لا تزالأوروباتعانى من أزمة الغاز الطبيعى التى ظهرت منذ بداية حرب أوكرانيا وروسيا، وعلى الرغم من أنه العام الماضى كانت أوروبا مستعدة للشتاء إلا أن هذا العام هناك مخاوف من عدم استعداد القارة بسبب ارتفاع درجات الحرارة التى جعلت الدول ستلجأ إلى استهلاك الغاز فى التبريد، وهو ما سيولد حالة من عدم استقرار الأسعار.
وعلى الرغم من أن الإجراءات السريعة التى اتخذها الاتحاد الأوروبى أسهمت فى التخفيف من آثار أزمة سوق الغاز فى أوروبا، فى انتشار الأمل وزيادة التفاؤل مع اقتراب دخول الشتاء المقبل، إلا أن بعض المحللين ما زالوا حذرين فى التقديرات، حيث يحذر بعض الخبراء من تداعيات موجات الحر الشديدة التى تضرب جنوب أوروبا، ما يستلزم ضرورة تركيز الاتحاد على أهدافه طويلة الأمد خلال الأشهر المقبلة، وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادى العالمى.
ووفقا للتقارير الأخيرة، فقد تراجعت أسعار الغاز الطبيعى فى أوروبا، وهو مؤشر العقود الآجلة الهولندية لمدة شهر واحد، انخفاضا حادا بنسبة 10% إلى 28.14 يورو ميجا واط / ساعة فى تكلفة المواد الخام، وفقا لصحيفة "الباييس " الإسبانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن أسعار الغاز عادت إلى الانخفاض مرة آخرى، بشكل واضح بنسبة 10% وسط حالة من التشاؤم من استمرار موجات الحرارة الشديدة وتأثيرها على اقتصاد القارة العجوز، حيث بدأ الغاز فى الارتفاع بشكل حاد يومى الاثنين والثلاثاء الماضيين، بالنظر إلى احتمالية أن يؤدى الصيف الحار الذى ابتليت به دول البحر المتوسط إلى زيادة الطلب، حيث انتعشت بنسبة 7.6٪ و8.8٪ على التوالى، ولكنها هبطت يوم الأربعاء فقط بنسبة 11.8٪، وذلك بسبب الحرارة الشديدة التى أدت إلى نقص الاستهلاك.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقا للبيانات الأخيرة لبلومبرج، فقد ظل استهلاك المواد الخام فى الأشهر الأخيرة أقل من المتوسط التاريخى بعد أن أجبرت أزمة الطاقة الناتجة عن حرب أوكرانيا، الحكومات والشركات والاسر فى أوروبا على خفض استهلاك الغاز، وهذ الانفاق المنخفض إلى جانب الاحتياطيات المرتفعة يعزز الشعور بالأمان الذى ينعكس على السعر، على الرغم من أن أوروبا لا تزال عرضة لاضطرابات العرض قصيرة الاجل.
ويرى المحللون أنه "لا يبدو أنه ستكون هناك زيادة كبيرة فى الطلب من الآن وحتى بداية فصل الشتاء والتى ستعيد الاستهلاك إلى مستويات ما قبل عام 2022"، قبل أن يضيفوا أن الزيادة فى توليد الطاقة المتجددة ستسهم أيضًا فى انخفاض الطلب على هذا الوقود.
ومرت أوروبا بشتاء معتدل خلال العام الماضى، ما أسهم فى انخفاض الاستهلاك نتيجة اعتدال الطلب على التدفئة، إلا أن موجة الحر الحالية زادت من الطلب على التبريد بمستويات قياسية، ما قد يؤثر فى زيادة استهلاك الغاز قبل دخول الشتاء.
دفعت أوروبا الثمن باهظًا عبر زيادة إنفاقها على النفط والغاز والفحم بمقدار تريليون يورو (1.1 تريليون دولار) خلال عام 2022، مقارنة بالعام السابق، بسبب التكلفة العالية للبحث عن مصادر طاقة بديلة للواردات الروسية، وهو ما يعادل ضعف حصة الإنفاق على الطاقة من الناتج المحلى الإجمالى، وفقًا لتقديرات المنتدى الاقتصادى العالمى.
وهناك تقديرات بأن حجم عجز الغاز المحتمل أن يواجهه الاتحاد الأوروبى فى عام 2023 بما يقارب 30 مليار متر مكعب.
روسيا تنقل غازها من أوروبا إلى اسيا
وفى السياق نفسه، قالت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية فى تقرير لها أن الحرب الأوكرانية لم تغير الجغرافيا السياسية للعالم فقط من خلال حرب أوكرانيا 22 فبراير 2022، ولكن أيضًا بسبب العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى على روسيا، والتى غيرت بشكل جذرى هيكل سوق الطاقة العالمى، لا سيما. فى العلاقة الحاسمة بين الاتحاد الروسى - المنتج الرائد للطاقة فى النظام الدولى - والقارة الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، والتى تعد ثالث أكبر منتج بعد الولايات المتحدة والجمهورية الشعبية.
ووفقا للتقرير فإن العقوبات المفروضة على روسيا تسببت فى زيادة هائلة فى أسعار الطاقة فى العامين الماضيين، والتى ارتفعت بأكثر من 700٪ فى تلك الفترة.
وترى الصحيفة أنه الأهم من ذلك فإن العقوبة المفروضة على روسيا أطلقت العنان لإعادة توجيه غير عادية لتدفقات النفط والغاز، ونقلها من روسيا، بما فى ذلك الكتلة الأوراسية، إلى آسيا، منهية الأولوية التاريخية للسوق الأوروبية، وفى الشهرين الماضيين، أصبحت الهند والجمهورية الشعبية، بهذا الترتيب، من العملاء الرئيسيين لموسكو فى مجال الطاقة ؛ وترد روسيا على هذه المحسوبية الآسيوية بسعر للنفط والغاز يسمى "أورال" أقل من السوق العالمية بنسبة 30٪.
وتعتبر الهند هى الاقتصاد الثالث فى العالم، تقاس بالمنتج فى القوة الشرائية المحلية(PPP)؛ وهى خامس أكبر اقتصاد فى النظام العالمى عندما تكون مقومة بالدولار الثابت.
فى الوقت نفسه، تعد الهند بالفعل الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان على هذا الكوكب حيث يبلغ عدد سكانها 1.430 مليون نسمة أكثر من الصين، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك 1.670 مليون هندى فى عام 2050، فى حين أن الصين سيكون لديها 1.310 مليون فقط، ما يجعل حالة الهند خاصة حقًا هو أن نموها الاقتصادى لم يكن مرادفًا للتصنيع. على العكس من ذلك، تشهد الهند بالمعنى الدقيق للكلمة عملية "تراجع التصنيع" الحاد والمتزايد.
من جانبها، تعد جمهورية الصين الشعبية أكثر دولة صناعية على وجه الأرض، حيث يقابل 28٪ من إنتاجها الإنتاج الصناعى، وفى ظل هذه الظروف، نما الاقتصاد الصينى، الثانى على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة، التى يبلغ ناتجها 18.6 تريليون دولار، 19٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، 0.8٪ فى الربع الثانى من عام 2023، مقارنة بـ 2٪ فى الأول.