كل الطرق تقول إن هذا الصيف سوف تتبعه فصول صيف أخرى بنفس الحرارة، ومن التقارير الدولية ومراكز المناخ أن الموجة الحارة الحالية والسنوات السابقة تشير إلى استمرار الصيف بهذه القوة والعنف، والحر هذا العام والأعوام الماضية لا يفرق بين قارة وأخرى، من أفريقيا إلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، مع مخاطر نشوب حرائق، وجفاف وفيضانات وأمطار، وأقوال إن هذا الصيف هو الأعلى حرارة منذ 120 عاما.
ولا سبيل إلا بمواجهة قضية التغير المناخى بجدية، وبالرغم من توصيات مؤتمرات المناخ وتحذيرات علماء المناخ فى العالم من تداعيات هذا، وآخرها توصيات قمة المناخ «COP 27»، التى طالبت الدول الصناعية بتنفيذ تعهداتها فى مؤتمرات المناخ الماضية لكن واضح أن هذه التعهدات سوف تأخذ وقتا، والأهم هو ما يخصنا فى هذا الإطار، فإذا كانت تأثيرات المناخ مستمرة، ربما تكون هناك فرص للتوسع فى استخدامات الطاقة المتجددة، والخضراء بشكل يخفف من تأثيرات التغير المناخى.
وقد بدأت مصر من سنوات فى توسيع مجالات العمل بالطاقة الجديدة والمتجددة، والتى أصبحت ضرورة فى ظل استمرار تأثيرات التغير المناخى، حيث تمثل الطاقة الشمسية لدينا فرصة مزدوجة لتطبيق وتوسيع فرص وخيارات الطاقة المتجددة، سواء الطاقة الشمسية أو الرياح أو الطاقة الحيوية.
الطاقة الشمسية متجددة يوميا، ولدينا صحارى يمكن استغلالها بشكل مزدوج، إقامة محطات توليد عملاقة للطاقة الشمسية، واستغلال جزء من هذه الطاقة فى استصلاح وزراعة الأراضى الصحراوية، وهو أمر ممكن، خاصة وقد قطعنا مسافة فى توليد الطاقة الشمسية فى محطة بنبان وغيرها، فضلا عن محطات يمكن توزيعها فى مناطق التنمية لتمثل حلا للطاقة لدعم التنمية، ونحن أمام طاقة نظيفة.
ثم إن معدلات ارتفاع استهلاك الكهرباء، صيفا أو شتاء، وبجانب محطات الطاقة التقليدية، يمكن أن تكون الأسطح والمنازل والشوارع محطات للطاقة، تخفف من تأثيرات الحرارة من جهة، وتتيح نسبة لا يستهان بها من الطاقة النظيفة والرخيصة، لكن هذا يتطلب توسيع الاستثمارات فى مصانع إنتاج ألواح الطاقة الشمسية بشكل يجعلها اقتصادية ومناسبة للمواطن تشجعه على التعامل معها، وفى حال توافر الألواح ومدخلات إنتاج الطاقة الشمسية بشكل اقتصادى، يمكن نشر هذا المحطات الصغيرة فى الحقول وأسطح المنازل بل وربما البلكونات أو الجدران، ومع الوقت توفر طاقة نظيفة وتخفف من الحمل على شبكات الكهرباء، وبالتالى فإن تدعيم هذه الصناعات يصب فى صالح المجتمع كله.
المصلحة المباشرة هى أفضل توعية بقضية المناخ وتأثيراتها على الحياة فى الريف والحضر وتأثيراتها على الزراعة والغذاء، بجانب مضاعفة التوجه نحو تصنيع وتوفير أدوات إنتاج الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وتدعيم صناعات مستلزماتها لتكون فى متناول الجميع، مع التوعية بسهولة تركيب هذه المحطات فى الأراضى الزراعية والمنازل بما يوفر طاقة نظيفة رخيصة للزراعة والاستخدام المنزلى.
سبق وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أثناء افتتاح مصنع منتجات الرمال السوداء دعوته للقطاع الخاص لأن يستثمر فى صناعة مضمونة، ومنتجاتها مطلوبة، وأن يدخل فى شراكة أو يعمل منفردا فى مجالات عوائدها كبيرة وتولد فرص عمل، وهو ما ينطبق على صناعات إنتاج مستلزمات الطاقة الشمسية، وهنا القطاعان الخاص والعام مدعوان للاستثمار فى إنتاج هذه الوحدات، أو السخانات الشمسية، أو محطات صغيرة للطاقة الشمسية، بشكل يجعلها قابلة للتركيب فى المبانى والعقارات الجديدة، بشكل جماعى يخفض التكلفة، ونفس الأمر فيما يتعلق بوحدات ومحطات تصلح للتركيب فى المزارع أو الحقول للإضاءة أو أغراض تشغيل الآلات الزراعية.
التوسع فى توليد الطاقة الشمسية يولد فرص عمل، لمهندسين وفنيين، من خلال فتح مجالات للدراسة والتدريب فى قطاع واعد، بجانب أن إنتاج الطاقة الشمسية يتيح فرصا لاستثمارات وصناعات تتعلق بإنتاج مستلزمات الطاقة من خلايا ووحدات ومحطات للطاقة الشمسية، خاصة أن هناك توقعات بالتوسع فى إنتاج الطاقة الشمسية فى المنطقة عربيا وأفريقيا، وهو ما يجعل هناك فرصة لأن تكون مصر مركزا إقليميا لإنتاج وتوزيع وتصدير مستلزمات توليد الطاقة الشمسية، وبالتالى يضاعف من فرص الاستثمار والعمل فى مجالات يتوقع أن تكون مطلوبة خلال السنوات المقبلة، ونكرر أنها فرصة للقطاع الخاص والعام للاستثمار فى مجال واعد، هناك قرارات بفرض الطاقة الشمسية فى المؤسسات الحكومية والمدن الجديدة.
الشاهد أنه طالما يستمر التغير المناخى، فلا بديل عن فتح مجالات لاستغلال الفرص، من خلال المصلحة المباشرة للأفراد والمؤسسات، بأن تتحول الضغوط المناخية إلى فرص تشجع الناس على التعامل معها.