مدبولى: هناك توافق على ضرورة وضع تصور شامل لمنطقة المقابر وحل مشكلة المياه الجوفية التى اضطرت العديد من الأسر لنقل رفات موتاها إلى أماكن بديلة
مدبولى:نقوم بتوفير بدائل إنسانية ودينية بحيث تراعى حرمة موتانا وهو ما تقوم الدولة به حاليا
مدبولى:الأماكن التى لا تصلح للدفن هناك تصور بإقامة حدائق ومتنزهات حضارية عليها أو مجموعة من الطرق والخدمات لا تشمل إقامة أى مبان
أدلى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، بتصريحات صحفية، على هامش جولته بمنطقة المقابر بصلاح سالم، التى جاءت فى إطار تنفيذ تكليفات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعى، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التى أفضت إلى مخطط التطوير، وعرض الرؤية المتكاملة لخطوات بدء تنفيذ "مقبرة الخالدين" لرُفات عظماء مصر.
وحضر المؤتمر الصحفى كل من الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، واللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، واللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، واللواء أحمد عزازى، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وعدد من المسئولين المعنيين.
وفى مستهل تصريحاته، قدم رئيس الوزراء التهنئة للشعب المصرى العظيم بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك، مشيرا إلى أنه يقوم اليوم بصحبة عدد من الوزراء والمسئولين بجولة كبيرة فى منطقة القاهرة التاريخية والإسلامية لتفقد العديد من المشروعات التى تنفذها الدولة حاليا فى هذه المنطقة، وقال: بدأنا جولتنا اليوم من منطقة المقابر، مشيرا إلى التكليفات الرئاسية فى هذا الشأن والتى تتضمن تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، وتضم فى عضويتها الوزراء والمحافظ، والهيئة الهندسية، وممثلى جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، وعدد من الخبراء؛ لمناقشة القضية التى أثير حولها الكثير من الجدل بشأن نقل المقابر وبعض المناطق فى المقابر، وكيفية وضع تصور فى إطار التنمية الحضرية التى نقوم بتنفيذها لمدينة القاهرة.
وفى هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى حرصه على اصطحاب الإعلاميين والصحفيين فى هذه الجولة التى تشمل عددا من المناطق التاريخية التى أكد أنه يعرفها جيدا قبل توليه المسئولية بحكم الخبرة الفنية، والكل يعلم أن هذه المنطقة منطقة صعبة للغاية، لافتا إلى مشكلة المياه الجوفية ومستواها الذى وصلت إليه حاليا فى المقابر، قائلا: على الشعب المصرى أجمع أن يتخيل أن موتانا ورفاتهم، والذين لهم كل التبجيل والاحترام، فى منطقة وضعها هكذا، فهذه النقطة لها قدسية شديدة لدى نفوسنا جميعا، وبعض الأشخاص بدأوا يتعاملون مع هذه المشكلة عند القيام بدفن موتاهم من خلال التحايل على هذه المشكلة عن طريق الصعود بسلالم خشبية للدفن فوق مستوى سطح الأرض، تفاديا للمياه الجوفية، إلا أن المشكلة بدأت تتفاقم للغاية بشكل غير مقبول لا من الناحية الدينية ولا من الناحية الأخلاقية أو الإنسانية، أن نترك المكان بهذه الصورة.
وفى السياق ذاته، أوضح الدكتور مصطفى مدبولى أننا بدأنا نتحرك فى رؤية محددة انطلاقا من مشروع تطوير القاهرة التاريخية نفسه، لافتا إلى أن هذا الموقع على بعد أمتار قليلة من متحف الحضارة والمنطقة الكبيرة التى تم تنفيذها حول بحيرة عين الصيرة والمتنزه الحضارى الكبير، بجانب المشروع الجارى تنفيذه المتمثل فى حدائق "تلال الفسطاط"، ولهذا لم يكن من المتصور أن نترك هذه المنطقة بهذه الصورة، ناهيك عن الجوانب الأمنية والممارسات غير المقبولة التى قد تتم فى هذه المنطقة، ولذا كان هناك توافق كبير على ضرورة وضع تصور شامل لهذه المنطقة، وحل مشكلة المياه الجوفية، التى اضطرت العديد من الأسر لنقل رفات موتاها إلى أماكن بديلة، كما اضطرت البعض الآخر للالتفاف حول المشكلة بالصعود عن مستوى الأرض.
