لم تتوقف مساعى الدولة المصرية لوقف الصراع فى السودان، والدفع نحو مسارات سياسية توقف خسائر صراع ليس فيه رابح، وتسعى القاهرة نحو حل من خلال الاتحاد الأفريقى والجامعة العربية، ومنذ بداية الأزمة مصر تسعى للتنسيق مع دول الجوار ووقف التصعيد لأنه بدون ذلك لن يكون هناك حل سياسى، وتأتى قمة دول جوار السودان والتى تعقد فى القاهرة اليوم حلقة فى سلسلة المساندة والدعم للخرطوم، الذى تقدمه الدولة المصرية منذ اللحظة الأولى لاندلاع الصراع بالسودان الشقيق، حيث تسعى الدولة المصرية، بنفسها، ومن خلال التواصل مع الأطراف الإقليمية والدولية ودول الجوار، لإيقاف الصدام بين الجيش الوطنى السودانى، وقوات الدعم السريع، والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يوفر الأجواء لمسار سياسى، يجنب السودان ثمن الصراع.
مؤتمر دول جوار السودان الذى يعقد هدفه وضع آليات بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى انطلاقا من حرص الرئيس عبد الفتاح السيسى على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المُباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السودانى، وتجنيبه الآثار السلبية التى يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة، ويطالب الرئيس الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطنى، وإعلاء المصالح العليا للشعب السودانى الشقيق.
ومنذ البداية ترى مصر أن ما يجرى فى السودان شأن داخلى، وأنه يجب إبعاد التدخلات الخارجية، وإتاحة الفرصة لدعم مسار سلمى، وفى كل الفعاليات الإقليمية، سواء القمة العربية أو الاتصالات المباشرة مع الأطراف الإقليمية والدولية، يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، على تأكيد الوقوف مع الشعب السودانى، والدعوة إلى إيقاف الاقتتال والعودة إلى هدنة تتيح جلوس الأطراف إلى طاولة المفاوضات.
وفى مايو الماضى أجرى وزير الخارجية سامح شكرى، اتصالات مع كل من الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى السوداني، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع، للإعراب عن قلق مصر من استمرار المواجهات العسكرية، وما أسفرت عنه من وقوع ضحايا أبرياء، وتعريض أمن واستقرار السودان لمخاطر بالغة، مناشدا بالوقف الفورى لإطلاق النار حفاظا على مقدرات الشعب السودانى الشقيق، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا.
وفى مايو أيضا خلال مشاركة الرئيس فى قمة مجلس السلم والأمن الأفريقى، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر مستعدة للوساطة بين الفرقاء، مع مواصلة الاتصال بين الأطراف المختلفة، الدولية والإقليمية، لإيقاف الصراع فى أسرع وقت والعودة للمفاوضات، ووجه الرئيس نداءً لاستعادة الهدوء والجلوس على مائدة الحوار بين كل الأشقاء فى السودان، سواء كان الجيش السودانى أو الدعم السريع، قمة مجلس السلم والأمن الأفريقى انعقدت بحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة، وأمين عام جامعة الدول العربية، وسكرتير عام منظمة الإيجاد، ومبعوثة سكرتير عام الأمم المتحدة للقرن الأفريقى، برئاسة الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى.
ويرى الرئيس أن الجهود فى إطار الاتحاد الأفريقى، تكمل مسارات أخرى، ومن ضمنها جامعة الدول العربية التى أقرت، فى قمتها الأخيرة، تشكيل مجموعة اتصال وزارية عربية، للتعامل مع الأزمة، وكذا جهود «تجمع الإيجاد» والاتفاقيات التى تم توقيعها فى مفاوضات «جدة»، لإيقاف إطلاق النار، وفتح الطريق للمساعدات الإنسانية، وسحب القوات من المستشفيات والمرافق العامة، وهى المسارات، التى يتعين أن تقوم على معايير موحدة وتؤسس لخارطة طريق للعملية السياسية تعالج جذور الأزمة، وتهدف إلى مشاركة موسعة وشاملة، لجميع أطياف الشعب السودانى.
وهناك أمل أن تسفر جهود مصر ودول الجوار، مع الجهود والمساعى العربية والدولية والإقليمية الأطراف السودانية للجلوس، بحثا عن مسار سياسي، ليس له بديل، ومن الأفضل أن يأتى الآن، قبل أن تتراكم الخسائر وتتسع دوائر الصراع.