(Yes We Can) شعار ردده ملايين الأمريكيين، وآلاف من الشباب العربى، عندما ترشح باراك أوباما لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2008، لكنه بعد مرور 8 سنوات لم يعد نفس الحماس موجود مع إعلان ترشيح هيلاري كلينتون رسميا، عن الحزب الديمقراطى، وفوز دونالد ترامب بترشيح حزبه الجمهورى، لرئاسة الولايات المُتحدة.
الانتخابات الأمريكية، بغض النظر عن المرشحين، تجذب اهتمام العرب والمسلمين بشكل كبير، حيث العديد من القضايا الساخنة فى الشرق الأوسط ابتعد عنها الرئيس باراك أوباما، خلا فترة رئاسته، كما أن الاختلاف الكبير في المواقف والرؤى السياسية بين كلينتون وترامب جعل من هذه الانتخابات مهمة من أجل معرفة التوجه العام المستقبلى للسياسة الخارجية للدولة الأكبر فى العالم.
الصراع العربى الإسرائيلى
عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإن السياسية الأمريكية لا تتغير باختلاف من سيصل إلى سدة الحكم، كلينتون كانت أم ترامب، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة أثبتت أنها صديقة للدولة العبرية، وهذا ما ستنتهجه "هيلارى"،التى تؤمن بحل الدولتين، أما "ترامب" فقد صرح فى 18 فبراير 2016 بأنه "ربما يكون من الصعب التوصل إلى اتفاق سلام دائم بين إسرائيل وفلسطين" وقدم مقترحا هزليًا يقتضي بمنح جزيرة بورتوريكو الأمريكية للاجئين الفلسطينيين كتعويض مقابل التنازل عن أرضهم لإسرائيل، وهو ما يثير القلق لدى العرب والمسلمين من توجهه "الراديكالى".
الولايات المتحدة والأزمة السورية
"كلينتون"، السياسية الداهية، التى اعترفت فى مذكراتها أنها لم تؤيد الرئيس أوباما فى موقفه من تنحى الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك رغم أنها كانت وزيرة الخارجية وقتها، تعتبر سوريا أكبر إخفاقات إدارة أوباما، ورغم ذلك موقفها من حسم الصراع على الأرض غير واضح، فى الوقت الذى تدعم فيه موسكو بشار الأسد "علانية"، إلا أن سياستها يبدو أنها ستشكل امتدادا لرؤية الرئيس باراك أوباما فى الابتعاد عن "رحى الحرب" الدائرة فى بلاد الشام.
أما دونالد ترامب فكان أكثر وضوحا، حين قال، فى 4 أكتوبر 2015، في إجابة على سؤال لمحطة "إن بي إس" الأمريكية، حول الجهود التي تبذلها دول غربية لإزاحة الرئيس السورى بشار الأسد عن السلطة: "إذا نظرت إلى ليبيا، أنظر إلى ما قمنا به هناك، إنها الفوضى، إذا نظرت أيضاً إلى صدام حسين في العراق أنظر ماذا فعلنا هناك، ستتجه سوريا في نفس الاتجاه".
أمريكا و"نووى إيران"
رغم أن الإيرانيين يرون "ترامب" عدوا للإسلام والمسلمين، لكن يبدو أن طهران تفضله على منافسته كلينتون، والسبب هو تهور المرشح الجمهورى فى خطاباته التى أثارت انتقادات واسعة فى الغرب.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران ناصر هاديان، قال لصحيفة "شرق" الإيرانية، إن إيران سوف تستفيد بصورة أكبر إذا أصبح ترامب رئيساً.
ويؤكد هاديان أنه "سيكون من الأيسر أن تتعامل إيران مع ترامب" لأنه يفتقر إلى المصداقية بين الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة وسيكون من الصعب عليه توحيد جبهته ضد إيران فى المستقبل، مما سيساعد طهران على تجنب مواجهة الجبهة الغربية المتضافرة" حسب قوله.
لكنه يضيف: "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفعله ترامب هو شن الحرب وهذا ما ينبغي أن نتوخّى الحذر بشأنه".
