انطلقت الاثنين فى مدينة شرم الشيخ فعاليات المؤتمر الإقليمى للتعاون الدولى فى المسائل الجنائية المتعلقة بالتحقيق فى الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومقاضاة مرتكبيها، بتنظيم مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة والمكتب الإقليمى للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية المصرية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
وأكد المستشار أحمد سعيد خليل رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وأشار إلى أن هاتين الجريمتين ضمن أكثر الجرائم التى يتم تنفيذها من قبل جماعات إجرامية منظمة، وأنها من أكثر الجرائم التى تولد متحصلات، وأوضح أن الأنماط التى يتبعها مرتكبى تلك الجرائم تتعدد باختلاف المناطق الجغرافية.
وتطرق فى كلمته إلى أبرز نتائج تقرير التطبيقات حول غسل الأموال الناتج عن جريمتى الاتجار بالبشروتهريب المهاجرين، الصادر عن مجموعة العمل المالى لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى أواخر العام 2021، حيث أشار ذلك التقرير إلى أن جريمة تهريب المهاجرين تعد من الجرائم الأكثر شيوعًا فى منطقة القرن الأفريقى وشمال أفريقيا، وذلك للقرب الجغرافى من القارة الأوروبية؛ كما أنه من أبرز النتائج التى تم التوصل إليها، من خلال دراسة عدد من الحالات العملية لدول المنطقة فى هذا الشأن، وجود ارتباط وثيق بين تهريب المهاجرين والحجز مقابل الفدية، إذ قد يتعثر بعض الأشخاص الراغبين فى الهجرة غير الشرعية فى دفع المستحقات أثناء الرحلة للمهربين ويتم حجزهم والاتصال بذويهم لدفع مقابل مادى لإخلاء سبيلهم.
ولفت إلى أن جرائم الاتجار بالبشر تعد من أكثر الجرائم المنظمة المدرة للربح، حيث تحقق أنشطتها أرباحًا طائلة تقدر بمليارات الدولارات، وتناول تقديرات تقرير الخارجية الأمريكية بشأن الاتجار بالبشر والصادر فى 2022، ذلك أن تلك الجرائم تولد 150 مليار دولار من الأرباح غير الشرعية لمرتكبى هذه الجرائم ومن يسهلون ارتكباها؛ لذلك دائمًا ما يلجأ المجرمون إلى إخفاء تلك المتحصلات وغسلها.
وفى هذا الإطار، أشار المستشار إلى ضرورة توافر التعاون الفعال على المستوى المحلى بين كافة الأجهزة المعنية لمواجهة تلك الجرائم، وكذا تعزيز التعاون بين البلدان، ونوه عن أهمية اللجوء إلى كافة صور التعاون الدولى، فعلى الرغم من أهمية التعاون الدولى الرسمى، من خلال تبادل طلبات المساعدة القانونية وتسليم المجرمين؛ إلا أنه لابد من عدم إغفال الدور الهام الذى تلعبه وسائل التعاون الدولى غير الرسمي؛ حيث أثبتت التجارب الدولية وأفضل الممارسات فى مواجهة شتى أنواع الجرائم، أن الاعتماد على آليات التعاون الدولى غير الرسمى من شأنه الإسراع من عمليات التحقيق والتحرى، ومن ثم ملاحقة ومقاضاة المجرمين.
وأشار المستشار أحمد سعيد خليل إلى جهود جمهورية مصر العربية فى هذا الشأن، حيث تقوم جمهورية مصر العربية بالتواصل المستمر والتنسيق بين كافة الجهات الوطنية المعنية للعمل على مواجهة هاتين الجريمتين خاصة من خلال اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، التى تضم فى عضويتها كافة الجهات المعنية فى هذا الشأن؛ كما يتم التعاون مع الدول الأخرى من خلال تبادل المعلومات والخبرات لتعزيز عملية المكافحة، ويتم اللجوء إلى آليات التعاون الدولى الرسمى من خلال السلطة المركزية، وكذا غير الرسمى من خلال الشبكات الدولية المتاحة.
وأكد على الدور الذى تلعبه التحقيقات فى الجوانب المالية للاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، إذ تعد ضرورية فى مكافحة تلك الجرائم؛ وهنا أبرز دور وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، حيث أن الوحدة أحد أعضاء اللجنة الوطنية التنسيقية المشار إليها، نظرًا لدورها فى مكافحة الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين والاتجار بالبشر لما تقوم به من تحريات مالية لهذه الجرائم، سواء فى الداخل من خلال التنسيق والتعاون مع الجهات الوطنية، أو فى الخارج من خلال تبادل المعلومات مع وحدات التحريات المالية النظيرة وخاصة من خلال مجموعة إجمونت لوحدات التحريات المالية.
إلى جانب ذلك، وفيما يخص رفع الوعى وبناء القدرات تقوم الوحدة بالتعاون مع الجهات المحلية والمنظمات الإقليمية والدولية الشريكة بعقد دورات تدريبية وورش عمل لكافة الجهات المعنية سواء من داخل جمهورية مصر العربية أو خارجها.
