فى تصرف غريب وغير مبرر، شن أعضاء لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب منذ أيام هجوماً حاداً وغير مدروس على قانون (بنك التنمية والائتمان الزراعى) على الرغم من الحساسية المفرطة والأهمية القصوى التى تستوجب إصدار القانون، الذى يعالج كل الثغرات الموجوده فى القانون الحالى، بنقل تبعيته من وزارة الزراعة إلى البنك المركزى، وتغيير كثيرا من السياسات الفاشلة التى قد تؤدى بالبنك إلى الإفلاس.
ولعل المؤسف فى الأمر، أن يتم مناقشة موضوع بمثل هذه الأهمية بمثل هذه السطحية، ودون معرفة لخلفيات التى من أجلها تم وضع القانون، والمأساة التى يعيشها البنك منذ بداية عصر مبارك وحتى اليوم.
فقد غاب وللأسف عن أعضاء اللجنة الموقرين أن البنك الذى يمتلك نحو 1200 فرعا، وقع منذ بداية عصر مبارك ضحية لـ(لعبة سياسية) حيث استخدمته لكسب أصوات الفلاحين مع كل انتخابات برلمانية أو رئاسية، بفرض مبادرات يتم بموجها إسقاط الفوائد عن الفلاحين، على الرغم من أن البنك يمنح القرض الزراعى للفلاح ـ من أموال المودعين ـ وليس من أموال الدولة، بفائدة 12% يدفع الفلاح منها 5.5% فقط، وتتحمل الدولة منها 6.5%.
ورغم ذلك إعتاد الفلاحون على عدم السداد، إنتظارا لطرح الدولة لمبادرات يتم بموجبها اسقاط الفوائد عنهم مع اى موسم انتخابى قادم، لدرجة أنه فى بعض الاحيان تلجأ تلك المبادرات الى جعل الفلاح يدفع 25% فقط من أصل مديونيته، ويتم اسقاط كل الفوائد باقى المبلغ عنه بالكامل، وهو ما جعل العملاء المنتظمين يقررون التوقف عن السداد، بحجة إن البنك يكافىء العميل الغير المنتظم، وهو ما جعل للبنك فروق قروض مستحقه لدى الدولة خلال السنوات الـ 4 الماضية فقط تصل قيمتها إلى 4 مليارات جنية.
كما لم تعى اللجنة الموقرة، أن السلطة عندما تقُدم على فرض تلك المبادرات جبرا على البنك، لا تعى أن تلك الأموال مملوكة لـ(مودعين) ويدفع البنك عليها فوائد سنوية ضخمة، وهو ما جعل البنك يتحمل خسائر سنوية ضخمة
كما غاب عن أمر اللجنة الموقرة أيضا، أن الدولة تُحّمل البنك سنويا صرف دعم نقدى عن بعض المحاصيل، يدفعها البنك من ـ أمول المودعين أيضا ـ وتقوم الدولة بعدها بسنوات بردها بذات قيمتها، دون تحمل اى فوائد عن تلك الاموال، لدرجة ان اموال دعم القطن التى منحتها الدولة للفلاح عن طريق البنك بقيمة 1400 جنيها عن الفدان الواحد فى عام 2014، لم تسدد للبنك سوى منذ أيام قليلة فقط، فى حين تحمل البنك فرق فوائدها للمودعين عن كل هذه الفترة.
الغريب فى الأمر، أن بعض أعضاء اللجنة، وصفوا القانون بأنه موجه ضد الفلاح، ومحاوله لفصل البنك عن تبعية وزارة الزراعة وتجريد الوزارة من أملاكها، والإرتماء فى أحضان البنك المركزى، على الرغم من إنه (لا توجد كلمة واحدة فى القانون موجهة ضد الفلاح) بل أنه سيعالج كل الثغرات التى تستنزف أموال البنك.
أؤكد أنه لو استمر أمر بنك التنمية والائتمان الزراعى على ذات النمط فسوف ينهار، وأن الأمر يحتاج بالفعل إلى قانون لا يضر بمصالح الفلاح، ولا يمس بأموال البنك الذى أوشك على الافلاس، نتيجة لمؤامات سياسية لا دخل له بها.