منذ صدور قانون التظاهر فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور وهو محل جدل كبير ليس على المستوى السياسي وحسب بل على المستوى القانونى والدستورى، خاصة وان هناك نسبة كبيرة من الشباب محبوس نتيجة هذا القانون.
بين الحين والآخر كانت تخرج التصريحات من المسئولين بشأن تعديل القانون، خاصة مع تزايد المطالب بالعفو عن الشباب المحبوس على ذمة هذا القانون، ففى العام الماضى صرح المستشار إبراهيم الهنيدى وزير العدالة الانتقالية السابق بأنه سيتم تعديل قانون التظاهر، وتمت لقاءات بين الوزير السابق ورئيس وأعضاء المجلس القومى لحقوق الانسان من أجل مناقشة الأمر، وفجأة توقف الأمر ولم يحدث شيئاً على أرض الواقع.
مصادر برلمانية: الحكومة لن تقدم تعديلات "التظاهر" خلال دور الانعقاد الحالى
وتوالت تصريحات المسئولين بعدها فى هذا الصدد فى اتجاه دراسة تعديل القانون، حتى خرج المستشار مجدى العجاتى وزير الدولة للشئون القانونية بداية شهر يونيو الماضى وقال ، إنه تم تشكيل لجنة وزارية فى ضوء تكليف رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، وذلك لدراسة قانون التظاهر الحالى وإدخال تعديل تشريعى عليه، بحيث تكون متفقة مع الحق الدستورى فى التظاهر السلمى، بما يضمن تعزيز الحقوق والحريات المنصوص عليها فى دستور 2014 دون إخلال بمقتضيات الأمن والحفاظ على منشآت الدولة.
ومنذ تصريح العجاتى لا نعلم أى شيء عن هذه اللجنة، ولم يعلن عن تشكيلها من الأساس، بل إن الأنباء المتداولة الآن وفقاً لمصادر بمجلس النواب تؤكد على أن الحكومة لن تقدم خلال دور الانعقاد الحالى تعديلات قانون التظاهر، والمرجح بقوة هو إرجائه إلى دور الانعقاد القادم خاصة وأن الفصل التشريعى الأول قارب على الانتهاء وهناك أولوية للقوانين المرتبطة بالاقتصاد مثل القيمة المضافة، والقوانين المكملة للدستور كالهيئة الوطنية والإدارة المحلية وقوانين الاعلام بحسب ما قالت المصادر.
الأمل فى مجلس النواب
الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب أحال خلال جلسة الأمس مشروع قانون مقدم من النائب أكمل قرطام رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، وموقع من 61 نائبا بتعديل قانون التظاهر إلى لجنة مشتركة من اللجنة التشريعية، ولجنة حقوق الإنسان لدراسته قبل عرضه على الجلسة العامة، فيما تبدو أنها خطوة من قبل النواب لتعديل القانون المثير للجدل فى ظل تراجع الحكومة وعدم تقديمها لمشروعها.
مشروع القانون المقدم من قرطام والنواب تضمن حظر استخدام "الهراوات" حفاظًا على سلامة المتظاهرين، وأعطى الأمن حق الدفاع عن النفس حال استخدام المشاركين فى التظاهرة أسلحة نارية، وحدد عقوبة المخالف بالحبس بمدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز 5 سنين، وقلص الغرامة بحيث لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، وألزم الداخلية بتقديم نسخ محتويات كاميرات المراقبة للنيابة العامة، واستحدث مادتين لتجنب تلفيق الاتهامات أو تصفية الحسابات، كما منح للقاضى حق الحكم ببراءة المتهمين حال عدم تقديم الداخلية محتويات كاميرات المراقبة.
أما النائب عاطف مخاليف وكيل لجنة حقوق الانسان فكشف عن إعداده هو الآخر لمشروع قانون بتعديلات قانون التظاهر وقال ل "انفراد" أن هناك 38 نائبا وقع على مشروع القانون الذى اعده وأنه يقوم بجمع باقى التوقيعات حتى يصل عددهم ل 60 نائبا، وهو النصاب القانونى المطلوب لتقديم اى مشروع قانون، ثم يقوم بتقديم المشروع إلى رئيس المجلس.
