110 شركات صرافة توجد فى مصر، إذا أضفنا لها فروعها أصبحت 450 شركة، ربما كانت "فاتحة بيوت" مليون مواطن أو أكثر، أظن أفقرهم يمتلك مليون جنيه إن لم يكن دولارا، أستطيع أن أقول "مكفيين نفسهم وزيادة"، أما الباقون متمثلين فى 90 مليون مصرى، تأثروا بفعل تلك الشركات، والسؤال لماذا لا تؤمم تلك الشركات أو تغلق حتى حين؟
ما يحدث من شركات الصرافة وتلاعبها فى أقوات المصريين، وتهديدها للأمن القومى المصرى، ذكرنا بحديث النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِى أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِى نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا.
الحكومة المصرية، ستبدأ اليوم السبت، أو غدا على الأكثر، فى مفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولى، برئاسة كريس جارفيس، رئيس بعثة الصندوق المعنية بمصر، والتى تستغرق أسبوعين، حول قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم الاقتصاد المصرى لمدة 3 سنوات، الأمر الذى نأمل أن يسهم فى استكمال تنفيذ برنامج الاقتصاد الإصلاحى والذى بدأ باعتماد البرلمان لبرنامج الحكومة وموازنة الدولة لعام 2016/2017.
حلول مهمة ولكنها مؤقتة خرج بها اجتماع الرئيس، الأربعاء الماضى، بالمهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وأعضاء اللجنة الوزارية الاقتصادية، ليخرج الاجتماع بأهم 6 قرارات لمواجهة ارتفاع الدولار بالسوق السوداء، والتى جاء على رأسها إعلان الحكومة التفاوض مع صندوق النقد الدولى لاقتراض 12 مليار دولار، وإغلاق بعض شركات الصرافة التى تتعامل فى السوق السوداء، والإعلان عن إصدار سندات دولية، وترشيد الإنفاق الحكومى، وخفض الاستيراد العشوائى.
ثمة أسئلة تجول بخاطر كل وطنى يحب مصر ويتمنى أن تكون فى مقدمة الدول فى "كل حاجة": كيف تكون دولة بحجم مصر عرضة للشائعات والمضاربات والتخبط بشكل يومى بسبب شركات الصرافة، ومصالح قلة من الجشعين والطماعين وناهبى قوت الغلابة، لماذا لا يصدر قرار بغلق تلك الشركات حتى حين، أو تأميمها.
الكثير من المصريين وأنا أولهم، طالب بغلق هذه الشركات امتثالا لحديث النعمان بن بشير، سالف الذكر، حتى لا نصل لـ"فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا"، من صاحب القرار؟ ولماذا لم يقره حتى الآن؟ وهل للبرلمان أن يغير قوانين عفى عليها الزمان على غرار تجديد الخطاب الدينى حتى نصل لـ"وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا".
بعض خبراء الاقتصاد يرون أن معظم شركات الصرافة ترتكب مخالفات جسيمة تضر بالاقتصاد القومى، وأن غالبية أصحاب تلك الشركات يعملون بعقلية "تجار العملة"، مضيفين أن المرحلة الراهنة والظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها البلاد تقتضى وقف نشاط هذه الشركات أو خلق منافس قوى من خلال السماح للبنوك بتقديم نشاط الصرافة مع تحديد هامش ربح مغرى للمواطنين، وأن تعمل فترات مسائية لتلبية طلب العملاء، بالتزامن مع تغليظ العقوبات على المخالفين، "حل مناسب ياريت يطبق".
الخبير الاقتصادى خالد الشافعى، اقترح إغلاق شركات الصرافة بعد اشتداد أزمة الدولار مؤخرا، قائلا إنها أسهمت فى إشعال أزمة الدولار وجمعت العملة الأمريكية فى الأسواق لتحقيق مكاسب، نتيجة فارق سعر العملة بين السوق الموازية والسوق الرسمى والتى ازدادت مؤخرا، مضيفا أن الأزمة التى مر بها سوق صرف العملة الأمريكية الموازية تؤكد أن هناك مخططا لإشعال أزمة الدولار، معللا ذلك بأنه ليس معقولا ارتفاع سعر الدولار خلال أقل من أسبوع بقيمة تتجاوز الـ2 جنيه للدولار، رغم أن احتياحات السوق كما هى لم تتغير.
الأزهر الشريف أكد فى بيان سابق له، أن الاحتكار والممارسات المؤدية لارتفاع الدولار حرام شرعا، وأنه يعد نوعاً من "أكل أموال الناس بالباطل"، وقال الأزهر فى بيان له إنه تابع من منطلق المصلحة الوطنية ما يجرى على الساحة المصرية من ارتفاع مزعج لسعر الدولار مقابل الجنيه المصرى وعلى نحو يؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة الضرورية للناس، ويؤثر سلبًا على سلامة الاقتصاد الوطنى، ما يؤدى إلى الإضرار بالاستقرار الاقتصادى وإعاقة مسيرة البناء والتنمية، واختتم البيان قائلاً: "الأزهر الشريف انطلاقًا من واجبه الشرعي والوطني ينبه الشركات والأفراد الذين يعملون في هذا النشاط إلى حرمة هذه التصرفات التي تقوم على الاستغلال والاحتكار، لأن الربح المتحصل منها يعد مالاً سحتًا وحرامًا ولن يبارك الله له فيه فى الدنيا ولن ينفعه فى الآخرة".
مطالب واقتراحات بإغلاق شركات الصرافة مدعمة بالأزهر، ينبغى على الدولة - ممثلة فى الرئيس والحكومة والبرلمان - أن تغلق تلك الشركات التى تلعب بأمن مصر القومى، حتى لا نهلك جميعا.