فى عام 2013، كانت مصر على موعد مع بداية عهد جديد من الاستقرار الأمني، وشهد العالم كله كيف تحولت مصر فى غضون سنوات قليلة، إلى واحة من الأمن والاستقرار، قامت خلالها وزارة الداخلية بشن ضربات أمنية حاسمة ضد جميع أشكال الخروج على القانون وتراجع الإرهاب، وضربات مؤثرة ضد تنظيم الإخوان الإرهابى على جميع المستويات، إعلاميا وتنظيميا، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة فى الدولة، ما أدى إلى إحباط المخططات العدائية، وضبط عدد من الشبكات القائمة على نشر الشائعات والتحريض على العنف.
لقد أثبتت الأيام صحة الرؤية المصرية لاستراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، ولم يخطئ الرئيس عبد الفتاح السيسى عندما أعلن بعد توليه مسئوليته أن مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم، رغم الموقف العدائى لبعض الدول الأوروبية وقت تلك الإجراءات التى اتخذتها مصر لمكافحة الإرهاب، خاصة فى سيناء، لكنها أصبحت فيما بعد محل إشادة من تلك الدول نفسها، بعد أن ذاقت هذه الدول مرارة الإرهاب.
اعترفت هذه الدول بنجاح جهود مصر فى مواجهة الإرهاب العابر للحدود، ووقعت مع القاهرة اتفاقيات ثنائية لتوحيد قاعدة البيانات وتبادل المعلومات، بشأن تحركات المقاتلين الأجانب وقطع خطوط الدعم والتمويل للإرهاب، ورصد الاتصالات والاجتماعات التنظيمية التى عقدت فى بعض الدول الأوروبية للتخطيط لاستهداف أمن الدول، وخاصة بعض الدول الأفريقية مثل مصر والسودان وليبيا، كان التنسيق الأمنى بين مصر والدول الأوروبية على مستوى عالٍ.
واجهت مصر التطرف وحدها بعد 30 يونيو 2013، وحذرت من استمرار احتضان بعض الدول للجماعات الإرهابية، وطالبت بتجديد الخطاب الدينى لمواجهة الفكر المتطرف ، وتوقعت مخاطر الإرهاب العابر للحدود وأثره على الاستقرار الإقليمى والدولى ، حيث أدى نمو الإرهاب عبر الحدود فى السنوات الأخيرة إلى ظهور سلسلة من الهجمات فى أوروبا أدى صعود داعش فى سوريا والعراق إلى وقوع هجمات كبيرة فى العديد من المدن الأوروبية ، فضلاً عن انضمام آلاف المواطنين الأوروبيين إلى داعش .
خاضت الجمهورية الجديدة معارك غير مسبوقة ، أولها ضد أخطر التنظيمات الإرهابية التى عرفها العالم ، وفى مقدمتها جماعة الإخوان ، وواجهت مع المصريين حربًا شرسة لاستئصال الورم السرطانى للإخوان، والثانية خاضته القيادة السياسية أمام المحافل الدولية ليثبت للعالم صحة الرؤية المصرية فى ملف الإرهاب، خطر الإخوان على كل البلاد وليس مصر فقط.
فى كلمة مهمة ألقاها الرئيس السيسى فى اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد عام 2014، أكد خلالها على ضرورة مكافحة التطرف والإرهاب ، من خلال التعاون الدولى المشترك والمتكامل، لمواجهة أخطاره فى العالم أجمع. ليس فى سوريا والعراق ، وأخطر ما أشار إليه الرئيس هو أن الإرهاب ليس داعش فقط، بل الإخوان أيضا وكل التنظيمات المماثلة له، وشدد على أن الإرهاب سيصل إلى الدول التى تعتقد أنها محصنة منه.
على صعيد الأمن الجنائي، شهدت السنوات العشر الماضية نجاحات كبيرة للشرطة المصرية، مما أدى إلى انخفاض معدل الجريمة بنسبة 13.6% مقارنة بعام 2021، بحسب آخر الإحصاءات التى أعلنت عنها وزارة الداخلية خلال احتفالات عيد الشرطة يناير الماضي، كل هذه الجهود أدت إلى خروج مصر من دائرة الدول الأكثر تضررا من الإرهاب، تراجع ترتيب مصر فى النسخة العاشرة من مؤشر الإرهاب العالمى الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولى لعام 2023، وانخفض معدل العمليات الإرهابية فى مصر.
على المستويين الإقليمى والدولي، حققت مصر مكاسب دولية بعد نجاحات مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الأمن والاستقرار فى البلاد ، وفى مقدمتها رئاسة مصر للمنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب، ورئاسة مصر لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولى عام 2016، حرصت عدة دول عربية وآسيوية على الاستفادة من تجربة مصر فى مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الأمنى المشترك مع القاهرة.