع سياسات دولية أكثر عدالة وتفهما للأزمات وانعكاساتها على دول العالم الثالث وأهداف التنمية.