ما السبب وراء إهمال ثروة مصر من اليورانيوم؟.. الخام النفيس موجود فى الصحراء الشرقية والغربية وسيناء.. ويمكن استخلاصه من الفوسفات والرمال السوداء.. ويدخل فى صناعات عديدة ويستخدم فى توليد الكهرباء

تمر مصر بأزمة اقتصادية طاحنة يرى العديد من المراقبين أنها تحتاج إلى حلول غير تقليدية حتى نعبرها بسلام، ورغم الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد ما زال إهدار ثروات مصر وطاقاتها لهدف غير معلوم عرضًا مستمرًا، فما هو السبب وراء عدم الاهتمام بالإمكانات والاحتياطيات المصرية لخام اليورانيوم، بل إن الخام يهدر أيضًا كونه متواجدًا فى صخور وخامات أخرى يتم استغلالها دون فصل اليورانيوم منها أو تصديرها بصورتها الأولية، ومشروع الضبعة النووى بنيت دراساته على استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، وعدم وجود برنامج لإنتاجه محليًا.

نتعامل مع الثروة المعدنية بتهميش وعدم اعتبارها ثروة قومية كباقى الدول المتقدمة، على الرغم أن مصر تمتلك صحارى واسعة بها العديد من الخامات المتنوعة والنادرة، ولابد من سرعة العمل على تطوير قطاع الثروة المعدنية، وإنشاء مناجم اليورانيوم وأخذ تجارب الدول المتقدمة فى ذلك مع الاستفادة من علمائنا فى الداخل والخارج؛ حتى يتسنى لنا مواكبة العالم.

اليورانيوم فلز مشع، رمزه الكيميائى U عدده الذرى هو 92، وهو مصدر الطاقة المستخدمة فى توليد الطاقة الكهربائية بكل محطات القدرة النووية التجارية الكبيرة، أهم نظائره 235 الذى يستخدم فى المفاعلات النووية، وتصنع منه القنابل الذرية والهيدروجينية الاندماجية والانشطارية، وكذلك 238 الذى يستخدم فى الدراسات والتشخيص ويستعمل أيضًا فى تحسين الزراعة والعلاج الكيماوى.

ويستخدم فى توليد الكهرباء، حيث إن محطة توليد طاقة 1400 ميجاوات تحتاج إلى 27 طنًا فقط من اليورانيوم لتشغيلها فى العام، مقابل أن إنتاج ألف ميجاوات فقط من طاقة الفحم يحتاج ما بين 2 إلى 3 ملايين طن، كما يستخدم فى صناعة الحاويات التى يتم استعمالها كأوعية فائقة المتانة لنقل الوقود المستنفذ فى المفاعلات النووية، ونقل النظائر والمصادر المشعة المستخدمة فى الأغراض الطبية والصناعية وفى تجهيزات التصوير الإشعاعى الصناعى، ويدخل فى صناعة الطائرات وفى قضبان الغمر التى تستخدم فى آبار البترول.

بدأ البحث عن اليورانيوم فى مصر منذ عام 1965 وتم تحديد عدة أماكن لتواجده، فى الصحراء الشرقية بمناطق "الغردقة وجبل قطار والمسيكات والعرضية القريبتان من طريق قنا – سفاجا وجبل أم آرا"، وفى الصحراء الغربية بمناطق "جبل الهفهوف على طريق البحرية-الفرافرة، وفى واحة سترا جنوب غرب منخفض القطارة"، وفى سيناء بمناطق "أم بجمة وسانت كاترين".

توجد بعض الخامات الاقتصادية التى تحتوى على نسبة قليلة من اليورانيوم بجانب عنصر آخر أو أكثر، والتى تستغل أساسًا لتصنيع هذا العنصر الآخر، ولكن يمكن إضافة إحدى العمليات إلى عملية التصنيع الرئيسية استخلاص اليورانيوم كمنتج ثانوى بجانب المنتج الرئيسى، ومن هذه الخامات الفوسفات والرمال السوداء.

