حوارى ضيقة لا تتجاوز المترين عرضاً، ومنازل متهالكة خليط من الطوب والخشب، ودورات مياه مشتركة فى كل منزل، هكذا هم الحال فى منطقة حكر السكاكينى التابعة لحى الشرابية بالقاهرة، والتى تعد واحدة من أقدم عشوائيات المحافظة، ويصل عدد سكانها إلى نحو 25 ألف نسمة.
بجلباها الأسود تجلس "إفراج" بائعة الذرة ذات الـ 40 عاماً، أمام غرفتها السكنية بأحد حوارى الحكر، تتكسب قوت يومها جراء بيعها للذرة المشوية لأطفال المنطقة، لا يشغلها من الأحداث المتعاقبة على الساحة السياسية سوى الحصول على ثمن "الحقنة" التى تساعد نجلها الأكبر محمد على السير بعد إصابته بإعاقة فى قدميه.
الصعود إلى غرفة عائلة إفراج فى الطابق الثانى من المنزل المكون من ثلاثة طوابق، والذى يضم نحو 15 غرفة بخلاف هذه التى تقطنها بائعة الذرة، يتطلب قدراً من المغامرة بداية من عبور تجمعات الصرف الصحى الموجود أمام المنزل، مروراً بالسلم الخشبى المتهالك من أجل الصعود إلى الطوابق العلوية.
الوضع المأسوى لم يختلف كثيراً داخل غرفة إفراج فالسقف والحوائط تعانى من الشروخ التى يعيش فيها الثعابين، ونظراً لقلة حيلة الأم اضطرت إلى وضع العديد من الملابس والبطاطين بداخل الشقوق فى محاولة منها لسد هذه الفجوات.
"سرير وحيد وكنبة ومروحة سقف وبوتجاز"، هو كل ما تملكه إفراج داخل غرفتها ومعها أطفالها الأربعة أكبرهم محمد 16 عاماً معاق، وعبد الله 14 عاماً، بالإضافة إلى منى ومنال 8 و10 سنوات، جميعهم هرب من التعليم لعدم قدرة الأم على الإنفاق على مصروفات المدارس
"هنصرف على التعليم ولا على العلاج "هكذا تقول إفراج، وتضيف "فضل عبد الله الخروج من الصف الخامس الابتدائى ليعمل بأحد ورش الرخام بالمنطقة لمساعدتى فى مواجهة ظروف الحياة بعد وفاة والده قبل بضعة سنوات، فيما لم تذهب ابنتيها إلى المدرسة على الإطلاق".
فى الغرفة المجاورة لإفراج تعيش الحاجة "عيدة عبد الرحمن" البالغة من العمر 60 عاماً، والتى تقول "بنتشاهد كل ليلة قبل النوم والحالة صعبة أوى، البيوت قديمة جداً ومتهالكة، والمجارى طافحة فى كل مكان"، وتؤكد أنها منذ أن حضرت إلى المنطقة فى عام 1972، وهناك عشرات المنازل التى تساقطت على رؤوس قاطنيها، وأضافت "نطالب المسئولين بتوفير وحدات سكنية بديلة لنا عشان أحنا غلابة، وفى أشد الاحتياج لمنزل نضيف يرحمنا من اللى احنا فيه" .
المرض يحاصر الحكر
بحسب بشير الجلوى أحد أهالى الحكر والمسئول بأحد الجمعيات الأهلية العاملة بالمنطقة، فأن أرقام المرض مفزعة، فنحو 350 حالة فشل كلوى بين أهالى الحكر، فيما تصل أعداد المرضى المصابين بأمراض فيروس سى بينهم إلى نحو 250 مريضاً، ويصل أعداد المصابين بالسرطان إلى نحو 30 مريضاً، وأيضاً نحو 15 حالة بتر قدم للسيدات، موضحاً أن هذه الأرقام ليست عبارة عن حصر لإجمالى المصابين من الأهالى، ولكنها عبارة فقط عن الحالات المصابة والتى نتواصل لمساعدتها فى صرف العلاج أو التحاليل أو الأشعة.
عيشة الفئران
يقول سامى محمد، موظف على المعاش "عيشة الفئران أفضل مننا، احنا بنقف طابور فى بيوتنا عشان ندخل الحمام"، مشيراً الى أن كل منزل يضم ما بين 12 – 16 غرفة ودورة مياه واحدة يشترك فيها الجميع، أى أن ما يقرب من 100 فرد يعيشون داخل المنزل الواحد".
وطالب سامى بتطوير منطقة "الحكر" على مرحلتين لتوفير وحدات سكنية آدمية، بحيث أن كل منزل يتم بناؤه يشمل أربعة أو خمسة طوابق كل طابق وحدتين لاستيعاب كل العائلات القاطنة به.
حسن القناوى أحد أهالى الحكر يقول "الأهالى تحت خط القحط مش الفقر بس، ونسبة البطالة مرتفعة جداً فكل سكان الحكر من الصنايعية وعمال اليومية"، ويضيف الهيئة الإنجيلية كانت تعمل على تطوير المنطقة إلا أنها توقفت منذ فترة طويلة.