تجاوبا مع الخطبة المكتوبة، وبحثاً عن تجديد الخطاب الدينى، والتفاعل مع الجمهور بشكل يقبله رواد المساجد، ابتكر أستاذ بجامعة الأزهر أفكاراً جديدة للتواصل الإنسانى وتجديد الخطاب الدينى تلائم الحداثة التى نعيشها. نفس الأمر حاول كبير أئمة تحقيق تفاعل إيجابى مع الجمهور مع أدائه الخطبة المكتوبة التى رأوها أنها ليست عائقا فى التواصل بل الأمر يحتاج إلى إبداع.
الدكتور عادل هندى مدرس الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر، أحد المهتمين بجوانب التنمية البشرية خاصة لدى الدعاة، قدم شروحات فى 7 كتب فى التواصل الإنسانى والتنمية البشرية وتوظيفها فى الدعوة، واعتبر أن الخطبة المكتوبة ليست عائقاً فى تجديد الخطاب الدينى أو التفاعل مع الجمهور، وأن الالتزام بها لا يعنى الإضرار بالدعوة.
وقال "هندى" لـ"انفراد": "إن الخطبة المكتوبة يمكن أن يستخدم فيها الخرائط الذهنية والرسوم التوضيحية والهندسية، مع الالتزام النصى بالخطبة المكتوبة"، مؤكداً أن أداء الخطبة بهذا الشكل يحقق نجاحاً كبيراً للخطاب الدينى الملتزم وتجديد للخطاب الدينى دون الوقوع فى صدام مع قرارات تبحث عن المصلحة الوطنية أو الوقوع فى مخالفة شرعية.
وأضاف "هندى" أن الداعية فى حاجة إلى إبداع فى الأسلوب والوسائل، وليس تشنج أمام بعض القرارات، وعلى الداعية أن يبدع فى الوسائل طالما أنه ملتزم بالضوابط والثوابت الشرعية، مع مراعاة الحداثة والمتغيرات والوسائل الحديثة والتكنولوجيا.
وأشار "هندى" إلى أن هذه الطريقة مستمدة من الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يستخدم وسائل من البيئة، قائلا: "هذه بضاعتنا ردت إلينا"، حيث أخذها الغرب عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطورها حسب مستجدات العصر، وعرفها بأنها تحويل الأفكار والمعلومات إلى قوالب هندسية أو أشكال تقرب الفكرة إلى الذهن بمراعاة لأنماط البشر الحسية أو السمعية أو البصرية والتى هى أهم نمط.
وقال "هندى": "سبل ووسائل التجديد فى الخطاب الدينى التى تتعامل مع الإنسان ككيان وليس كوجدان فقط، حيث تتعامل مع الحس الذى يؤمن به الغرب ويؤمن به من لم يقتنع ومن يقتنع كل ذلك موجود فى القرآن والسنة وتطبيقات الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده، لكنها غابت عنا فلما لا نستردها من جديد بالجمع بين الأصالة والمعاصرة ولتجديد الخطاب الدعوى المعاصر".
وأضاف "هندى" أنه يفكر بجدية فى تأليف كتاب مصور تحت عنوان: "الخرائط الذهنية للخطب المنبرية"، خاصة بعد طلب عدد زملائه أن يقوم بتأليف هذا الكتاب ليجسد الفكرة عمليا، خاصة أن الفكرة تعمل على توفير الوقت والتلخيص خاصة مع ارتباط الناس مع وسائل البشرية.
ولفت "هندى" إلى أن فكرته تعنى عرض رسوم أثناء الخطبة وأشكال هندسية من البيئة يفهمها الجمهور العادى، تشرح وتؤدى إلى مدلولات دينية تصل إلى عقولهم بسهولة فى شكل حسى ملموس لأشياء يقتنعون بها.
فيما ابتكر الدكتور مقبول سيد أحمد، كبير أئمة بأوقاف الدقهلية بمسجد الأشراف بصهرجت الكبرى بمركز أجا، ما يشبه "بوديو" المذيع، وهو على هيئة منصة يتم وضعها أعلى المنبر لوضع ورقة الخطبة المكتوبة الموحدة التى تلزم الأوقاف بها الدعاة قريبا، وذلك حتى لا ينشغل بالورقة عن الجمهور وفقدانه للتواصل البصرى معهم.
وقال كبير الأئمة بالدقهلية إنه لا يرفض الخطبة المكتوبة ولا يجدها عائقا للتواصل مع الجمهور، حيث أداها طواعية بشكل متكرر ووجد نفس درجة التفاعل، ما شجعه لبذل المزيد فى التواصل مع جمهوره الذى يحبه ويجده فى رقى يتقبل ما كلفته به الوزارة، داعياً زملائه لبحث سبل التواصل مع الجمهور دون صدام مع الوزارة.
الأمر ذاته قام به دكتور سامى العسالة، من قيادات وزارة الأوقاف، بتجهيز منبر المسجد بحامل مصحف يوضع أعلاه ورقة الخطبة المكتوبة حتى لا ينشغل بها عن الجمهور.