الحديث عن أهمية المجتمع الأهلى في إحداث تنمية مستدامة كثير، والمطالبة بفاعليته أكثر باعتباره الضلع الثالث المشارك في التنمية بالتعاون مع الحكومة والقطاع الخاص، ودائما الدول المتقدمة تسعى بكل جهد لتوحيد جهوده لإحداث أي طفرة تنموية واجتماعية تريدها، وهو ما تفعله الدولة المصرية من مساع خلال السنوات الماضية لتتكلل هذه المساعى لأول مرة في تاريخ العمل في مصر برسم سياسات واضحة ومحددة لعمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، خاصة أن مصر استطاعت وبجدارة أن تحشد المجتمع المدنى تحت مظلة واحدة في ظل وجود نحو 57 ألف جمعية أهلية من بينها أكثر من 30 ألف جمعية أنهت إجراءات تقنين أوضاعها وفقا لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي في مصر.
وهنا أتى الحديث عن أهمية وجود تحالف يجمع كل هذه الجمعيات والمؤسسات تحت مظلة واحدة، لضمان التكامل في تقديم الخدمة، وعدم الوقوع في التكرار وعشوائية العمل، فسعت الدولة أن يكون هناك قانون للتحالف الوطني للعمل الأهلى التنموى يعمل على استحداث آلية واضحة ومحددة وقانونية للتشبيك وتجميع الجهود وحوكمتها تحت مظلة تحالف واحد مستقل غير هادف للربح، ويؤسس لشراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدني، ويضمن استدامة أعمال وتمويل العمل الأهلى التنموى.
لذا، فإن قانون التحالف الذى اصدر البرلما يعزز فكرة استدامة موارد العمل الأهلى التنموي وذلك من خلال منح التحالف الحق فى إقامة مشروعات خدمية وتنموية ودعم تنفيذ المبادرات الاجتماعية التنموية، وهو ما يساهم فى تحقيق التنمية المنشودة بالشراكة مع مؤسسات الدولة، كما يساهم فى توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لدعم الأسر الأكثر احتياجاً فى كل ربوع مصر، خلاف توحيد وتنقية قواعد البيانات الخاصة بالمستفيدين بما يضمن وصول الدعم لمستحقيه وتمكينهم اقتصادياً.
ومن المقدر أيضا أن القانون يُعمق فكر التطوع وجذب الشباب للمشاركة المجتمعية، وبالتالي يمثل ميثاقا أخلاقيا لربط الجمعيات الأهلية، والهدف منه تبادل المعلومات بين الجمعيات المنضوية تحت راية التحالف الوطنى للعمل الأهلى .
نهاية.. إصدار قانون التحالف الوطنى إنجاز كبير ومقدر، فبما أن الأرقام هي خير كاشف للأمور، فالتحالف الوطني للعمل الأهلي أنفق ما يقارب من 12 مليار جنيه خلال 10 أشهر لمساعدة 30 مليون مواطن، حيث قُدم دعما غذائيا لأكثر من 25 مليون مواطن، واستقبل نحو 5 ملايين مواطن في مستشفيات ومراكز طبية مملوكة لأعضاء التحالف الوطني، وعمل على توفير نحو 39500 فرصة عمل من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق مبادرة أزرع لدعم ملف الزراعة وتحسين أحوال صغار الفلاحين، خلاف إطلاق قوافل ستر وعافية في القرى المصرى، والأهم دمج نحو 250 ألف شاب من المتطوعين في أنشطة التحالف الوطني..