فرض عقوبات مالية ضد المتهمين سواء فى مراحل التحقيقات أو من خلال صدور أحكام أمر أصبح لافتاً للنظر للتوسع مؤخراً فى استخدام هذه العقوبات، خاصة وان المبالغ المفروضة أحياناً تكون كبيرة، مثل الغرامة التى أقرتها محكمة استئناف الجيزة فى قضية معتقلى الارض والتى بلغت قيمتها ب 100 ألف جنيه لكل معتقل.
الكفالة والغرامات هى أنواع من هذه العقوبات تختلف كل منها على الآخر، فالأولى تقر على المتهم كنوع من الضمان لمثول المتهم أثناء التحقيقات أو المحاكمة، وفى حال تبرئته من حقه استردادها، أما الثانية فتختلف عنها لأنها تكون من خلال حكم يصدر ضد المتهم وبالتالى يتوجب عليه سدادها تنفيذاً للعقوبة.
المستشار خالد النشار مساعد وزير العدل لشئون الاعلام قال لـ "انفراد"، أن الغرامات المقضى بها تؤول لخزانة الدولة، إلا أن بعض القوانين الخاصة تجيز على سبيل الاستثناء تحصيل هذه الغرامات لجهات معينة تمول عملها. وأشار إلى أن الغرامات الجنائية تحصل بمعرفة النيابة العامة، أما وزارة العدل بها جهاز للمطالبات القضائية بصفة عامة يرتبط بتحصيل الرسوم القضائية وأتعاب المحاماه، موضحاً أنه فيما يتعلق بالرسوم القضائية جزء منها يذهب إلى الخزانة العامة للدولة والجزء الآخر لصندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية، أما أتعاب المحاماة فبعد تحصيلها تؤول لخزانة نقابة المحامين.
وتابع النشار، أن جهاز المطالبات القضائية التابع لقطاع التنمية الادارية والتخطيط والمطالبات استحدث آليات جديدة لتحصيلها بالتعاون مع قطاع أمناء الاستثمار بنك مصر ويتابع التحصيل مع المحاكم على مستوى الجمهورية، ويشكل برنامج حاسب آلى بالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية لربط كل المحاكم إلكترونياً.
وفيما يتعلق بالكفالة أشار النشار إلى أن المادة 146 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على "يجوز تعليق الإفراج المؤقت، فى غير الأحوال التى يكون فيها واجبا حتما، على تقديم كفالة ويقدر قاضى التحقيق أو محكمة الجنح المستأنفة منعقدة فى غرفة المشورة حسب الأحوال مبلغ الكفالة..ويخصص فى الأمر الصادر بتقدير مبلغ الكفالة جزء منه ليكون جزاءاً كافياً لتخلف المتهم عن الحضور فى أى إجراء من إجراءات التحقيق والدعوى والتقدم لتنفيذ الحكم والقيام بكافة الواجبات الأخرى التى تفرض عليه ويخصص الجزء الآخر لدفع ما يأتى بترتيبه.
أولا: المصاريف التى صرفتها الحكومة
ثانيا: العقوبات المالية التى قد يحكم بها على المتهم
وإذا قدرت الكفالة بغير تخصيص، اعتبرت ضمانا لقيام المتهم بواجب الحضور والواجبات الأخرى التى تفرض عليه وعدم التهرب من التنفيذ.
وأوضح مساعد وزير العدل أن الكفالة تكون لضمان عدم تخلف المتهم عن الحضور، وفى حال ما إذا عوقب بغرامة يتم خصم قيمه الكفالة منها، وأشار إلى أنه هناك نوع من الكفالة بغير تخصيص كضمانة لحضور المتهم وفى حال عدم التزامه تتم مصادرة الكفالة، وإذا تخلف عن جلسة من جلسات التحقيق تخصم جزء منها ويرد الجزء الآخر بعد البراءة.
وقال النشار، إن آخر إحصائية صادرة لوزارة العدل فيما يخص المتحصلات من رسوم قضائية وأتعاب المحاماة خلال العامين الماضيين بلغت 2 مليار و411 مليونا و370 ألف جنيه، مشيراً إلى أن الغرامات والكفالات والإحصائيات الخاصة بها تدخل فى اختصاص النيابة العامة.
وكانت أبرز الغرامات التى صدرت مؤخراً هى التى أقرتها محكمة استئناف الجيزة فى قضية معتقلى "جمعة الأرض" بقيمة 100 ألف لكل معتقل، حيث بلغ إجمالى الغرامات 4 ملايين و700 ألف جنيه، كما فرضت النيابة كفالات على معتقلى الأرض بالإسكندرية، قدرها 10 آلاف للفرد. وأيضاً حكم محكمة جنح القاهرة الجديدة ضد هشام جنينه بالحبس سنة مع الشغل وتغريمه 20 ألف جنيه وكفالة 10 آلاف جنيه، بتهمة نشر أخبار كاذبة حول حجم تكلفة الفساد فى مصر.
