تترقب أسواق الأسهم والذهب والمعادن الثمينة وكذلك المؤسسات المالية والمصرفية نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي غدا الثلاثاء لحسم أسعار الفائدة، وعلي الرغم من توقعات رفع أسعار الفائدة 25 نقطة أساس إلا أن الأسواق تترقب إشارات صانع السياسية النقدية الأمريكية بشأن الاجتماع المقبل للبنك الفيدرالي الأمريكي حيث سعرت الأسواق رفع الفائدة غدا إلا أن الذهب هو الأكثر حساسية لحركة الفائدة الأمريكية.. وسنلقي الضوء على اتجاهات سوق الذهب مع قرارات الفيدرالي المرتقبة.
بداية شهدت أسعار الذهب انطلاقه هادئة لتداولات هذا الأسبوع ليتداول بالقرب من مستويات إغلاق الأسبوع الماضي، وذلك مع انتظار الأسواق لأسبوع حاسم بشكل كبير في مستقبل السياسة النقدية للبنك الفيدرالي وبالتالي لأوضاع العديد من الأصول المالية وعلى رأسها الذهب.
وتتداول أسعار الذهب الفورية خلال تداولات اليوم الاثنين وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1964 دولارا للأونصة، أعلى بمقدار 3 دولار عن سعر افتتاح جلسة اليوم، يأتي هذا بعد أسبوع متقلب في أسواق الذهب خلال الأسبوع الماضي، سجل خلاله المعدن النفيس هبوطا لثلاث جلسات متتالية.
استطاعت الأسعار الذهب خلال الأسبوع الماضي التداول فوق المستوى 1950 دولارا للأونصة الأمر الذي يحمي زخم الصعود بالنسبة للذهب، في انتظار ما ستسفر عنه أحداث هذا الأسبوع، والتي من شأنها أن تؤكد هذا الصعود أو تدفع الأسعار إلى الهبوط وكسر المستوى السابق ذكره.
وأشار تقرير جولد بيليون إلي أن هناك منطقة دعم حالية لأسعار الذهب من 1938 إلى 1950 دولارا ومن المتوقع أن تصمد أمام أي تراجعات في الأسعار حتى صدور اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي وبناءً عليه سيتحدد حركة الذهب خلال الفترة القادمة.
الأسواق خلال الفترة الأخيرة سعرت احتمال بنسبة تقترب من 100% لقيام البنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه هذا الأسبوع بمقدار 25 نقطة أساس، على أن يبدأ فترة انتظار طويلة دون تغيير في الفائدة ما قد يعتبر نهاية لدورة رفع الفائدة التي بدأت منذ العام الماضي، لكن حتى الآن لم يصدر أي تأكيد أو نفي لهذا السيناريو من قبل البنك الفيدرالي الذي أشار في أكثر من مناسبة أن قرارات البنك تعتمد على البيانات الاقتصادية التي تصدر قبله، وعند الاطلاع على البيانات الأخيرة نجد أن معدل التضخم قد تراجع بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة بالرغم من بقائه بعيد عن مستهدف البنك الفيدرالي وفق تحليل جولد بيليون.
أيضاً بيانات الوظائف وقطاع العمالة أظهرت تراجع في يونيو الأمر الذي يدل على ظهور آثار التباطؤ في الاقتصاد وبالتالي عدم الحاجة لمزيد من قرارات رفع الفائدة وهو الأمر الذي دعم ارتفاع الذهب بشكل كبير.
الذهب يتأثر سلباً برفع أسعار الفائدة كونها تزيد من تكلفة الفرصة البديلة كون الذهب أصل لا يقدم عائد لحائزيه على عكس السندات التي تقدم عائد يرتفع بارتفاع أسعار الفائدة.
وأوضح تقرير جولد بيليون أن سيناريو توقف البنك الفيدرالي عن رفع أسعار الفائدة بعد اجتماعه الحالي يبشر بالخير بالنسبة للذهب، ولكن من غير المؤكد ما إذا كان المعدن النفيس قادرًا على استعادة ارتفاعاته القياسية بالنظر إلى أن معدلات الفائدة من المقرر أن تظل مرتفعة أيضًا لفترة أطول.
أيضاَ هناك حالة من عدم اليقين بشأن ما إذا كان البنك الاحتياطي الفيدرالي سيوقف دورة رفع أسعار الفائدة، خاصة مع كون التضخم في الولايات المتحدة لا يزال يتجه فوق المستهدف السنوي للبنك المركزي البالغ 2٪. بالإضافة إلى إشارة البنك خلال اجتماعه الأخير إلى رفع الفائدة مرتين خلال النصف الثاني من العام.
وضع الذهب أمام الدولار
أما عن الدولار الأمريكي فقد افتتح تداولات الأسبوع بشكل إيجابي ليسجل ارتفاع للجلسة الخامسة على التوالي وفقا لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية.