وأكد رئيس الوزراء أن هذه الحلول ليست هى الحلول المُثلى، مذكرا بتعامل الدولة مع المناطق غير الآمنة وما تم فيها، وما أثير حولها من جدل ونقاش أيضا فى ذلك الوقت، وقال: نحن نقوم هنا على نفس الغرار بتوفير بدائل إنسانية ودينية، بحيث تراعى حرمة موتانا، وهو ما تقوم الدولة بتوفيره حاليا على الطرق السريعة، حيث بدأت بالفعل فى إعداد حصر بالأراضى، وهناك أكثر من 20 ألف مقبرة تم إنشاؤها وجار استكمالها خلال الأشهر القليلة المقبلة؛ لكى تكون بديلا لنقل الأماكن التى تيقنا أنها لا تصلح للدفن بها، وهى نقطة مهمة يجب التأكيد عليها.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولى أنه فيما يخص الأماكن التى لا تصلح للدفن، فهناك تصور بإقامة حدائق ومتنزهات حضارية عليها، أو مجموعة من الطرق والخدمات لا تشمل إقامة أى مبان، بحيث تعمل شبكة الطرق التى ننفذها على حل مشكلة الاختناقات المرورية داخل العاصمة، مؤكدا أنه ليس بوسعنا أن نقوم من الناحية الدينية بتنفيذ أى حلول أخرى، مجددا التأكيد أيضا أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نترك مثل هذه الأماكن التى تقع فى قلب القاهرة بمشكلاتها كما هى دون تطوير وإيجاد حلول لها، والتغلب على مشكلة المياه الجوفية التى نتجت عن طبيعة المنطقة بسبب وجود بحيرات وانخفاض المنطقة نفسها مما يعمل على تجميع المياه بها، الأمر الذى يصعب معه التعامل مع هذه القضية، ولذا فرؤية الدولة وما أكد عليه فخامة السيد الرئيس فى هذا الشأن، من ضرورة أن يعى الجميع حجم هذه الأزمة.
وقال رئيس الوزراء: يتمثل التصور الحالى فى نقل المقابر التى أصبحت غير صالحة للأنشطة الأصلية التى أنشئت من أجلها، إلى مناطق أخرى "إنسانية"، لنعيد تشكيل هذه المنطقة بما يخدم هدف "إضافة مناطق خضراء" للقاهرة.
وتساءل الدكتور مصطفى مدبولى باستنكار: هل رأينا مقبرة الزعيم الخالد أحمد عرابى الذى درسنا إنجازاته فى كتب التاريخ؟، وهل يُعقل أن أحد أهم زعماء مصر تكون مقبرته بهذا الشكل؟، معقبا بقوله: من هنا كان توجيه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بضرورة إقامة منطقة كبيرة تُسمى "مقبرة الخالدين"؛ لنُعلى من شأن زعمائنا الذين ضحوا من أجل الدولة المصرية على مدار العصور المتعاقبة، بحيث تكون تلك المنطقة بمثابة مُجمع يذهب إليه المواطنون للاطلاع على تاريخ هؤلاء الزعماء ومعرفة حجم ما قدموه للدولة.
كما أكد رئيس الوزراء أن توجيه فخامة الرئيس تضمن أن يكون ذلك المكان مُصمما على أعلى مستوى وبشكل حضارى ليجمع كل الخالدين وزعماء الوطن، ويكون مزارا لنا جميعًا نفخر به ونرسخ من خلاله تاريخنا، ويمثل أيضًا جزءًا من رفع كفاءة القاهرة القديمة.
وفى إطار حديثه عن أن هناك بعض المقابر القديمة ذات الشكل التراثى والحضارى، لفت الدكتور مصطفى مدبولى إلى أن بعض تلك المناطق لم يدخل فى نطاق التطوير لكنها من المتوقع أن تنهار فى غضون شهور قليلة، مستعرضا مثالا لإحدى المقابر التى نشب بها حريق أسفر عن التأثير على واجهتها.