لكن فى المقابل، يرى الكاتب الإسرائيلى المتخصص في شؤون الشرق الأوسط يوسيف مانشاروف، أن طهران تفضل المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون للفوز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة أواخر العام الجاري، لأنها ترى في المرشح الجمهوري دونالد ترامب الشخصية الأكثر خطورة في العالم، وإذا تم انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية فسيفرض عقوبات جديدة على إيران.
وأضاف مانشاروف -وهو باحث فى مركز "عيزري" لأبحاث إيران والخليج بجامعة حيفا- أن زعماء إيران لديهم تفضيل واضح في هوية الرئيس الأمريكى القادم الذي سيدخل البيت الأبيض في يناير 2017، وهذا التفضيل هو كلينتون لأنها ستكون أكثر راحة لطهران، وسوف تحافظ على الاتفاق النووى الموقع مع الدول العظمى.
فرص هيلارى وترامب
الاستطلاعات الأخيرة أشارت إلى تزايد شعبية "ترامب" وتأييد المستقلين له، باعتباره واضح وصريح و منحازا للمصالح الأمريكية، حيث أوضحت النتائج أن ٤٦٪ممن شملهم الاستطلاع أصبحوا أكثر دعمًا له فى ختام أعمال المؤتمر العام للحزب الجمهوري في مدينة كليفلاند، بينما انخفضت نسبة تأييد المستقلين للمرشحة الديمقراطية من ٣٤٪ إلى ٢٨٪.
وحسب رؤية الناخبين الذين شاركوا فى هذا الاستطلاع، فإن ترامب أكثر قدرة من منافسته "كلينتون" على التعامل مع قضايا الاقتصاد والإرهاب، من جهة أخرى أظهرت نتائج الاستطلاع أن ٦٨٪ من الأمريكيين يرون أن كلينتون ليست جديرة بالثقة، بينما يرى غالبية الناخبين أن ترامب يخوض انتخابات الرئاسة لصالح البلاد وليس لمكاسب شخصية.
الصراع على كرسى البيت الأبيض، بين هيلارى،التى تستند فى قوتها إلى الإعلام ومؤسسات الدولة التقليدية، يروها مؤيدوها الأحق بالمنصب لكونها الأكثر خبرة بحكم عملها فى السابق كوزيرة للخارجية، ويرون منافسها عنصرى معادٍ للأجانب والمهاجرين والأقليات سيعمل على عزلة الولايات المتحدة عن العالم.
فى حين يرى معسكر ترامب أن المرشح الجمهورى، الأصلح لأنه ينحاز لمصالح أمريكا "وراجل دوغرى"، ويعتبرون هيلارى امرأة ضعيفة ، فادحة الأخطاء، وأبرزها قضية استخدامها بريدها الإلكترونى الخاص فى عملها الرسمي، وتورطها فى أحداث "الربيع العربى" ومسئوليتها عن وصول الإخوان إلى الحكم فى مصر وضياع هيبة أمريكا فى الشرق الأوسط، بحسب بتصريحات ترامب فى مؤتمر قبوله الترشح بولاية كليفلاند يوليو الجارى.
ترامب، الذى يحظى بشعبية كبيرة فى أوساط اليمين فى أمريكا، يراه الديمقراطيون، خاصىة الرئيس أوباما، خطرا على أمريكا والعالم، وقال عنه أوباما:"رئاسة الولايات المتحدة أمر جدي، وليست تسلية او حلقة من حلقات "تلفزيون الواقع، كما أن بول رايان، رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكى (الكونجرس) فقال إنه "غير جاهز" لتأييده.
على الجانب الآخر، يرى كثيرون فى الداخل الأمريكى والمراقبون، دونالد ترامب، "الحل" لمواجهة أخطر الملفات التى أغرق بها أوباما وإدارته العالم والمنطقة العربية ، بهدف ضمان أمن تل أبيب، تمهيدا لانسحاب أمريكا لمواجهة تحدياتها الأخرى فى آسيا وشمال شرق أوروبا، كما أنه عكس هيلارى وأوباما، لا يهتم بتوظيف الإرهاب لتفتيت الأوطان، ويتبنى أسلوب التعامل مع الدول المتماسكة فى الشرق الأوسط لتمرير مصالح الولايات المتحدة.