أكرم القصاص يكتب.. الحج.. دعوة إبراهيم للناس والأنبياء ومحمد فى العالمين

لكل منا تجربته مع الحج والعمرة، وبالرغم من أن الحج فريضة لكنها تلزم من استطاع إليه سبيلا، وأهم ما تقدمه هو وحدة البشر والمساواة والعدالة، ملايين الحجاج ينشغلون كل بنفسه وأهله وأصدقائه وكل من يرد على ذهنه، من بين الملايين يبقى الحجاج بفطرتهم عجائز وشيوخ، يطوفون ويدعون ويبكون تأثرا ورهبة، يطوفون ويسعون ومنهم من يعتبر الحج نهاية المطاف ومتعة العبادة، مع ثقة فى أن الله سيغفر لهم ويستجيب لدعائهم لأنفسهم وكل من يحملهم أمانة الدعاء. على مدى سنوات فى كل عمرة أو حج، تأتى الواحد منا رسائل، مرات كثيرة فى الطواف والمسعى وعلى عرفات، ألمح أطيافا لبعض الراحلين، أبى، أمى، إخوتى، عمى، خالى، بل إننى ألمح أصدقاء أحياء لا يكون الواحد منهم فى الحرم. كثيرون يطلبون منك الدعاء لهم، كل منا يفعل ويعتبر الطلب مسؤولية، وألتزم بالدعاء لمن طلب ومن لم يطلب، لأصدقاء ومعارف يردون على ذهن الواحد فجأة يدعو لهم كأن هناك من يلقنك، كل من يظهر على الخاطر أدعو له، وبعضهم مختلفون أو بعيدون. الثقة فى الاستجابة تحقق الدعاء، وأظن أن الحج فريضة على المسلمين، لكنها من أجل الجميع، فالذين يقفون أمام الكعبة أو يسعون بين الصفا والمروة، أو يقفون على جبل عرفات، يشاركون الجميع فى دعائهم، الله هو رب الجميع، حتى هؤلاء الذين لا يؤمنون به، يرزق الجميع ويغفر لهم بقدرة الله وليس بإرادة البشر. من هنا أدعو لأصدقاء وكل من يطلب، ومنهم من يختلف فى المذهب أو حتى الدين، ليقين بأن الله هو رب الإيمان، مهما تنوعت الأديان، ومن يعتقد فى تحقيق دعائه بشفاء أو توفيق، يثق فى رحمة الله التى وسعت كل شىء. الحج رسالة للبشر جميعا، ممن يؤمنون بأن إبراهيم أبو الأنبياء، والذى تزدحم رحلته بالكثير من الحكم والعظات والآيات، فى الشك واليقين، فهو الذى اعتقد الكوكب والقمر والشمس أربابا، قبل أن يصل إلى يقين بأنه لا يحب «الآفلين» وأن الله إله العالم، وهو الذى سأل «رب أرنى كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى»، وهو الذى أسكن ذريته بواد غير ذى زرع، ويترك إسماعيل مع أمه هاجر عند البيت العتيق، تهرول بحثا عن الماء ويتفجر زمزم تحت قدم إسماعيل، ويعود والذى يقدمه تلبية لمنام إلى الذبح، قبل أن يفديه الله بهدى عظيم، كأنما الهدف كله أن يتيح للأحفاد مناسك الحج كله. إبراهيم أبو الأنبياء ونبى الأسئلة والآيات التى تشير إلى وحدة البشر وتنوعهم إلى أمم وقبائل وآراء ومذاهب وأديان للتعارف والتآلف. الحج رسالة إبراهيم إلى العالم، بكل ما فيه من عقائد وأديان، يطوف الحجاج ويسعون ويقفون على عرفات ليذكروا الله، ويقال إن عرفات هو الجبل الذى نزل عليه آدم وحواء، هو جبل التعارف والمعرفة ورسالة الله للمسلمين يدعون الله من أجل حاجاتهم. الملايين من بلاد وفئات وألوان ومذاهب وثقافات وطبقات من كل أركان الدنيا، رجل وامرأة غنى وفقير سنويا على مدى قرون، من الكعبة إلى عرفات، فى ثوب بسيط يستعيدون تجربة هاجر تبحث عن الماء، وإبراهيم يضحى لله، يولد الحج وعيد الأضحى، وسط دعوات الملايين تتوحد قلوب الحجاج مع تنوعهم متساوون كأسنان المشط يحجون ويدعون بلا تفرقة لأن الدنيا تتسع للجميع، والتقوى فى التسامح وأن الاختلافات بين البشر لا تعنى العداء بين أنصار العقيدة الواحدة، أو مع أصحاب العقائد الأخرى، ليبقى عيد الأضحى عيدا للصبر والسعى والأمل، وتكريما لأبى الأنبياء إبراهيم ودروسه فى لتضحية والامتثال، فريضة حملها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. رسالة للسلام والوحدة والقلوب التى تتحد معا قلبا واحدا من الكعبة إلى عرفات، دعوة إبراهيم ورسالته لكل الأنبياء، ومحمد فى العالمين.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;