نقلا عن العدد اليومى...
طوى الأزهر والكنيسة الكاثوليكية صفحة من الخلاف استمرت خمس سنوات، باللقاء الذى جمع شيخ الأزهر الدكتور «أحمد الطيب» والبابا «فرنسيس» بابا الفاتيكان، بالقصر الرسولى فى الفاتيكان فى مايو الماضى، وقال الأب «رفيق جريش» المتحدث الرسمى للكنيسة الكاثوليكية، ومقرر لجنة الإعلام فى بيت العيلة، إنه لم تكن هناك قطيعة بين الأزهر والكنيسة الكاثوليكية كما اعتقد البعض، فقد كانت هناك لقاءات عدة بين ممثلى الكنيسة الكاثوليكية فى العالم، موضحا ألا تناقض بين موقفى الأزهر والكنيسة فى كثير من القضايا وبعض تصريحات البابا يتم تحريفها وهذا ما سبب توترا العلاقة بين المؤسستين، مؤكدا خلال حواره مع «انفراد» أنه تم الاتفاق على دعم التعاون بين المؤسستين وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية والأزهر، ومن المنتظر أن يقوم البابا بزيارة مصر قريبا بعد تلقيه 4 دعوات رسمية لزيارة مصر، مشيرا إلى أن لجنة الحوار المشترك بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر ستستأنف عملها فى فبراير 2017.. إلى نص الحوار.
فى البداية ما الأسباب التى أدت إلى توتر العلاقات بين الأزهر والكنيسة الكاثوليكية؟
- توتر العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر جاء بعد تصريحات بابا الفاتيكان السابق بنديكت السادس عشر عام 2011، عقب حادث كنيسة القديسين فى الإسكندرية، حيث كان يشير إلى الحكومات المحلية، لكن وسائل الإعلام ترجمت كلماته بشكل خاطئ، حيث قدمتها على أن البابا طلب حماية من الغرب لمسيحيى الشرق الأوسط من الاضطهاد، وهذا التحريف المغرض استهدف زعزعة استقرار العلاقة بين الأزهر والكنيسة.
وهل هناك أسباب أخرى غير معلنة للقطيعة؟
- أتحفظ على لفظ «قطيعة» فما حدث كان مجرد «فتور»، لأن العلاقة بين الأزهر والكنيسة لم تنقطع تماما طوال الخمس سنوات الماضية، وكان هناك حوار بأشكال مختلفة بينهما وعقدت عدة لقاءات بين ممثلى الكنيسة الكاثوليكية فى العالم وفى مصر وممثلى الأزهر، فالكنيسة الكاثوليكية لها إسهاماتها الكبيرة والمعروفة للجميع.
ما مهام لجنة الحوار بين الفاتيكان والأزهر؟
- هذه اللجنة تم إنشاؤها فى التسعينيات، وتعقد اجتماعها مرتين كل عام، إحداهما بروما والأخرى بالأزهر الشريف، لمناقشة القضايا المختلفة من وجهة النظر المسيحية والإسلامية، بهدف تطوير الخطاب الدينى ومواجهة الأفكار التى يحاول الغرب تصديرها لنا مثل الإلحاد والمثلية، وكان ضمن مطالب هذه اللجنة تطوير الخطاب الدينى الإسلامى والمسيحى.
زيارة الإمام الأكبر لبابا الفاتيكان سبقتها زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية.. هل هناك علاقة بين الزيارتين؟
- لا، فزيارة الإمام الأكبر كانت محددة سلفا قبل زيارة وفد الدبلوماسية الشعبية الذى التقاهم البابا فى ساحة كنيسة القديس بطرس.
