"الكتاتيب".. مكان تحفظ القرآن فى القرى، بعد أن ظن الكثيرون اندثارها يرصد "انفراد" عودة الكتاتيب بقرى مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، فكنا قديماً نحرص على ذهاب أولادنا للكتّاب بكافة الوسائل لكى يحفظوا كتاب الله رب العالمين، ولكى يستطيعوا النطق بطريقة سليمة وكان الكثير منا يحرص على ذهاب أولاده للكتاب أيضاً من أجل تعلم القراءة والكتابة والحساب قبل أن يلتحقوا بالمدرسة أى كانت الكتاتيب تحل محل الحضانات الخاصة ولكنها بالمجان.
ويعلم القاصى والدانى أن الكتاتيب تعمل على تحفيظ القرآن الكريم بالمجان وغالباً ما يكون مقرها المساجد أو الأماكن المناسبة الملحقة بالمساجد (المقرة) والكتاتيب وحلقات القرآن الكريم لها دور بارز فى تحفيظ الأطفال القرآن الكريم ابتداء من سن الرابعة وحتى نهاية المرحلة الجامعية، وظهر محفظ القرآن الكريم مرة أخرى ولكن هذه المرة فى قرية الجمل والطيارة التابعة لمركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة وللأسف الشديد المكان الذى يتلقى فيه الأطفال تعاليم القرآن الكريم (الكتاب) مكان لا يليق بالمرة تستطيع أن تقول إنهم يحفظون القرآن الكريم فى الشارع على حصيرة والمفارقة العجيبة أن على بعد أمتار من الكتاب مسجد من بيوت الله، بالإضافة إلى وجود فصل مجتمعى أيضاً على مقربة من الكتاب ومع ذلك رفضت الأوقاف أن يحفظ الأطفال القرآن داخل المسجد وكذلك رفض القائمين على الفصل المجتمعى دخول الأطفال الفصل لتلقى علوم القرآن الكريم.
انفراد حاولت الاقتراب من المشهد أكثر وألقت الضوء على هذه المشكلة الكبرى لعل هؤلاء الأطفال من أهل القرآن يجدوا من يحنو عليهم.
فى البداية يقول الشيخ محمد راضى إبراهيم "27 سنة" والمحفظ للأطفال بالمجان والحاصل على إجازة حفص عن عاصم بمعهد قراءات حوش عيسى حفظت القرآن الكريم كاملاً منذ 10 سنوات وكان أملى أن أفتح كتّاب لأقوم فيه بتحفيظ الأطفال القرآن الكريم، معتبراً ذلك من حق القرآن علىّ وواجبى نشره، كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وأضاف الشيخ محمد راضى إبراهيم أنه بدأ بالفعل فى فتح الكتاب منذ 4 سنوات، ومنذ اللحظة الأولى وهو والأطفال يعانون الأمرين من أجل الإسهام فى حفظ الأطفال للقرآن الكريم، مشيراً أن الأطفال الذين يصل عددهم لــ 70 طفلا ما بين إناث وذكور تعرضوا لكافة ظروف الطقس السيئة من حرارة شديدة أصابتهم بضربة شمس ومن برد قارس أصابهم بالنزلات والحمى ومع ذلك تحمل أهل القرآن من هؤلاء الأطفال كافة الظروف المناخية من أجل حفظ القرآن الكريم والحمد لله إحدى الفتيات حفظت القرآن الكريم كاملاً وتدعى "جهاد بدر إبراهيم" وتم تكريمها شهر رمضان الماضى، وكذلك باقى الأطفال منهم من حفظ 15 جزءا من القرآن الكريم فأقل.
وأضاف راضى أتعجب من دور وزارة الأوقاف كانت منذ منذ سنوات قليلة لها خطة فى التوسع فى تحفيظ القرآن خطتها كانت قائمة على إنشاء حلقات للقرآن الكريم وكان يتبعها "المقارئ" وهى بمثابة مراكز لحفظ القرآن الكريم لمن يريد من المواطنين وتراعى فيها أحكام التجويد والقراءات السبع المتواترة، ولى شقيق عضو فى هذه المقارئ، وسبق له اجتياز الاختبارات فى القرآن الكريم كله وأحكامه بالإضافة إلى حسن الصوت، فلماذا نحن فى قرية الجمل والطيارة بيت الله يقفل فى وجوهنا منذ 4 سنوات وما ذنب هذه الأطفال، وناشد راضى وزير الأوقاف ومحافظ البحيرة بضرورة دعم الكتاتيب، والاعتداد بدورها التربوى والتعليمى وتحفيظ القرآن الكريم، وناشد أصحاب القلوب الرحيمة بمساعدة أهالى القرية فى بناء كتاب يليق بأهل القرآن الكريم ويحميهم من حرارة الجو .
ويقول الحاج صافى غنيم أحد الأهالى نظالب وكيل وزارة الأوقاف بالبحيرة بالسماح لأولادنا بحفظ القرآن الكريم داخل مسجد قرية الجمل والطيارة بمركز أبو المطامير لحمايتهم من حرارة الشمس المحرقة التى أصابتهم بضربة شمس وإعياء شديد .
