المحكمة: تأشيرة وزير الزراعة وهيئة الثروة السمكية أضاعت على الدولة الحق فى الاستغلال لصالح الشعب رغم انتهاء العقد من 14 سنة بثمن بخس
فى حكم مهم يحافظ على ثروات البلاد السمكية باعتبارها حقاً للمجتمع والمواطن، أعاد القضاء الإدارى للدولة 850 فدانا متعدى عليها ببحيرة إدكو، ودعا الحكومة إلى سرعة التنفيذ لصالح الشعب وألزمها بإعادتها فى مزاد علنى.
وكشفت المحكمة عن أوجه فساد ثروات البلاد السمكية بمجرد تأشيرة من وزير الزراعة، وهيئة الثروة السمكية أضاعت على الدولة الحق فى الاستغلال لصالح الشعب رغم انتهاء عقد المدعى منذ عام 2006، أى من من 14 سنة بثمن بخس، وقد سبق للمحكمة أن أصدرت 50 حكما فى مارس الماضى بإزالة التعديات على آلاف الأفدنة على بحيرة إدكو دون أن يكون لدى الإدارة المختصة آلية لاستعادة ممتلكات الشعب من الثروة السمكية.
وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد فتحى وخالد شحاتة، بتأييد قرار الجهة الإدارية بإخلاء المواطن جمعة مرسى كساب وإزالة وضع يده وتعديه على 850 فدانا بمزرعة كوم بلاج السمكية بإدكو، مع ما يترتب على ذلك من أثار أخصها الإعلان عنها بالمزاد العلنى للحفاظ على مصادر الدولة الاقتصادية.
قالت المحكمة، إن الحفاظ على الثروة السمكية أصبح حقاً للمجتمع والمواطن، والتزاماً على عاتق الدولة بمقتضى نص المادتين رقمى 35 و40 من الدستور المعدل الصادر فى 18 يناير 2014، فى سابقة هى الأولى من نوعها على مستوى دساتير مصر السابقة، وما من ريب فى أن الدافع الذى حدا بالمشرع الدستورى إلى إفراد نص فى الدستور يقرر حماية الثروة السمكية، إنما هو نابع من أهمية تلك الثروة باعتبارها مصدراً مهماً من مصادر الغذاء، فضلاً عن قيمته الاقتصادية إذا ما تم تصديره للخارج وتطهير فتحاتها ومنافذها وإزالة التعديات الواقعة عليها أو على شواطئها بالطريق الإدارى.
وأضافت المحكمة، أن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هى المنوط بها تنظيم استغلال مناطق الصيد والمراعى والمزارع السمكية بالمسطحات المائية، وإقامة مشروعات التوسع الأفقى والرأسى فى هذا المجال ضمن إطار خطة الدولة، كما تختص وحدها بالإشراف على استغلال المسطحات المائية وتحصيل مقابل هذا الاستغلال ولها سلطة استغلال جميع المسطحات المائية الداخلة فى البحيرات، وكذلك الأراضى المحيطة بها حتى مسافة 200 متر من شواطئها، سواء كان استغلالها لها بنفسها أو بالترخيص للغير باستغلالها، ويتعين على تلك الهيئة العمل على صيانة تلك المزارع وتنميتها وتطهير فتحاتها ومنافذ المسطحات المائية ومن ثم فإن جميع الأعمال والتصرفات الصادرة من الهيئة فى هذا الشأن ينبغى أن تستهدف غاية واحدة وهى تنمية الثروة السمكية، فإن استهدفت غاية أخرى خلاف ذلك أصبحت مخالفة للقانون.
وذكرت المحكمة، أن أموال الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هى أموال عامة أسبغ المشرع عليها الحماية المقررة لمثيلاتها من أموال الدولة العامة، وأبرز صور هذه الحماية إزالة التعدى الواقع على أى من الأموال الخاضعة لإشراف الهيئة بالطريق الإدارى . كما أن الانتفاع بالمسطحات التابعة والخاضعة لإشراف الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هو من قبيل الانتفاع بجزء من المال العام، وهو انتفاع مؤقت بطبيعته لا يرتب حقاً ثابتاً للمنتفع، بل يخول له مركزاً قانونياً مؤقتاً يدور وجوداً وعدماً مع أوضاعٍ وشروط يترتب على تغييرها أو انقضائها جواز تعديله أو إلغائه لدواعى المصلحة العامة.
وأوضحت المحكمة، أن المدعى كان قد استأجر من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مزرعة كوم بلاج السمكية ومساحتها 850 فداناً، وذلك بموجب العقد المحرر بتاريخ 18/9/1996، وذلك لمدة عشر سنوات تبدأ من تاريخ استلام المزرعة، وتنتهى فى 24/9/2006 وأن مدة العقد المشار إليها انتهت دون تجديد العقد، الأمر الذى لم يعد معه للمدعى ثمة صفة فى شغل المزرعة السمكية المشار إليها، ويعد شغل المدعى لتلك المساحة دون سند تعدياً عليها، وكان يتعين على تلك الهيئة أن تنهض إلى إعادة إعلانها بالمزاد العلنى للحفاظ على ثروات الشعب.
واختتمت المحكمة حكمها الهام، أنه لا ينال من ذلك ما حوته الأوراق من تأشيرة وزير الزراعة على مذكرة الهيئة المدعى عليها بطلب المدعى تجديد تعاقده معها، بعبارة (أوافق ويتم إعداد الخطاب على ألا تستكمل الإجراءات إلا بعد سداد كامل المديونية)، ذلك أن موافقة وزير الزراعة لم تتضمن الاتفاق على العناصر الجوهرية التى يتعين الاتفاق عليها فى عقد الانتفاع للقول بانعقاده وهى مدة العقد ومقابل الانتفاع، خاصة أن العقد المبرم بين الطرفين والذى انتهى فى 24/9/2006 نص فى البند السادس منه على أنه يجوز للهيئة المدعى عليها تجديد فترة التعاقد بموافقتها وبناء على طلب المدعى، وأنه فى حالة الموافقة على التجديد (يتم الاتفاق بين الطرفين على المدة الجديدة ومقابل الانتفاع ومع مراعاة ما يطرأ على المزرعة من زيادة أو نقص أو تطوير والأسعار السائدة فى حينه)، والأوراق قد خلت من ثمة دليل على اتفاق الطرفين (المدعى والهيئة المدعى عليها) على أى من تلك الأمور السالف ذكرها، ومن غير المقبول أن يكون سعر الفدان المدة من 1996 حتى 2006 هى نفسها عام 2016 الأمر الذى لا يمكن معه الادعاء بانعقاد عقد جديد بينهما بمجرد موافقة وزير الزراعة على ذلك دون أن تتضمن تلك الموافقة تحديد المسائل الجوهرية للعقد والسالف ذكرها.