سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 3 يوليو 1798.. اكتمال احتلال الفرنسيين بقيادة نابليون بونابرت للإسكندرية وسقوط بين 700 و800 سكندرى بين شهيد وجريح

نزل جنود الحملة الفرنسية إلى غرب الإسكندرية ليلة 2 يوليو 1798، وزحفوا على المدينة فاحتلوها، بعد شهر ونصف الشهر من إقلاع الحملة بقيادة نابليون بونابرت من طولون يوم 10 مايو 1798، ووصلت اتجاه الإسكندرية أول يوليو 1798، حسبما يذكر عبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر». يؤكد «الرافعى» أن الإسكندريين - بقيادة محمد كريم حاكم المدينة - بذلوا ما فى مقدروهم دفاعا عن المدينة فحصنوا الأسوار وشحنوا القلاع بالميرة والذخيرة، وحمل القادرون منهم السلاح، وركبوا المدافع العتيقة على أسوار المدينة استعدادا للكفاح، وعهدوا إلى جماعة من الفرسان مناوشة القوات الفرنسية قبل اقترابها، فحدثت مناوشات بين الفرنسيين والعرب ارتد على أثرها العرب جنوبا، وتابع الفرنسيون زحفهم على المدينة. يضيف الرافعى، أن الأهالى احتشدوا يحملون السلاح على الأسوار وفى الأبراج التى تتخللها، فلما اقترب الجيش الفرنسى وقبل أن يبدأ هجومه صعد نابليون على الربوة المقام عليها عمود السوارى، وشاهد أسوار المدينة ومآذنها وقلاعها، ورأى الأهالى محتشدين بأعلى الأسوار مشاة وركبانا، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، ومعظمهم مسلحون بالبنادق والرماح، فأصدر أمره بالهجوم العام، فأطلق الأهالى النار من المدافع المركبة على الأبراج والأسوار إطلاقا من غير إحكام، وأحاط الجنود أسوار المدينة وهاجموها من ثلاث جهات. اقتحم الجنود الأسوار ودخلوا المدينة ووصلوا إلى الجهة المسكونة منها، وهاجموا الناس فى بيوتهم فدافع هؤلاء عن أنفسهم وأطلقوا الرصاص من البيوت على المهاجمين، وكاد نابليون يصاب برصاصة قاتلة لولا الحظ الذى نجاه من الموت، وينقل الرافعى عن «بوريبن»، سكرتير نابليون الخاص، قوله: «دخل نابليون المدينة من حارة لا تكاد لضيقها تسع اثنين يمران جنبا لجنب، وكنت أرافقه فى سيره، فأوقفتنا طلقات رصاص صوبها علينا رجل وامرأة من إحدى النوافذ، واستمرا يطلقان الرصاص فتقدم جنود الحرس وهاجموا المنزل برصاص بنادقهم وقتلوا الرجل والمرأة. يذكر «الرافعى» أن نابليون خشى حدوث مذابح، وهو الذى أعلن أنه جاء لمحاربة المماليك، فأمر جنوده أن يكفوا، واستدعى إدريس بك قومندان السفينة العثمانية الراسية بالثغر، وطلب إليه أن يقنع أهل المدينة بالكف عن القتال، ويبلغهم أنه جاء لمحاربة المماليك، فبلغهم القومندان الرسالة وكف الأهالى عن المقاومة مذعنين للقوة، لكن محمد كريم، ظل يدافع بعد دخول الفرنسيين، ومعه فريق من المقاتلين إلى أن كلت قواه، فكف عن القتال وسلم القلعة، وتلقاه نابليون لقاء كريما وأبقاه حاكما للإسكندرية، وبذلك سلمت المدينة إلى الفرنسيين، وقدر نابليون خسائر جيشه فى رسالته إلى حكومته بثلاثين إلى أربعين قتيلا، وثمانين إلى مائة جريح، وقدرها بعد ذلك فى مذكراته بثلاثمائة بين قتيل وجريح، وقدر خسائر الإسكندريين بسبعمائة إلى ثمانمائة بين قتيل وجريح، وأمر بدفن قتلى الفرنسيين حول عمود السوارى باحتفال عسكرى كبير، ونقشت أسماؤهم على قاعدة العمود. فى كتابه «بونابرت فى مصر»، ترجمة «فؤاد أندراوس، مراجعة دكتور محمد أحمد أنيس، يذكر «ج. كرستوفر هيرولد»، أنه لم يأت يوم 3 يوليو، مثل هذا اليوم، 1798 حتى كان جميع الجنود والخيل والمدنيين قد أنزلوا إلى البر، ودخلت الناقلات وبعض الفرقاطات وصغار السفن الميناء القديم، ودهش الجنود والمدنيون على السواء لمظهر الإسكندرية التى لم يغلبها الموت وإن مرت بأوقات عصيبة. يصف «كرستوفر» حال المدينة، قائلا: «كانت شوارعها قذرة غير مرصوفة، مقفرة من الشجر إلا النخل القليل، ولكن فيها مساجد وأسواق وناسا، وكان الطاعون الدملى وهو وباء يجتاح البلاد فى ذلك العهد كل عام، قد ختم غارته لتوه، والأغنياء لا يزالون مختبئين فى دورهم بدافع الخوف من الفرنسيين أكثر من الطاعون، ولكن سرعان ماعادت الحياة إلى سيرها المألوف، كتب المواطن جوبير لأخيه يقول: إنك ترى فى الأسواق الخراف والحمام والتبغ، ثم عددا كبيرا من الحلاقين يضعون رءوس زبائنهم بين ركبهم كأنهم يستعدون لقطفها لا لحلقها، ولكنهم غاية فى الخفة والمهارة، وكانت النساء قليلات فى الشوارع إلا نساء الطبقات الدنيا اللائى أثار مظهرهن تقزز الفرنسيين، وكن يرتدين جلبابا واحدا أزرق فى العادة قذرا دائما، ويسرن حافيات الأقدام عاريات السيقان، ويلطخن حواجبهن بالكحل وأظافرهن بالحناء، ويكشفن فى مرح عن أى عضو من أعضائهن إلا وجوههن، أما الأطفال فعراة». يضيف «كرستوفر»: «وقع مظهر الذكور من نفوس الفرنسيين موقعا أفضل، كتب بونابرت إلى حكومة الإدارة يقول: «هذه الأمة تختلف كل الاختلاف عن الفكرة التى أخذناها عنها من رحالتنا، إنها أمة هادئة، باسلة، معتزة بنفسها، وكتب أخوه «لوى» خطابا يؤمن فيه على هذا الرأى، فقال: «إن فى الشعب رباطة جأش مدهشة، فلا شىء يهزهم، وليس الموت عندهم أكثر من رحلة عبر المحيط عند الرجل الإنجليزى، أما طلعتهم فمهيبة، وسحننا نحن حتى أقواها وأبرزها ملامح، تبدو كوجوه الأطفال إذا قيست بسحنهم».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;