كما تم استخدام الكفالة أثناء التحقيقات مع نقيب الصحفيين وعضوين من مجلس النقابة بواقع 10 آلاف لكل منهم.
وأيضا كانت الغرامة التى دفعها أحمد عز رجل الأعمال وأمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى من أشهر الغرامات بعدما قضت محكمة النقض بتغريمه 10 ملايين جنيه فى قضية احتكاره للحديد، وذلك بعد طعنه على حكم أول درجة الذى كان يقضى بتغريمه 100 مليون جنيه.
وفى قضية رجل الأعمال صلاح دياب والذى اتهم هو نجله بحيازة سلاح بدون ترخيص تم إخلاء سبيلهما بعد دفع كفالة قدرها 60 ألف جنيه.
من جانبه قال مصدر قضائى بمحكمة استئناف القاهرة، إن أموال الكفالات التى تفرض على المتهمين يكون مصيرها خزينة المحكمة لحين البت فى القضية بشكل نهائى بعد انتهاء كل مراحل التقاضى، وفى حال الحصول على البراءة يقوم المواطن بإرسال طلب إلى وزارة العدل والنائب العام مرفق بالحكم القضائى ليتم بحثه ويسترد الأموال من خزينة وزارة العدل، أما فى حال الإدانة ترسل لوزارة المالية وتدخل خزانة الدولة.
وتابع المصدر، أن هناك إدارة بكل محكمة تسمى إدارة تحصيل المطالبات القضائية، حيث يقوم الموظفون بتحصيل أى رسوم أو غرامات، كما أنه يوجد فى كل محكمة مراقب مالى يتبع وزارة المالية يرصد جميع الرسوم القضائية التى يتم تحصيلها بالمحكمة ثم ترسل إلى حسابات وزارة المالية بالبنك المركزى.
وقال طارق نجيده المحامى بالنقض عن الكفالة، أن الكفالة التى يتم تحصيلها من المتهمين فى قضايا جنائية بصفة عامة والسياسية بصفة خاصة أصبح بها مبالغة شديدة لأن الهدف الأصلى من الكفالة هو ضمان إلتزام المتهم بالمثول أمام جهة المحاكمة وقت الطلب، وبالتالى فإن الكفالة التى يتم فرضها على المتهم يجب أن تكون فى إطار الضمان وليس فى إطار الإرهاق بمفهوم أن الكفالة التى يدفعها يكون مهتماً باستردادها عند انتهاء المحاكمة.
وأضاف نجيدة، أما الكفالات التى يتم فرضها لإرهاق المتهم وذويه أو غير ذلك فإنها تتحول لعقوبة فى حقيقة الأمر لا يصح ولا يجوز فرضها بدون تشريع ومثلها مثل الحبس الاحتياطى، إذاً هذا نظام يستبدل الاجراءات التحفظية ويحولها إلى عقوبات جنائية باهظة الثمن وشديدة فى قسوتها مثل الحبس الاحتياطى.
وتابع المحامى بالنقض حول الغرامات، أما بالنسبة للغرامات، فالواقع أن لدينا نظام له محدد فى القانون وفى الغالبية العظمى من الجرائم هى غرامات مقبولة من حيث التقدير ويتم توقيع الغرامة بمقتضى حكم الادانة الذى يصدره القاضى، وأشار نجيدة إلى أنه هناك نوعان من القضايا تكون فيه الغرامة باهظة بل فوق التصور، الاول متعلق بقانون الاحتكار أو القوانين المتعلقة بجرائم سوق المال فهى لها طبيعة خاصة وتوقيع العقوبة بشأنها وجد المشرع أن تكون باهظة؛ والنوع الآخر هى الغرامات التى توقع على جرائم سياسية وهذا جزء مثير للجدل، لأن فرض عقوبة الغرامة الباهظة فى قضايا مثل قضايا النشر عند إبداء الرأى السياسى أو الدينى تكون العقوبة المقيدة للحرية باهظة ومخالفة للدستور لأن الدستور يمنع توقيع عقاب لجرائم النشر، لكن بعض الجرائم لها تكييف قانونى كمعين وهو ما يؤدى بها إلى الحبس.
وتابع:عند استبدال الحبس بالغرامة تكون باهظة مثل ما حدث فى "معتقلى جمعة الأرض" على ذمة قانون التظاهر فكانت الغرامة 100 ألف جنيه لكل منهم، وهو رقم باهظ حين يتم توقيعه على شاب جامعى عمره من 18 إلى 20 عاماً، لأن هذا يعنى إرهاق له ولأسرته، بالتالى هناك نوع من أنواع التربص التشريعى لجرائم التظاهر لمنع حق التظاهر أو جعله باهظ الثمن.