وما أبرز النتائج التى حققها هذا اللقاء على صعيد العلاقات المستقبلية بين المؤسستين الدينيتين؟
- أولاً اللقاء «رسالة للعالم» جاءت فى توقيت صعب، فالمصافحة بين رئيس أساقفة روما وأعلى سلطة للإسلام السنى فى العالم هى بالطبع حدث دينى جرى لأول مرة فى الفاتيكان، مما ترك أثراً فى العالم الإسلامى، وأعطى دفعة للعلاقات بين المؤسستين الدينيتين، وأولى ثمار اللقاء التاريخى بين البابا وشيخ الأزهر الزيارة التى قام بها، مؤخرا، وفد فاتيكانى لمشيخة الأزهر وضم نيافة المطران ميغيل أنخيل، أمين سر المجلس الحبرى للحوار بين الأديان، والقاصد الرسولى بورنو موزارو سفير الفاتيكان بمصر، حيث التقوا بالدكتور محيى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور بريقع عبد السلام عضو مركز الحوار بالأزهر، حيث ناقشا عددا من المحاور المهمة، منها سبل تفعيل الحوار بين الأزهر والكنيسة والتعاون للتصدى لخطر الإرهاب، ودور رموز الدين فى نشر قيم قبول الآخر، ويعد اللقاء الأول من نوعه بين مسؤولين بالمؤسستين منذ عام 2011.
كما أنه من المتوقع أن تستأنف لجنة الحوار عملها فى فبراير 2017، وفضيلة الإمام الطيب اقترح أيضا عقد المؤتمر العالمى للسلام بالتعاون مع الفاتيكان ويتم دراسة هذا حالياً.
وما قصة قلادة الرحمة التى أهداها بابا الفاتيكان لإمام الأزهر؟
- هذا العام عام الرحمة فى الكنيسة الكاثوليكية، وفى عام يتم اختيار «موضوع» معين تتناوله الكنيسة، وهذا العام تناولنا «الرحمة» والقلادة تحمل شجرة زيتون السلام، وتلك الشجرة ولدت من صخرة كرمز للمحبة والسلام بين الكنيسة والأزهر.
لبابا الفاتيكان العديد من المواقف التى أسهمت فى تذويب الخلافات بين الكنيسة والأزهر ما أبرزها.. وما ردود أفعال الأزهر عليها؟
- نعم كان للبابا فرنسيس العديد من المواقف التى تم الاحتفاء بها فى التقريب بين الشعوب ونبذ التطرف، فقد استنكر تعليقات المرشح الرئاسى الجمهورى «ترامب» ضد اللاجئين والمسلمين، كما قام البابا بغسل أقدام المهاجرين المسلمين بعد انتشار الخطاب التحريضى ضد الإسلام والمسلمين من قبل بعض السياسيين اليمنيين المتطرفين، وأيضل نقل ثلاث أسر مسلمة معه إلى روما خلال زيارته للاجئين فى جزيرة ليسبوس اليونانية.
لماذا قام البابا فرنسيس بغسل أقدام المسلمين فى أوربا خلال احتفالات الكنيسة بخميس العهد فى إبريل الماضى.. وهل هى المرة الأولى؟
- هذه ليست المرة الأولى التى يقوم فيها البابا بغسل أقدام أحد من المسلمين، فسبق أن غسل قدمى سيدة مسلمة خلال زيارته أحد السجون فى خميس العهد العام الماضى، فالبابا فرنسيس حريص على توجيه رسالة رحمة ومحبة للعالم من خلال ذلك.
هل مازالت هناك قضايا خلافية بين الأزهر والفاتيكان؟
- المؤكد أن هناك إجماعا على القضايا الأساسية، فكلانا على سبيل المثال نقاوم الإلحاد.
لكن ما رأيك فيما قاله البابا فرنسيس «إن الملحدين سيدخلون الجنة»؟
- كثير من تصريحات البابا فرنسيس يتم تحريفها، فهو يتحدث بشفافية وقصد بهذا التصريح أن الكنيسة لا تقوم بدور القاضى للحكم على الإنسان ومصيره، فالحكم لله وحده، والكنيسة ترفض الإلحاد، ولكن تقبل المحتاجين لها.
ما موقف الكنيسة الكاثوليكية من زواج المثليين؟
- من المعروف أن الكنيسة الكاثوليكية تحافظ على العائلة بصورتها كما أرادها الله رجل وامرأة يصيرا جسدا واحدا، وهى ترفض «المثلية» ولكن لا ترفض المثليين فهى تقبل الخطاة.