وفى ختام كلمته، أكد رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن هذا المؤتمر الإقليمى يأتى فى إطار السعى الدائم إلى مواكبة المستجدات التى تطرأ فى مجال مكافحة الجريمة المنظمة، وأحدث الاتجاهات المتعلقة بجرائم الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، ويهدف إلى ترسيخ فهم السادة المشاركين لأهمية التعاون الدولى بكافة صوره فى مكافحة تلك جرائم، ودعم التنسيق فيما بين الجهات المعنية بشأن التحليل والتحقيق المالى المتعلق بها، فضلًا عن عرض تجارب بعض دول المنطقة، مما سيكون له دورًا فاعلًا فى الكشف عن تلك الجرائم وملاحقة مرتكبيها ومقاضاتهم.
وأكدت رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر السفيرة نائلة جبر، فى كلمتها خلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذى يشارك فيه ممثلون عن 20 دولة وتستمر فعالياته 4 أيام، اضطلاع مصر بدورها الفعال فى مشاركة المجتمع الدولى جهوده المتواصلة لمكافحة جريمتى الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وأشارت السفيرة نائلة جبر إلى حرص الدولة المصرية على الانضمام إلى الصكوك الدولية المعنية وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 وبروتوكوليها "بروتوكول قمع ومنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال عام 2003 وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو عام 2005"، إلى جانب اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبرى رقم 29، وبشأن إلغاء العمل الجبرى رقم 105، وبشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم 182.
وتطرقت السفيرة نائلة جبر إلى التحركات المصرية للقضاء على الجريمتين من خلال تدشين إطار قانونى فعال يتكون من دستور 2014 وقوانين أخرى لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مشيرة لاتباع مصر لنهج وطنى شامل يقوم على التعاون والتنسيق بين الجهات الوطنية ذات الصلة من خلال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الثالثة لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر 2022 - 2026، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية 2016 - 2026، والتى تستند إلى أربعة محاور رئيسية، منها الشراكة الإقليمية والدولية.
ولفتت إلى أن جريمتى الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين من الجرائم التى حازت على انتباه المجتمع الدولى مطلع القرن الماضى، قد تنبهت مصر لها مبكرًا لخطورة تلك الجريمتين وتأثيراتهما السلبية على أمن وسلامة المجتمع، وقطعت منذ ذلك الحين شوطًا طويلًا فى مكافحتهما، لافتة إلى أن الرؤية المصرية لمواجهة الجريمتين فى إيلاء عناية خاصة لاحترام مبادئ حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًا
وأوضحت السفيرة نائلة جبر أن التنمية هى الركيزة الأساسية التى تخلق فرص العمل وتتيح أفاقًا جديدة للشباب الراغب فى حياة أفضل، من خلال طرح الحلول البديلة المتاحة ومنها المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والتيسيرات المقدمة لها، مؤكدة أن التعاون الإقليمى هو أداة فعالة لتبادل الخبرات وأفضل التجارب مما يساعد على تعزيز التحقيقات والملاحقة القضائية وبالتالى تفكيك الشبكات الاجرامية التى نتوقع أن تزداد أنشطتها فى ظل الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة.
من جانبه، أكد محمد الأمين ولد كيك الأمين العام المساعد للجامعة العربية رئيس قطاع الشؤون الافريقية، تخصيص الجامعة العربية لبرنامج لمتابعة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، مشيرا إلى تحديد الجامعة للأولويات والأهداف المستهدفة منها وضع استراتيجيات وتشريعات لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
وأشار محمد الأمين فى كلمته بالجلسة الافتتاحية بالمؤتمر الإقليمى للتعاون الدولى فى المسائل الجنائية المتعلقة بالتحقيق فى الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومقاضاة مرتكبيها الذى تستضيفه مدينة شرم الشيخ، إلى عمل الجامعة العربية على تعزيز القدرات الوطنية للدول الأعضاء فى مكافحة الهجرة غير الشرعية وحماية الضحايا، موضحا أن الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ظاهرة عالمية تؤرق كافة المجتمعات وهى واحدة من أخطر الظواهر.
إلى ذلك، أكدت كريستينا ألبرتين الممثل الإقليمى لمكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الاثنين، وجود عدة جهود لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مشيرة إلى معاناة عدد كبير من الدول من الجرائم المنظمة خاصة الاتجار بالبشر، جاء ذلك خلال كلمتها بالمؤتمر الإقليمى للتعاون الدولى فى المسائل الجنائية المتعلقة بالتحقيق فى الإتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومقاضاة مرتكبيها.
وأشارت كريستينا ألبرتين إلى التعاون مع اللجنة الوطنية التنسيقية المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وكذلك التعاون مع الاتحاد الأوروبى فى هذا الإطار، مؤكدة متابعة الجرائم التى يتعرض لها العشرات جراء جرائم عصابات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
وشددت على ضرورة وجود تعاون دولى قضائى بين الدول لملاحقة عصابات الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مشيرة إلى عمل الأمم المتحدة مع الشركاء لتعزيز الاستجابة لجرائم الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، مؤكدة على أهمية المؤتمر الإقليمى قائلة: "من خلال تعزيز التعاون الدولى وتبادل المعلومات وأفضل الممارسات بين الدول المعنية التى تعتبر معبر للهجرة، سيسهم هذا المؤتمر فى تعزيز الوقاية والتحقيق والملاحقة القضائية فى جريمتى الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، مع احترام حقوق الإنسان لضحايا الاتجار بالبشر والمهاجرين المُهربين. نحن ممتنون لدعم الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبى فى تنظيم هذا المؤتمر المحورى".