وأوضح رئيس الوزراء أنه توجد بدائل مطروحة بالنسبة للمقابر التى لن يتم نقلها أو إجراء أى نوع من التطوير بها، ومن بين تلك البدائل عمل تطوير للمقبرة نفسها كواجهة، وسيكون ذلك التطوير من قِبل الدولة التى ستنفق عليه بدلا من صاحب المقبرة أو الأسرة، حيث أنه من الواضح أن هذه المقابر تم هجرها أو من الممكن أن يكون الأحفاد نقلوا مقابرهم إلى مناطق أخرى وأصبح المكان متروكا بهذا الشكل، مشيرا أيضا إلى أنه يمكن نقل مفردات حوائط المقبرة وواجهتها مع المنطقة المجمعة التى تشمل سواء مقبرة الخالدين أو حتى المقابر ذات القيمة.
وقال رئيس الوزراء: خلال جولتنا قمنا بالدخول إلى بعض المقابر ووجدنا أن المدفن نفسه أقيم بالطريقة التى كان يتم تنفيذها من 150 عاما فوق الأرض وتم استخدام الرخام فى إقامتها، إلا أن المياه تسربت إليها وأدت إلى انهيار المقبرة، وأشار إلى أن بعض شواهد القبور يمكن نقلها إلى مستوى لائق بها، بحيث نقوم بتجميع رفات الزعماء الذين كان بعضهم يتولى المسئولية ضمن قيادات الجيش المصرى فى وقت من الأوقات خلال القرن التاسع عشر؛ ولذا فيجب أن نحافظ على قيمتها وعظمتها ونقلها إلى أماكن يستطيع المواطنون من خلالها أن يروا الجمال الذى كانت عليه المقبرة.
وتابع رئيس الوزراء فى السياق نفسه: فى ضوء ذلك، توجد حلول وبدائل كثيرة، إما تطوير ذات المكان طالما أنه بعيد عن خطة التطوير، أو نقل أهم المفردات المعمارية والتراثية والزخرفية الموجودة ليتم وضعها فى مكان آخر للعرض المتحفى، وهى البدائل التى نرغب فى تنفيذها، حيث أن الدولة تولى الاهتمام الشديد بتطوير القاهرة التاريخية مثل منطقة سور مجرى العيون ومنطقة المدابغ ومناطق القاهرة التاريخية والإسلامية التى نقوم بتطويرها.
وخلال تصريحاته أيضا، واصل رئيس الوزراء التأكيد على حرص الدولة على الحفاظ على القاهرة القديمة وتاريخها لأنه تاريخ نفخر به جميعا، وأنه لا يمكن أن يكون هناك أى نية أو رغبة لتدمير هذا التراث على الإطلاق، ومن الوارد أن يكون هناك وجهات نظر متعددة فى هذا الشأن، ولذا فكان توجيه السيد الرئيس بتشكيل لجنة من الخبراء والمختصين لوضع سيناريوهات مختلفة وبدائل للتعامل مع بعض المناطق لأن هناك مناطق ليس عليها جدل أو خلاف، إلا أن الجدل كان على مناطق بعينها يتطلب مقترحات الخبراء، مشيرا إلى أن الحكومة تطلع على كل آراء الخبراء ومقترحاتهم وطلباتهم فى هذا الملف، ولابد أن يكون هناك بعض التصورات إزاءها وطرح بعض الحلول البديلة، ومن خلال الاجتماع بالمسئولين والخبراء سندرس كل البدائل حتى نصل إلى تصور يحقق الهدف من عملية التطوير بقدر الإمكان.
وفى ختام تصريحاته، لخص رئيس مجلس الوزراء ما أكده من حيث أن هذا المشروع الكبير، الذى يتم تنفيذه حاليا، يأتى على غرار ما تم تنفيذه فى المناطق غير الآمنة، من منطلق أن مثل هذه المناطق بهذه الصورة غير اللائقة وغير الإنسانية لابد من تطويرها ضمن عملية تطوير القاهرة القديمة وقال: مثلما أنشأنا العاصمة الإدارية الجديدة نطور القاهرة القديمة لتكون على أعلى مستوى، ولابد من أن نرفع كفاءة هذه المناطق ويعاد لها الوجه الحضارى المعهود لها.