لكن البابا فرنسيس قال «إذا كان هناك من هو مثلى الجنس ويبحث عن الرب، فمن أنا لأحكم عليه»، بينما قال شيخ الأزهر «لن نعترف بحقوق المثليين».. ألا ترى تناقضا؟
- لا تناقض بين موقف الأزهر والكنيسة، لكن هناك فرقا بين رفض الكنيسة للخطية ورفضها للخاطئ.
هل كان هناك تعليق من الأزهر على تصريحات البابا بشأن المثليين كما تردد؟
- لا، هذا غير صحيح، لأن الأزهر يتفهم تماما رؤية الكنيسة.
وما موقف الكنيسة الكاثوليكية من الطلاق، وما الجديد بالنسبة لمشروع قانون الأحوال الشخصية؟
- ليست هناك إصلاحات فى القوانين الداخلية للكنيسة، فنحن ملتزمون بنفس نصوص القانون الكنسى، ولكن قانون الأحوال الشخصية ينظم العلاقة مع الدولة فى هذا الصدد، فلا يوجد طلاق فى الكنيسة الكاثوليكية، ولكن يوجد شىء آخر مثل التفريق وبطلان الزواج.
وهل تعتبر الكنيسة الكاثوليكية الشذوذ والإلحاد من أسباب الطلاق؟
- لا طلاق فى تعاليم الكنيسة الكاثوليكية، وفى نص القانون الكنسى الكاثوليكى سر الزيجة يقوم على الاتحاد بين الرجل والمرأة، وما عدا ذلك يعد غشا ويعتبر الزواج باطلا، وفى حالة الإلحاد يتم دراستها، وحينما يتم التأكد تتخذ الإجراءات المناسبة مثل التفريق.
وما موقف الكنيسة من الزواج المدنى؟
- نحن لا نعترف بالزواج المدنى، ويتم حرمان الزوجين المتزوجين مدنيا من الأسرار الكنسية مثل التناول، ولكن إذا طلب المتزوجان مدنيا إتمام مراسم زواجهما كنسيا فلا مانع.
وماذا عن رؤية الكنيسة لـ«التبنى»؟
- الكنيسة ترحب بالتبنى وتطالب به، لأنه بالنسبة للمسيحية هو أرقى عمل خيرى يمكن أن يقوم به الإنسان، والكنيسة الكاثوليكية فى دول كثيرة فى العالم تقوم بالتبنى، وقد طالبنا به الدولة عدة مرات ولم تستجب.
ما رد الكنيسة الكاثوليكية على ما يوجه لها بشأن قيامها بمحاولات التنصير؟
- الكنيسة هدفها الإنسان وتعاليمه وبنائه، وكل دين له جهود للدعوى، ونحن لا نسعى للتنصير.
سبق وأكد البابا حرصه على زيارة مصر.. هل هناك نية لذلك قريبا؟
- نعم البابا سيزور مصر، ولكن لم يحدد توقيت الزيارة حتى الآن، حيث تلقى قداسته دعوة رسمية من الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة مصر، وذلك عقب لقائهما فى الفاتيكان فى نوفمبر 2014، كما تلقى دعوة من البطريرك إبراهيم إسحاق، ودعوة أخرى من البابا تواضروس الثانى، ومؤخرا دعوة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وبالتالى أصبح لدى البابا أربع دعوات للزيارة من المؤكد أنه سيلبيها.
حدثنا عن الجانب الشخصى فى حياة بابا الفاتيكان.. وما أحب الأشياء لقلبه؟
- البابا ولد فى الأرجنتين ودرس الهندسة الكيميائية، ومن أكثر ما يعشقه البابا كرة القدم، ويلتقى فرقا رياضية كثيرة.
ما سر الشنطة الصغيرة التى يحملها البابا دائما فى يده؟
- هذه الشنطة يحملها فى سفرياته، وبها كتاب الصلاة وماكينة الحلاقة فقط.