تنطلق الدولة المصرية فى بناء سياستها الخارجية من مصالحها ومصالح شركائها القاريين والدوليين، وتوزيع العوائد والفرص، وطرح مبادرات للتعاون فى مواجهة التداعيات المختلفة للتحولات الدولية على الاقتصاد، وتسعى مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى إلى بناء علاقاتها مع مراكز النمو الاقتصادى والتجارب الناشئة والمتقدمة فى الاقتصاد، بما يضمن فرصا عادلة متكافئة لكل الأطراف، وأيضا تبادل الخبرات والفرص بالشكل الذى يمكن كل الأطراف من تحقيق أهدافها فى التنمية والتقدم.
من هنا تأتى أهمية زيارة رئيس وزراء الهند ناريندرا مودى، إلى مصر، والتى تحمل الكثير من الأهمية وتأتى ضمن شراكة استراتيجية وتعاون اقتصادى بين مصر والهند، فى مجالات متعددة، وهى علاقات تتطور بشكل كبير.. رئيس وزراء الهند التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتم الإعلان عن اتفاقات ومذكرات تفاهم، واتجاه لتوسيع التعاون والشراكة بين البلدين اللذين تربطهما علاقات تاريخية.
زيارة رئيس وزراء الهند تأتى تزامنا مع مرور 75 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الهندية المصرية بين البلدين، وفى يناير الماضى زار الرئيس عبدالفتاح السيسى الهند ضيفا فى عيد الجمهورية بالهند، وخلال الزيارة تم الإعلان عن ترفيع علاقات البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو ما تم تأكيده أثناء زيارة رئيس الوزراء الهندى لمصر ولقائه مع الرئيس، والمؤتمر المشترك الذى تؤكد فيه مصر والهند استمرار تطوير العلاقات الثنائية فى المجالات التجارية والصناعة والتكنولوجية.
ويبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين نحو 7 مليارات دولار، إلى جانب وجود فرص حقيقية لزيادة حجم التبادل التجارى خلال السنوات الخمس المقبلة وصولا إلى 12 مليار دولار، على نحو ما تم الاتفاق عليه خلال اللجنة المشتركة للتجارة والتى عقدت فى يوليو 2022.
وقد أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولى، اهتمام مصر بتعميق التعاون مع الهند فى مجال التعليم العالى، والرعاية الصحية وإنتاج الأدوية، خاصة فيما يتصل بتعاون إحدى الشركات الهندية مع شركة «فاكسيرا» المصرية، لإقامة مصنع لإنتاج اللقاحات بمدينة السادس من أكتوبر، وتبدى الشركات الهندية العاملة فى مجال الطاقة المتجددة رغبة للاستثمار فى مصر، وخاصة فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتأكيد استعداد الحكومة المصرية للتعاون مع تلك الشركات وإمدادها بالبيانات الضرورية للانتهاء من الدراسات والإجراءات اللازمة لبدء تنفيذ مشروعاتها فى مصر، وتأكيد وجود العديد من المجالات والفرص التجارية والاستثمارية الإضافية للتفاعل بين مجتمعى الأعمال فى البلدين.
مصر تتطلع لإرساء علاقة استراتيجية بين البلدين فى مجال تبادل السلع الاستراتيجية، لا سيما ما يتعلق بأن تصبح الهند إحدى الدول الأساسية فى توريد القمح إلى مصر.
وأعلن «مدبولى» عن قرب تسيير شركة مصر للطيران رحلات جوية مباشرة بين القاهرة ونيودلهى، علاوة على رحلاتها القائمة بين القاهرة ومومباى، وأعرب عن ثقة مصر فى رئاسة هندية نشطة لمجموعة العشرين، تسهم فى احتواء التداعيات السلبية للتوترات الدولية على الاقتصاد العالمى، واستعداد مصر للتعاون مع الرئاسة الهندية لدفع المحادثات فى الاتجاه البنّاء، وبما يتيح التوصل لطُرُق مُثلى للتعاطى مع أزمات الطاقة، وتغير المناخ، ونقص الغذاء، والحصول على التمويل للدول النامية.
رئيس وزراء الهند ناريندرا مودى، اعتبر مصر من الأصدقاء الحقيقيين وشريكا مهما للهند، وعلى الرغم من ظروف الجائحة والتوترات العالمية، يتزايد التعاون بيننا فى المجال الاقتصادى ويمضى البلدان قدمًا لتحقيق مستهدفات التبادل التجارى المشترك بقيمة 12 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وأن الهند كذلك مصدر مهم للاستثمارات الأجنبية بالنسبة لمصر، وفى آخر 6 شهور فقط، استثمرت الشركات الهندية نحو 170 مليون دولار فى مصر، وأن العديد من الشركات الهندية تستثمر فى مجالات الهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية.
وأضاف رئيس الوزراء الهندى: مصر والهند حضارتان عظيمتان، ويجب أن يرى العالم حضارتنا وتراثنا المشترك الممتد عبر آلاف السنين، وهذا سيمكننا من توثيق علاقات شعبينا بشكل أكبر.
الزيارة التى يقوم بها رئيس وزراء الهند وقبلها زيارة الرئيس لبلاده، تؤكد على أهمية تنويع العلاقات وتطوير الشراكات الاقتصادية بما يضمن مصالح الطرفين، ويمكن الاقتصاد من التطور فى ظل تحولات كبيرة.