رغم مرور أكثر من ثلاث شهور ونصف على إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز خام الحرمين الشرفين خلال زيارة الأخير الأخيرة للقاهرة الاتفاق على إنشاء جسر برى يربط مصر والسعودية، إلا أنه لم يتم اتخاذ أى إجراءات فعلية تجاه تنفيذ هذا المشروع القومى المقترح تنفيذه من خلال ربط مدينتى تبوك السعودية وشرم الشيخ المصرية عبر جسر برى يتخذ جزيرتى تيران وصنافير كنقاط ارتكاز.
وأكدت مصادر مسئولة لـ"انفراد" أن المشروع معطل ولم يتم البدء فى الإجراءات التنفيذية تجاه هذا المشروع القومى حتى اليوم فى انتظار تصديق مجلس النواب المصرى على الاتفاقيات التى تم توقيعها بين مصر والسعودية وبينها اتفاق إنشاء الجسر البرى، لافتة إلى أن هذا الاتفاق معطل بسبب أزمة جزيرتى تيران وصنافير.
وقال سعيد طعيمة رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب لـ"انفراد" أن تأخر تصديق مجلس النواب على اتفاق إنشاء الجسر والبرى بين مصر والسعودية بسبب ارتباط اتفاق الجسر البرى باتفاقية ترسيم الحدود الخاصة بجزيرتى تيران وصنافير، وأن تأخر عرض هذه اتفاقية على مجلس النواب جاء بعد القضية التى رفعها المحامى خالد على بشأن الجزيرين وحكم محكمة القضاء الإدارى، وبناء عليه لم يحال اتفاق الجسر البرى من الأساس للجنة النقل والمواصلات.
وأضاف الدكتور إبراهيم الدميرى وزير النقل الأسبق لـ"انفراد" أن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة استدعته بعد اتفاق الرئيس السيسي والملك سلمان على إنشاء الجسر البرى مباشر، واستمعت إلى رؤيته لإنشاء هذا الجسر وكيفية تنفيذ هذا المشروع، لكن منذ حينها لم يتم اتخاذ أى إجراءات أخرى، لحين موافقة مجلس النواب على الاتفاقيات التى تم توقيعها بين مصر والسعودية.
يذكر أن مشروع الجسر البرى بين مصر والسعودية ظهر لأول مرة عام 1988 خلال زيارة الملك فهد بن عبد العزيز خادم الحرمين الشرفين لمصر حينها، وتم الإعلان عن هذا المشروع عقب لقاء الملك فهد مع الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وكان الاتفاق يقضى بإنشاء جسر برى يبدأ من الشاطئ الغربى لمصر عند "رأس نصرانى" القريبة من شرم الشيخ، ويمر بجزيرة تيران، ليصل إلى الشاطئ السعودى بمنطقة رأس حميد، ويبلغ طوله مسافة 23 كم.
وهو مشروع قومى لن يخدم نقل الركاب وحركة مرور السيارات فقط، لكن كان مقترح حينها أن يمر عبر جسم الجسر توصيل خطوط كهرباء وغاز وبترول وفقا للدراسات الأولية التى أجريت حول المشروع، وتوقعت الدراسات الأولية نجاح هذا المشروع فى جلب تكلفة إنشائه خلال خمس سنوات من خلال الإيرادات التى سيحققها للبلدين.
وهذا المشروع عطله الرئيس الأسبق حسنى مبارك وفقا لما أكده اللواء فؤاد عبد العزيز خليل رئيس هيئة الطرق والكبارى الأسبق الذى ظل مدافعا ومتبنيا لهذا المشروع حتى وفاته فى عام 2012، وقال خلال آخر حوار له قبل وفاته بأسابيع مع "انفراد" أن الدراسات الأولية التى أجريت حول هذا المشروع كشفت أن السيارة ستقطع هذا الجسر من مصر للسعودية فى نحو 20 دقيقة، وأنه سيرتكز على شاطئ سيناء من ناحية ليمر فى المياه الضحلة مرتكزًا على جزيرة تيران ليمتد حتى الشاطئ السعودى مرتفعًا عن المياه بـ 65 مترًا بما يسمح بمرور الناقلات والبواخر، وسيستغرق تنفيذه من 3 إلى 4 سنوات.
واللواء خليل رئيس هيئة الطرق والكبارى فى الفترة من 1990 وحتى 1997 كشف خلال حواره الأخير أن سبب تعطيل الرئيس الأسبق مبارك إنشاء مشروع الجسر البرى بين مصر والسعودية هو خوفه على مدينة شرم الشيخ من العمال والفلاحين المصريين الذين سيسلكون هذا الطريق بالقرب من المدينة ليعبروا الجسر، وكذلك ليحافظ على مصالح رجال الأعمال، وقال أن كل وزير جديد كان يتولى مسئولية وزارة النقل كان يعرض عليه تنفيذ هذا المشروع، وكان يجلس معه ما لا يقل عن 4 ساعات يشرح له المشروع ويحاول إقناعه به لكن دون جدوى.