تُعتبر مصر من الدول ذات الموارد غير المحدودة من الفوسفات، والذى يوجد فى البحر الأحمر باحتياطات تقدر بحوالى 30 مليون طن، وبمحاذاة وادى النيل باحتياطات تقدر بحوالى 70 مليون طن، وفى منطقة أبو طرطور بالوادى الجديد باحتياطات تقدر بحوالى 700 مليون طن، ويمكن استخلاص اليورانيوم من الفوسفات كمنتج ثانوى عن طريق معالجة خامات الفوسفات لإنتاج حمض الفوسفوريك الذى يُضاف بعد ذلك إلى كمية أخرى من الخام لإنتاج سماد السوبر فوسفات الثلاثى، وخلال هذه العملية فإن اليورانيوم المصاحب لخامات الفوسفات يذوب بسهولة فى حمض الفوسفوريك، ويتم استخلاصه من الحمض باستخدام أحد المذيبات العضوية.

تمثل الرمال السوداء المنتشرة فى مصر على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، والتى تتركز بين منطقتى رشيد ودمياط مصدرًا مهمًا لبعض المعادن ومنها اليوارنيوم، وتفيد الدراسات التى قامت بها هيئة المواد النووية لتصنيع الرمال السوداء بشاطئ رشيد لإنتاج المعادن ذات الاهتمام النووى إلى أنه يمكن إنتاج 25 طن أكسيد يورانيوم فى السنة ولمدة عشر سنوات.

لا يمكن الجزم تحديدًا وراء السبب فى عدم استغلال مصر لثرواتها من اليورانيوم رغم المحاولات التى تمت فى هذا الصدد، فقد أكد الدكتور ممدوح عبد الغفور رئيس هيئة المواد النووية الأسبق، أن مصر تمتلك 6 مواقع تنعم باحتياطيات كبيرة من خام اليورانيوم، وأنها جاهزة للعمل الفورى حال دخول الشركات الكبرى المتخصصة فى هذا المجال، وأنه فى عام 1994 ذهب إلى فرنسا من أجل جلب بعض الشركات التى تعمل فى مجال اليورنيوم لتأتى بمعداتها للعمل فى المواقع التى تم اكتشافها، وأنه تفاوض مع شركة "كوجيما" التى تمتلكها هيئة الطاقة الفرنسية؛ من أجل حفر 4500 متر فى 6 أشهر وبعد عودته قدم لمجلس الإدارة تقريرًا بذلك، ولكن رفض العرض؛ نظرًا للتكلفة التى تطلبت مليون دولار وأعلنت هيئة الطاقة النووية عن مناقصة عالمية مقرر طرحها أمام الشركات العالمية للبحث والتنقيب عن اليورانيوم فى عدد من المناطق على مستوى الجمهورية فى عام 2011، وأرسلت الهيئة خطابًا رسميًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية تطلب فيه الاستعانة بخبراء المؤسسة الدولية لمراجعة كراسة الشروط والمواصفات الفنية لأول مناقصة تطرحها مصر للتنقيب والبحث عن اليورانيوم، تمهيدًا للاستخدام التجارى وتسويقه عالميًا، وأن يوكيا أمانو مدير الوكالة الدولية قد وافق، وتم إرسال السيرة الذاتية لاثنين من كبار خبراء الوكالة من المتخصصين فى دراسة مواقع اليورانيوم، وتمت دراستها واختيار أحدهما، خاصةً أن الدراسات التى أجرتها الهيئة قد أكدت وجود خام اليورانيوم، فى نحو 5 أو 6 مواقع.

وفى 2013، أعلن الدكتور محسن محمدين رئيس هيئة المواد النووية، عن اكتشاف كميات كبيرة من خام اليورانيوم بمدينة الغردقة، وقال إن الموقع يجرى إعداده ضمن 5 مواقع أخرى لطرحها فى مناقصة عالمية قريبا.

إنتاج اليورانيوم واستغلاله أحد أهم المشروعات التنموية للدول وطريقها للتقدم، ويمكن توفير الخبرات المطلوبة لذلك من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما يمكن الاستعانة بالخبرات الموجود بالشركات الكبرى المتخصصة فى هذا الأمر، لإقامة مشروعات لاستخلاص اليورانيوم والاستفادة منه محلياً أو تسويقه عالمياً.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;