أصبح الإهمال مرافقاً للعديد من المؤسسات والإدارات المختلفة، دون عناء من المسئولين لتغيير فكرهم الـ"رجعى" والروتينى فى حل الإشكاليات العالقة أو المحافظة على مقتنيات تركها القدماء، وكل المطلوب من المسئولين هو المحافظة على التراث.
ومازال الإهمال يسيطر على مجريات الحياة، لا يفرق بين حديث ولا قديم، أو كائن حى أو جماد، فالكل سواسية أمام الإهمال الذى يغرق البلد خلال الفترة الأخيرة، حتى الاثار لم تسلم من الإهمال، وكان آخرها مقابر كوم الشقافة فى محافظة الإسكندرية والتى تغرق فى المياه حاليا.
وتعانى مدينة الإسكندرية من إهمال شديد فى النظافة وغيرها من الملفات الشائكة التى تصعب على الإدارة التنفيذية حلها فى الوقت الحالى، حتى وصل الإهمال إلى الآثار والمناطق الأثرية تحديداً بمقابر كوم الشقافة الأثرية بمنطقة كرموز والمسئولين فى حالة صمت شديد .
وتعتبر منطقة كوم الشقافة من المناطق الأثرية التى يرجع تواجدها للعصر اليونانى وتم اكتشافها بالصدفة عام 1900 وهى عبارة عن مجموعة جبانات من نوع الكاتا كومب والتى انتشرت فى القرون الثلاثة الأولىالميلادية والتى تتشابه مع مقابر الكاتا كومب فى روما، وتتكون من سلم حلزونى فى نهايته المقابر، بينما اسم مقابر كوم الشقافة يرجع إلى التمسية العربية إحياءً للاسم اليونانى القديم.
ومنذ دخولك للمقابر لن تجد دليلاً يوجهك أو يرشدك للمعالم الأثرية الموجودة بالمقابر، وبعد حصولك على تذكرة الدخول يتركك الموظفون ومسئولو الأمن لكى تتجول بحرية مع مراعاة عدم حمل كاميرا لكى لا تتأذى الآثار من الفلاش حتى لا يتغير لون الحوائط مع مرور الوقت.
سلم حلزونى يرسلك إلى الأسفل لكى تشاهد آثار مصر الرومانية مجموعة من الجبانات القديمة، ولكن منذ دخولك تشعر برائحة الرطوبة والمياه الراكدة الكريهة، لا تستطيع أن تكمل رحلتك الشيقة للمعالم الرومانية بسبب ارتفاع منسوب المياه والظلام الدامس وانخفاض نسبة الأكسجين، بالإضافة إلى عدم وجود مرشد يطلعك على أهم نبذة تاريخية عن المقابر وأهميتها .
وقال أحمد يوسف، مرشد سياحى، إن المنطقة الآثارية لكوم الشقافة تعانى إهمالا شديدا على الرغم من توافد الأجانب والأفواج السياحية عليها، مما يؤثر على مظهر الآثار المصرية أمام الأفواج الأجنبية .
وأضاف أن معظم المناطق الأثرية بالإسكندرية تحتاج إلى نظرة اهتمام من المسئولين بالإسكندرية حتى تنتعش السياحة الداخلية، والتى تدخل عائد كبير على المحافظة وهيئة الآثار بالإسكندرية .
ومن جانبه قال اللواء مصطفى رشدى، مدير الآثار اليونانية بالإسكندرية، إن سبب ارتفاع منسوب المياه هو توقف إحدى الطلمبات بشكل مفاجئ فى مقابر كوم الشقافة، مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـ"انفراد"، أنه جار العمل فى الموقع ورفع المياه الزائدة من خلال طلمبات جديدة جار العمل بها لحماية الآثار من المياه .
وأشار إلى أن منطقة كوم الشقافة الأثرية تقع ضمن مشروع جديد بالتعاون مع مركز البحوث الأمريكى وجار تنفيذه عقب انتهاء الدراسة بالكامل، وذلك بوضع طلمبات جديدة، خاصة أن المنطقة تتواجد بها مياه جوفية، مؤكداً أن الآثار لن تتأذى بشكل كبير لعدم مرور وقت كبير على ارتفاع منسوب المياه .