كانت الساعة الرابعة فجر 7 يوليو، مثل هذا اليوم، 2017، حين بدأ إرهابيون هجومهم على كمين البرث «قصر راشد» بمدينة رفح، فدارت معركة تعد من أهم مواجهات أبطال الجيش المصرى، ضد الإرهابيين المدججين بالسلاح والمعدات العسكرية.
جاء هذا الهجوم فى توقيت كانت العمليات الإرهابية فيه تشتد داخليا وخارجيا، وبالرغم من أن شمال سيناء كانت هى المسرح الرئيسى فى مصر لهذه العمليات، فإن أماكن مصرية أخرى اكتوت بها أيضا، كما كانت موجة الإرهاب تشهد تزايدا إقليميا يتسابق التكفيريون فيها على سفك الدماء، وكان تنظيم «داعش» الإرهابى عنوانا لطبعة جديدة فى هذا الأمر.
كانت منطقة البرث تمثل أهمية خاصة عند الجماعات الإرهابية، ووفقا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات، فى تقرير يوم 18 يونيو 2022، يرصد أهم الحوادث الإرهابية من عام 2014 وحتى عام 2022: «كانت هذه المنطقة تمثل عائقا أمام تسلل الإرهابيين، لأنها تقطع طريق الإمدادات لهم، وفشلت جميع المحاولات السابقة لاستهدافه».
يذكر التقرير أنه فى تمام الساعة الرابعة فجرا، بدأ الهجوم بواسطة 150 إرهابيا و12 عربة كروز محملة بالسلاح، بإضافة أسلحة خفيفة ومتوسطة وقذائف آربى جى وقذائف هاون ومدافع جرينوف وقنابل يدوية ومفخخات، وقامت سيارة مفخخة تم تدريعها جيدا وتمويهها داخل إحدى المزارع بالدخول إلى الكمين، فتعاملت معها قوات الكمين، ولكن لشدة تدريعها انفجرت قرب الكمين، وخلال دقيقة كانت بقية القوات فى أماكنها ترد على الإرهابيين.
فى الوقت نفسه، قامت بعض العناصر بتطويق الكمين بالكامل وزرع عدد من الألغام لصد محاولات الدعم البرى، وقامت عناصر الكتيبة 103 بصد الهجوم وتبادل إطلاق النار، وتمكنت من الصمود طوال 4 ساعات، وتعرضت قوات الدعم التى تحركت لإنقاذ الكمين إلى هجوم بالألغام والسيارات المفخخة، ولم تستطع الوصول بسرعة، وبعد مرور 4 ساعات، وصلت وحدات الدعم الجوى، وقامت بقصف العناصر مما دفعهم للتراجع والهروب.
خاض العقيد أحمد منسى، قائد الكتيبة 103، ورفاقه معركة بطولية فى مواجهة الإرهابيين حتى استشهاده، كان المنسى قائدا ملهما لجنوده الذين قاتلوا بيقين أنه غير مسموح للإرهابيين بالسيطرة المؤقتة على الأرض، ورفع علمهم الأسود للحصول على لقطة إعلامية رخيصة، وبالفعل عجزوا عن تحقيق ذلك أمام بطولات الجنود التى تستحق كل واحدة منها أن تكون سيرة فى حد ذاتها.
يسرد الكاتب الصحفى زكى القاضى فى تقريره بـ«انفراد»، 21 مايو 2020 ، مقتطفات من هذه البطولات، مؤكدا أن كل الأبطال كانوا يدافعون بشراسة ومنهم الرائد الشهيد أحمد عمر شبراوى، ابن محافظة الشرقية، خريج الكلية الحربية الدفعة 101، والحاصل على فرقة مكافحة الإرهاب من إيطاليا، وعمل فى سيناء منذ 2013 حتى استشهاده، حيث ظل يطلق النيران من جانب الكمين، فاندفع الإرهابيون إلى الاحتماء فى مبنى مهجور، والشهيد على الذى اشتبك مع العناصر الإرهابية فى بداية المعركة، واستشهد بـ60 طلقة وأصيب فى البداية فى قدمه، قبل أن يتلقى رصاصات أخرى فى صدره، أما الشهيد محمد محمود محسن الملقب بالهرم ابن محافظة الدقهلية، فكان أحد الأبطال الذين يحمون الدور الثانى، ومن قوة مواجهته مع زملائه ظن الإرهابيون أن هناك كتيبة بأكملها تحمى هذا الدور، فزادوا فى هجومهم حتى استشهد وزملاؤه، أما أحمد منسى، ومعه أحمد على النمر، ومحمد صلاح عرفات، فاستشهدوا من قوة التفجير للسيارة المفخخة، وظل المنسى رغم إصابته وحتى استشهاده يصطاد العناصر الإرهابية، حتى أصيب بطلقة أودت بحياته.
فى 7 يوليو 2017، أعلن المتحدث العسكرى للقوات المسلحة، أن المعركة أسفرت عن مقتل أكثر من 40 تكفيريا، وتدمير 6 عربات، واستشهاد وإصابة 26 فردا من أبطال القوات المسلحة، وضمت لوحة شرف شهداء الكتيبة 103 صاعقة «البطل عقيد أركان حرب أحمد صابر محمد على منسى، والبطل نقيب أحمد عمر الشبراوى، والبطل ملازم أول أحمد محمد محمود حسنين، والبطل عريف محمد السيد إسماعيل رمضان، والبطل جندى محمود رجب السيد فتاح، والبطل جندى محمد صلاح الدين جاد عرفات، والبطل جندى على على على السيد إبراهيم، والبطل جندى محمد عزت إبراهيم إبراهيم، والبطل جندى مؤمن رزق أبواليزيد، والبطل جندى فراج محمد محمود أحمد، والبطل سائق عماد أمير رشدى يعقوب، والبطل جندى محمد محمود محسن، والبطل جندى أحمد محمد على نجم، والبطل جندى على حسن محمد الطوخى، والبطل جندى محمود صبرى محمد».
ومن قوات المدفعية «البطل النقيب محمد صلاح محمد، بالإضافة للشهيد البطل ملازم أول خالد محمد كمال المغربى ابن مدينة طوخ قليوبية، والبطل جندى محمد محمود فرج، والبطل أحمد العربى مصطفى، والبطل مندوب مدنى صبرى».