«إذا لم يجد الناس فى أفريقيا الأمل وفرصة للحياة سيتحركون فى اتجاه من يملك هذه الفرصة، والفرصة موجودة فى أوروبا»، كانت هذه هى كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام الجلسة الختامية للقمة الدولية «ميثاق التمويل العالمى الجديد»، التى اختتمت فعالياتها بالعاصمة الفرنسية باريس، وقال إن أكثر من 27 ألف إنسان غرقوا طوال هذه المدة أثناء الهجرة غير الشرعية فى المتوسط.
كلمات الرئيس ليست تهديدا لأوروبا، لكنها تذكير بأهمية وجود سياقات وتعاون دولى من الدول المتقدمة للتنمية فى أفريقيا، بالشكل الذى يمكن شعوبها من إنجاز تنمية تلبى حاجات شعوبها، وأن هذا ليس نوعا من المساعدة، لكنه حقا لأفريقيا، خاصة أن الرئيس أعاد تذكير أوروبا والدول الصناعية بضرورة الوفاء بتعهداتها أمام مؤتمر الأطراف 21 فى باريس فى ديسمبر 2015، وأشار الرئيس السيسى، إلى أنه كان موجودًا فى باريس خلال قمة المناخ عام 2015، كانت هناك قوة دفع كبيرة فى مؤتمر المناخ، وخصص وقتها 100 مليار دولار من جانب الدول المتقدمة، مساهمة منها، وسيتم تكرار الرقم سنويًا لصالح تغيرات المناخ، وتساءل الرئيس: لو كنا نفذنا خطة الـ100 مليار لمدة السبع سنين الماضية لمواجهة تغير المناخ كانت النتائج ستختلف.
ولا تتوقف مصر عن طرح وجهات نظرها تجاه أهمية أن تكون هناك مواقف من الدول الكبرى لدعم الدول الأفريقية والتنمية بها باعتبار هذا يمثل جزءا من السلم والأمن الدوليين لأن أى اضطرابات أو اختلالات تعانى منها أفريقيا، تنعكس بالسلب على حياة البشر فى القارة وتمثل عوامل طاردة، ودافعة للهجرة غير الشرعية، فضلا عما يسببه عدم الاستقرار من خطر يمكن أن يتسع.
فيما يتعلق بالمطالب الأفريقية من الدول الكبرى، والولايات المتحدة الأمريكية، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أهمية تطوير الشراكة بين أفريقيا والدول الكبرى، بما يساعد على إيجاد حلول ترفع عن شعوبنا عبء الأزمات المُتتالية، وتُسهم فى تأمين مستقبل أفضل لها، داعيا إلى تعاون عالمى لمواجهة الجوع باعتباره قضية دولية، بعد زيادة عدد من يعانون من ضعف الأمن الغذائى حول العالم إلى 800 مليون شخص، وأن أفريقيا - وحدها - تضم ثلث هذا الرقم.
ودعا الرئيس - خلال كلمته أمام القمة «الأمريكية الأفريقية» فى ديسمبر الماضى - إلى مراعاة تأثير الأزمات الدولية على اقتصادات دولنا، لا سيما الدين الخارجى، وهو ما يفرض وضع آليات لتخفيف عبء الديون عبر الإعفاء أو المُبادلة أو السداد المُيسر، مع تكثيف الاستثمارات الزراعية الموجهة إلى أفريقيا لتطوير القدرات الإنتاجية والتخزينية لدولها عبر توطين التكنولوجيا الحديثة بشروط ميسرة، والحفاظ على انفتاح حركة التجارة العالمية، وأن توفر اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية إطارا لتعزيز التكامل بين دول القارة، داعيا الدول الكبرى للتعامل مع منظور المسؤولية لمواجهة أزمات الجوع فى العالم وأفريقيا بشكل خاص، من خلال مضاعفة التحرك نحو دعم الإنتاج الزراعى والتنمية.
وترى مصر أن أزمتى كورونا وأوكرانيا أثرتا سلبا على عدة مسارات، وأن مصر أعدت خطة لإدارة الديون بشأن التنمية المستدامة وخطوات جادة لمكافحة آثار التغيرات المناخية، فى قمة المناخ 27 وقبلها، داعيا إلى اتخاذ قرارات سريعة تحول دون أزمة ديون كبرى، وتطوير سياسات بنوك التنمية لتعظيم قدراتها، واستحداث آليات شاملة ومستدامة لمعالجة ديون الدول المنخفضة ومتوسطة الدخل، فضلا عن التوسع فى مبادلة الديون من أجل الطبيعة، وأهمية تطوير سياسات وممارسات بنوك التنمية متعددة الأطراف، لتعظيم قدرتها على الإقراض، وتيسير نفاذ الدول النامية، وتعزيز الحوار بينها وبين وكالات التصنيف الائتمانى، لزيادة قدرتها على الإقراض دون المساس بتصنيفها، علما بأن المجتمع الدولى توافق خلال قمة شرم الشيخ على المطالبة بالكثير من تلك الإصلاحات.
وأمام قمة ميثاق التمويل بباريس بالجلسة الختامية أشار الرئيس السيسى، إلى أنه عندما تولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى شارك القادة الأفارقة فى قمم مع اليابان والصين والهند وروسيا وبريطانيا من أجل التعاون الاقتصادى بين القارة، بظروفها الصعبة، وبين الدول المتقدمة والصناعية الكبرى، وأن هذا التعاون له شقان، الأول على الدول المتقدمة عليها أن تقدمه، والثانى على دول أفريقيا تقديم ما عليها وأن لديها إرادة لإنجاز هذا التعاون.