نقلا عن العدد اليومى...
فى كل خطوة تتخذها الدولة باتجاه الاقتصاد، تقرأ سيلا من التحليلات الاقتصادية، تؤيد أو تعارض من دون أن تقدم تصورا يمكن لمن يريد أن يتعلم، والملاحظ أن السادة الخبراء كثيرا ما يبدون إعجابا بالدول المتقدمة وطريقتها فى العمل واتخاذ القرارات، لكنهم يتراجعون عن إعجابهم إذا كانت نفس القرارات عندنا.
على سبيل المثال فإن قضية الدعم التى تشغلنا من عقود طويلة، ويعرف كثيرون أن الدعم لم يصل لمستحقيه لأنه كان يتسرب ويذهب للفاسدين وتجار الأقوات، وهؤلاء كونوا ثروات من التلاعب واختلاس الدعم ولديهم طرق مختلفة، وإذا جاء من يقرر وقف التسرب وإعادة توزيع الدعم بشكل يضمن وصوله لمستحقيه تجد من يرفع اعتراضه، ويعلن أن القرارات غير صحيحة، ولو كان يتخذ موقفه بناء على وجهة نظر ونظريات أو تحليلات، يمكن تقبل ذلك، لكنهم يرفضون على سبيل الاعتراض، مستندين إلى آثار قد تظهر فورا، وطبعا هناك آثار لأى قرار حتى يستقر، والهدف فى النهاية هو وقف التسرب والإهدار، وقد قطعت دول أخرى خطوات فى هذا الاتجاه.
لكن خبراء كل الشؤون الاقتصادية والسياسية هؤلاء طبعا يسافرون للخارج فى رحلات شتوية وصيفية، ويعجبون بما يتخذه الخواجة من قرارات اقتصادية، لكنهم يعارضون نفس القرارات هنا، ويفعلون هذا باسم الفقراء وهم لا يعرفون عن الفقراء شيئا.
ونكرر كثيرا أن هناك نوعا من المعارضة موجود فى العالم يقوم على الحجة والمناقشة والحوار، لكننا نرى بعض الأشكال ممن يفرحون عندما يتعرض وطنهم للخطر، ومنهم من يبيع بلده عند أقرب مكان يمنحه الدولار، وقلنا مرات إننا أصبحنا أمام ظاهرة يختلط فيها الجهل بسوء النية، ونوعيات من المحللين يمارسون التجهيل وينشرون الكآبة والإحباط. ولا يملكون ما يقدمونه سوى وجبات فاسدة تهاجم كل خطوة نحو بناء الاقتصاد، وكأن الممولين يغضبهم أن يروا أى خطوة للأمام.
ولا نقول أبدا إن كل شىء على ما يرام، لكن نرى أننا يجب أن نحاول ونسعى وأننا فى كل خطوة لطريق جديد أو نفق لنقل الماء إلى سيناء أو مصنع يفتح فنحن نقدم أدوات مهمة من دونها لا يمكن الحديث عن تقدم.
ومع الأخذ فى الاعتبار أن الجميع ضد أن يتأثر الفقراء أو محدودو الدخل بأى إجراءات، لكن تجد الشكوى ممن يعيشون فى مستويات مرتفعة، يتحدثون عن فواتير الفقراء وهم أنفسهم لا يريدون أن يسددوا فواتير أو ضرائب. والقصة كلها أنه أصبح هناك فرق بين تحليل أو رأى ناقد، وآخر يحمل غلا وغضبا ويأسا طوال الوقت، ولا أحد يقول لهؤلاء أن يتوقفوا فقط أن يلتزموا بقواعد مهنية يطالبون بها ويتناسونها عند أول تمويل.