وفيما يتعلق بتعديلات الحكومة قال مخاليف، أنه ليس معروضا عليهم اى مشروعات للحكومة تخص تعديلات قانون التظاهر، مرجحاً عدم تقديم الحكومة لمشروعها خلال دور الانعقاد الحالى وتأجيله إلى الفصل التشريعى الثانى.
وعن مشروع القانون الذى أعده قال وكيل لجنة حقوق الانسان، فيما يتعلق بالاخطار جعله بتقديمه من جانب الجهة المنظمة للتظاهر إلى القسم أو المركز أو المحافظة، وأن يكون الرد خلال 48 ساعة، وإذا لم يكن هناك رد من حق الجهة الداعية للتظاهر أن تنظم المظاهرة.
وتابع، أنه يعطى الحق للخصم أو جهة الإدارة فى تأجيل المظاهرة فقط وليس رفضها ، ويعرض طلب التأجيل على قاضى المعارضات، وإذا لم يفصل فيه خلال أسبوع يحق للجهة المنظمة للمظاهرة تنظيمها.
وأشار مخاليف إلى أن مشروعه أيضا ألغى الحبس نهائيا واقتصر على الغرامة، كما منع استخدام الأمن للطلق الحى أو الخرطوش، وشدد وكيل لجنة حقوق الانسان على أنه سيتقدم بمشروعه خلال دور الانعقاد الحالى.
جورج اسحق : الحكومة ليست جادة فى تعديل قانون التظاهر وننتظر تحرك البرلمان
من جانبه قال جورج اسحق عضو المجلس القومى لحقوق الانسان، إن الحكومة غير جادة فى إجراء تعديلات على قانون التظاهر، لكن المجلس القومى لحقوق الانسان متمسك بتعديل القانون لأنه يراه يمس الحريات ويخالف الدستور، مشيراً إلى أن لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب تتبنى المشروع الذى كان قد قدمه المجلس القومى لحقوق الانسان.
وأضاف، الحكومة لا تتخذ أى خطوات جادة نحو تعديل قانون التظاهر ولم يخرج عنها سوى التصريحات، مناشداً مجلس النواب بتبنى هذا الأمر خاصة وأنه المنوط بالتشريع.
هيئة المفوضين بالدستورية العليا تواصل كتابة تقريرها حول عدم دستورية القانون
ويبقى بعد كل هذا الجدل الذى لم ينتهى حول قانون التظاهر أن هناك دعوى منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا تطعن على دستورية مادتين فى القانون مقامة من المحامين خالد على وطارق العوضى.
المستشار رجب سليم نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والمتحدث باسمها، قال ل "انفراد"، إن الدعوى بعدم دستورية قانون التظاهر محجوزة الآن لكتابة التقرير بهيئة المفوضين بالمحكمة.
وتطالب الدعوى رقم 46826 لسنة 60 قضائية عليا بعدم دستورية المادتين 8 و10 من القانون رقم 107 لسنة 2014 بشأن قانون التظاهر، حيث تم الانتهاء من جلساتها أمام هيئة المفوضين بالمحكمة ومحجوزة الآن لكتابة التقرير تمهيداً لتقديمها أمام المحكمة لتحديد جلسة لنظرها.
وعن سبب تأخر الدعوى بالمحكمة رغم أنها معروضة أمامها منذ سنتين قال المتحدث باسم المحكمة الدستورية، إن الدعوى لم تتأخر، حيث أن الدعاوى الدستورية تأخذ مزيد من الوقت، وأى دعوى لابد أن تأخذ حقها من البحث والاطلاع على المستندات والأوراق حتى تنتهى هيئة المفوضين إلى تقريرها بشكل قانونى سليم.
وكان الرئيس السابق عدلى منصور قد أصدر قرارا بقانون رقم 107 لسنة 2013 الخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، وقد لقى اعتراضات كثيرة عليه منذ صدوره وأتهم أنه مقيد للحريات ومخالف للدستور الذى كفل حرية التعبير عن الرأى والتظاهر السلمى الذى لا يضر بالأمن العام.