ويقول الحاج عيد زيدان أحد الأهالى نحرص على تعليم أولادنا وبناتنا القرآن الكريم ويقابل حرصنا هذا بإهمال متعمد من الدولة، فلا يجوز أن يهان أهل القرآن بهذه الطريقة، ففضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وأتمنى من الله أن ينظر القائمين على الأمر بعين الرأفة لأبنائنا من طالبى العلمى وأن يساعدونا فى إنشاء مكان يليق بأهل القرآن الكريم .
وطالب الحاج عبد العظيم محمد عبد العظيم أحد الأهالى محافظ البحيرة الدكتور محمد سلطان بتوفير أى مكان يخص الوحدة المحلية لمجلس ومدينة أبو المطامير، لكى يكون مناسباً لأهل القرآن الكريم ليتلقوا فيه العلم، أو يوجه التربية والتربية بالمحافظة بفتح الفصل المجتمعى للأطفال لتلقى علوم القرآن الكريم بداخله .
وقال الحاج على الزقم أحد الأهالى شاهدنا تفوق إحدى بناتنا والتى أنعم الله عليها بحفظ القرآن وهى "جهاد بدر إبراهيم" والتى حفظت القرآن كاملاً على أيدى الشيخ محمد راضى .
فى هذا المكان الذى تراه وهذا دفعنا جميعاً للحرص على إستكمال أولادنا لحفظ كتاب الله كاملاً ولكن الأطفال تحملت الكثير، تحملت ما لا يتحمله الكبير منا فى الشتاء الأمطار تغرقهم وفى الصيف الشمس تحرقهم وليس لهم إلا الله، فأرجو من كل من يشاهدنا أن يمد يد العون لنا ويساعدنا فى بناء مكان يليق بأهل القرآن الكريم .
وحول دور الكتاب يحدثنا الشيخ حامد مصطفى الخولى إمام وخطيب بالمعاش ومحفظ قرآن (ضرير) كنت طفلاً فى السابعة من عمرى وأسكن ببلدتى قرية منية عطية والحمد لله رب العالمين رزقنى الله نعمة البصيرة وحرمنى نعمة البصر فقد كنت ضريراً وكان أقرب كتاب لى فى قرية الحجانية أى لكى أذهب إلى الكتاب لابد أن أسير من قرية أبو الفضل مروراً بالطريق الزراعى القاهرة الإسكندرية حتى أصل لقرية الحجنانية والتى تبعد بحوالى 4 كيلو متراً وكان العمل فى الكتّاب يبدأ من طلوع الشمس وحتى صلاة العصر، وكنت أنا وزملائى من أطفال القرية نحفظ القرآن الكريم فى فترة وجيزة جدا وبالفعل والحمد لله وبالرغم من كونى ضرير إلا أن رزقنى الله بحفظ القرآن الكريم كاملاً فى 3 سنوات ، وكنت أعمل بالإعدادية مقيم شعائر كى أستطيع أن أدبر مصاريف الجامعة، والحمد لله تخرجت من كلية أصول الدين وأصبحت إمام وخطيب بوزارة الأوقاف حتى خرجت على المعاش والآن أعمل محفظ للقرآن الكريم للأطفال والكبار بالمنازل لكى أستطيع أن أتحمل أعباء الحياة ومستلزمات أسرتى .
وأحب أن أشير إلى أننى وغيرى كثيراً من المشاهير وعلى رأسهم عميد الأدب العربى رفاعة الطهطاوى، رائد الثقافة فى مصر خريجى الكتاتيب، فأرجو من الرئيس عبد الفتاح السيسى ووزير الأوقاف الإهتمام بعودة الكتاتيب مرة أخرى لتمتعها بالصرامة والبساطة وتميزها بأساليب رائدة فى تعليم القرآن الكريم والحديث الشريف ومبادئ القراءة والحساب.
مؤكداً أن الكتاتيب تعانى من الإهمال المتعمد من جانب الحكومة، فقد انصرفت الحكومة عن توجيه مزيد من الدعم إلى الكتاتيب واهتمت بالحضانات، معربا عن أمله أن ينظر الرئيس عبد الفتاح السيسى بعين الإهتمام لهذه الكتاتيب التى خرجت عظماء من كبار قراء الإذاعة والتلفزيون وأساتذة وعلماء فى كافة المجالات .
ومن جانبه علق الدكتور إبراهيم الحشاش وكيل وزارة الأوقاف بالبحيرة على مطالب الأهالى قائلاً إن المساجد ليست أماكن لتحفيظ القرآن بل هى دور للعبادة ويستثنى من ذلك فى حالة أن يكون المحفظ هو إمام المسجد أو مقيم شعائر بالمسجد، مشيراً فى أن هناك أماكن مناسبة ملحقة بالمساجد يتم تأجيرها للمحفظين من خارج الأوقاف بأجر رمزى جداً لحفظ ملكية المكان للأوقاف، وأوضح الدكتور إبراهيم الحشاش وكيل وزارة الأوقاف بالبحيرة فى تصريحات خاصة لـــ"انفراد" أن وزارة الأوقاف لا تتكسب من هذه العملية.
مضيفاً أن الأوقاف لن تسمح لأى محفظ من خارج الوزارة أن يعمل كتاب داخل المسجد وعلى الأهالى أن تبحث عن أى مكان ملحق بالمسجد وسيتم تأجيره لهم فوراً بأجر رمزى ضعيف جداً .