"عبروا بأفلامكم عما فى قلوبكم" هذه هى فلسفة "خان" فى كل أعماله، وفى آخر حوار له قال المخرج المبدع لـ"انفراد" إن هذه هى النصيحة الوحيدة التى يوجهها لشباب السينمائيين والتى إذا قاموا بتنفيذها فإن السينما المصرية سوف تختلف تماما عما هى الآن.
المخرج الراحل كان يهتم بإظهار المرأة فى أجمل صورة لها، وكان يحرص على تصوير أدق تعبيراتها ووصف أرق مشاعرها ومناقشة أهم مشكلاتها، ورغم ذلك كان يتم اتهامه أن أفلامه تسىء للمرأة وتظهرها فى صورة مختلفة عما هى عليه فى الحقيقة خاصة عندما قدم فيلم "قبل زحمة صيف" والذى ظهرت فيه شخصية "هالة" التى تجسدها هنا شيحة فى صورة الأم المستهترة والتى تقيم علاقات مع رجال كما يحلو لها متناسية واجبها كأم تجاه ابنائها كما أتهموه بأن الفيلم خفيف ولا يرقى بأسم محمد خان، ودافع المخرج عن نفسه ضد هذه الاتهامات قائلا الفيلم لا يسىء للمرأة المصرية نهائيا، ولا يظهر المطلقات بصورة المنحلات أخلاقيا، ولكنه يحكى عن سيدة تدعى هالة وهى حالة خاصة ومتفردة ولا أسمح بتعميم هذه الشخصية على جميع السيدات لأن الفيلم بذلك سيأخذ منحى آخر بعيدا عما هو عليه فى الحقيقة.
وأضاف دائما ما يحاول الناس أن يضعوك فى قالب أو خانة معينة ويجب عليك أن تتكيف مع ذلك، ولكنى لا أريد أن أحصر نفسى فى قالب معين وليس بالضرورة أن يحدث ما يريدونه، فأنا أحب أن أنوع فى أفلامى وأقدم أفلاما لا تشبه بعضها، أحاول أن أجعلهم يرون حالة إنسانية خاصة، لا أريد أن أبعث إليهم برسائل معينة من خلال العمل، ولا أريد أن أفرض عليهم وجهة نظر معينة، أنا أحاول أن أجعلهم يتفاعلون مع ما يرونه على الشاشة بدون أى توجيه أو وصاية أو تدخل منى، أعرض لهم الحالة وأتركهم أحرارا فى تكوين انطباعاتهم وأفكارهم ولا أجبرهم على شىء، لأنى لست مصلحا اجتماعيا، والفيلم يعرض حالة إنسانية بين طبقة من الناس يعيشون حالة من الترف والرفاهية وطبقة كادحة، وأجعل المشاهد يرى كيف تبدو حياة هذه الطبقة المترفة من خلال عيون الطبقة الكادحة.
والمشاهد لفيلم "قبل زحمة صيف" آخر أعمال محمد خان سوف يبهر بنعومة وجمال الصورة المقدمة فى العمل والتى اعتمد فيها المخرج على الإضاءة طبيعية، وعن هذا قال المخرج صورت جميع مشاهد العمل فى الشتاء لأن الجو كان صافيا ومعتدلا والإضاءة به جيدة، ولم أضع الوقت بالإعادة المتكررة للمشاهد، واعتمدت على عنصر البساطة فى مشاهد الفيلم المختلفة، واستغرق منى التصوير شهرا واحدا فقط، وعن مشهد تساقط الأمطار قال "جهزت مجموعة من المحترفين فى الخدع السينمائية لتنفيذ المشهد، وقمت بتصويره عدة مرات وفى كل مرة كنت أشعر دائما أنه مفتعل وأعدت المشهد أكثر من مرة إلى أن تفاجأت بنزول الأمطار طبيعيا وخرج المشهد بالصورة التى أرضى عنها".
ورغم أن الفيلم لم يكن يناقش بعمق قضايا اجتماعية أو سياسية شائكة ولم يركز على قضايا فساد بصورة مباشرة إلى أن المخرج المهموم بقضايا وطنه أشار من خلال إحدى الخطوط الدرامية بالعمل إلى الإهمال الطبى حيث قال الإهمال والتسيب الطبى موجود على أرض الواقع، ولم يكن هذا الخط الدرامى موجودا فى السيناريو الأصلى، ولكنى وضعته بعد ما حدث للكاتبة نادين شمس- الله يرحمها- التى لقيت مصرعها بسبب الإهمال الطبى، وشعرت بوجوب تسليط الضوء على هذه القضية نظرا لأهميتها الشديدة، خاصة أنها تمس الواقع بقوة، ولكن مشاكل الإهمال الطبى لم تكن هى أساس الفيلم واكتفيت بالإشارة إليها فقط.
ورغم عدم فوز الفيلم بأى جوائز فى مهرجان "دبى السينمائى الدولى" أو "الأقصر للسينما الإفريقية" إلا أن المخرج لم يكن حزينا لهذا بل قال إن مهرجان دبى هو نافذة على العالم وأنه سعيد بمشاركة فيلمه فى مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية كما أنه لم يكن يتوقع أن يفوز بأى جوائز فى المهرجان فى ظل مشاركة أفلام إفريقية متعمقة فى مناقشة قضايا هامة محلية وإقليمية.