مؤشر الدولار ارتفع اليوم بنسبة 0.3% وسجل أعلى مستوى في أسبوعين ليستمر في الابتعاد عن أدنى مستوياته منذ شهر ابريل من عام 2022 التي سجلها خلال الأسبوع الماضي، وفق جولد بيليون.
الدولار الأمريكي عاد إلى الارتفاع من جديد خلال الفترة الأخيرة بعد البيانات الضعيفة التي صدرت عن إنفاق المستهلكين والتي زادت من الإقبال على الدولار كملاذ آمن إلى جانب الذهب، وتسبب هذا في الحد من مكاسب الذهب خلال هذه الفترة.
إلى جانب هذا يرى العديد من المشاركين في الأسواق أن الانخفاض الحاد الأخير في مستويات الدولار كان مبالغ فيه وأن مستوياته المتدنية غير مبررة خاصة مع استمرار البنك الفيدرالي في رفع الفائدة واستمرار معدلات التضخم عند مستويات بعيدة عن مستهدف الفيدرالي.
هذا الأسبوع الذي يشهد اجتماع الفيدرالي وبيانات أداء قطاع الخدمات والقطاع الصناعي الأمريكي بالإضافة إلى مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يعد مقياس التضخم المفضل لدى الفيدرالي، سيعمل على تغير تحركات الدولار خلال الفترة القادمة، وبالتالي سنعكس هذا على أداء الذهب.
ارتفاع عقود شراء الذهب
أظهر تقرير التزامات المتداولين المفصّل الصادر عن لجنة تداول السلع الآجلة، والذي يُظهر وضع المضاربة على الذهب للأسبوع المنتهي في 18 يوليو، ارتفاع كبير للطلب على عقود شراء الذهب مقارنة مع التقرير السابق بمقدار 23194 عقد بينما انخفض الطلب على عقود بيع الذهب مقارنة مع التقرير السابق بواقع 4400 عقد.
اظهر التقرير أيضاً ارتفاع إجمالي قرارات التداول على عقود شراء الذهب إلى 255 أمر تداول بينما وصلت أوامر التداول على عقود بيع الذهب إلى 175 أمر تداول.
البيانات المتأخرة الصادرة عن تقرير لجنة تداول السلع الآجلة (COT) تظهر توسع الطلب على عقود الشراء مع حدوث تراجع مفاجئ في الطلب على عقود البيع، الأمر الذي يعكس التحرك الإيجابي الكبير الذي سجله الذهب خلال الأسبوع الماضي.
تراجع الطلب على عقود البيع يعكس أيضاً النظرة الإيجابية للذهب خلال الفترة القادمة، ولكن قرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي ستساهم بشكل كبير في أوضاع الذهب ومن شأنها أن تؤثر على الطلب على عقود الذهب.
الملاحظ في الفترة الأخيرة أن تعافي مستويات الدولار الأمريكي قد حدت من مكاسب أسعار الذهب ولكنها لم تتسبب في انخفاضه بشكل كبير ودفعه إلى كسر مستويات دعم هامة، ليظل في التداول في مناطقة آمنة إلى حد ما تمنعه من الهبوط الحاد في انتظار ما سيسفر عنه أحداث هذا الأسبوع.
ارتفاع مبيعات الذهب في الصين خلال النصف الأول من العام
تعد الصين أكبر مستهلك للذهب في العالم وقد ارتفعت مبيعات الصين من المجوهرات والسبائك والعملات الذهبية في الأشهر الستة الأولى من العام، مدعومة بارتفاع الأسعار والاعتقاد العام بأن المعدن الثمين لن ينخفض في قيمته.
قفزت مبيعات المجوهرات الذهبية والفضية بنسبة 17.5 في المائة في الأشهر الستة المنتهية في 30 يونيو مقارنة من نفس الفترة من العام الماضي إلى 168. 23.5 مليار دولار أمريكي، وفقًا للبيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء قبل أيام قليلة، ليصبح الذهب ثاني أسرع قطاعات السلع الاستهلاكية نمواً من بين جميع قطاعات السلع الاستهلاكية في الصين.
كما ارتفعت مبيعات سبائك الذهب والعملات المعدنية بنسبة 34٪ في النصف الأول من العام على أساس سنوي و 7٪ على أساس ربع سنوي لتصل إلى 66 طناً، مدفوعة بالطلب القوي وتمثل أسرع وتيرة للنمو منذ عام 2019.
الطلب الحقيق على الذهب بعد أهم مصادر دعم الأسعار خلال عام 2023، وهو العامل الذهب منع الذهب من الانخفاض بشكل كبير من جراء رفع أسعار الفائدة الأمريكية، ومن المتوقع أن يستمر في دعم الأسعار خلال الفترة القادمة خاصة مع استمرار البنوك المركزية العالمية في زيادة احتياطيها من الذهب.