شراء نسخ الكتب الأصلية أم المضروبة؟ سؤال مهم فرض نفسه على المثقفين، فى الآونة الأخيرة خاصة بعد ارتفاع الدولار وتأثيره على صناعة النشر.
وأسئلة أخرى تتبع هذا السؤال الأساسى منها هل القارئ جانٍ أم مجنى عليه؟.. وهل تتحمل دور النشر الأزمة فى ارتفاع الأسعار.
حاول البعض تقديم حلول فأعلنت دار "بيت الياسمين" عن مبادرة تقوم على أساس استقبال الأعمال المختلفة لدور النشر الأخرى، شرط ألا تكون قد وصفت فى السابق بدور "نشر بير سلم".
وتابعت الدار فى بيان نشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، أن عرضها لبيع الكتب من مقرها دون نسبة خاصة لها، شرط أن يقدم الناشر نسبة خصم لا تقل عن 60% للقراء.
وأكدت الدار أنها لن تستقطع لنفسها أى نسبة من بيع كتب الآخرين، وسوف تعلن الدار لاحقًا عن الإصدارات المتوفرة فى مبادرة محاربة الكتب المزورة".
على الجانب الآخر قدم بعض الكتاب حلولا من وجهة نظرهم مناسبة للأزمة لعل أشهرها مقترح المستشار أشرف العشماوى الذى قدم 8 بنود لمعالجة تلك الأزمة، تتعلق بـ"طبع نسخ اقتصادية للأكشاك، تطوير صناعة الورق فى مصر لتقليل الاستيراد وبالتالى التكلفة الإجمالية، تبرع المؤلفين بنسب من نسخهم المجانية لصالح مكتبة الأسرة، وهيئة قصور الثقافة، تدخل اتحاد الناشرين بشكل مؤثر، خفض نسبة الموزع، تفعيل قانون لحقوق الملكية الفكرية، وحرمان المزور من ممارسة بيع الكتب وتفعيل بمعرض القاهرة الدولى للكتاب.
"انفراد" رصدت الآراء التى كانت متباينة ما بين مؤيد ومعارض:
قال زياد إبراهيم، مدير دار بيت الياسمين للنشر، إنه فى حال استمرار سوق الكتب المزورة فى التواجد، لن تسطيع دور النشر فى الاستمرار، بسبب الخسائر التى تتكبدها، وسوف تغلق، وبالتالى حتى المزور لن يجد كتبا لتزويرها، وستدمر صناعة الكتاب فى مصر.
وأضاف "إبراهيم" فى تصريحات لـ"انفراد"، أن وجود بعض دور النشر التى تقوم برفع سعر الكتاب، هو فى النهاية شىء يخصها بالتأكيد.
وأكد مدير "بيت الياسمين" للنشر، أن التزوير بشكل عام يسبب "سمعة سيئة للبلد" على حد وصفه، موضحا أن معرض القاهرة الدولى للكتاب له سمعة سيئة للغاية، بسبب وجود منافذ للمزورين، فى إشارة لـ"سوق الأزبكية" الموجود بالمعرض، مؤكدا أن وجود الباعة بداخل السوق يكبد دور النشر والموزعين خسائر فادحة، بسبب قيامهم ببيع نسخ من الكتاب أو حتى سيديهات الأغانى بأسعار منخفضة للغاية، قائلا "هو مش خسران حاجة.
وطالب زياد إبراهيم، الهيئة العامة للكتاب، بمنع بائعى سور الأزبكية، من التواجد من المعرض العام المقبل، مناشدا، الدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، بالسماح لدور النشر والتوزيع الخاصة بالتواجد فى المعرض المقبل، بالمكان المخصص بسور الأزبكية، وعرض طبعاتها، مشيرا إلى أن جميع دور النشر لديها طبعات لم تبع وهى فرصة لعرضها فى المعرض.
وتابع مدير "بيت الياسمين" أنه على استعداد أن يقوم بجمع أكثر من عشرين دار للنشر، تقوم ببيع نسخ مخفضة للقارئ، وهو ما يمثل حلا لمشكلة سوق الأزبكية التى تسبب "خسائر مرعبة على حد تعبيره.
فما قال الكاتب سامح فايز، إن وجود كتب مرتفعة الثمن ليس مبررا لسرقتها، متهما القارئ الذى يقوم بشراء النسخ المضروبة بـ"الحرامى"، مشيرا إلى أنه رغم الأوضاع الاقتصادية التى يعانى من قطاع كبير من المثقفين لكن هذا لا يعنى التوجه لهذه النسخ وتعجب سامح قائلا : "هل لو مش قادر أجيب عربية أقوم أسرقها"، مفسرا أن الناشر لا يستطيع أحد اتهامه بالسرقة لأنه يتكلف أسعار ورق وطباعة وغلاف وتصحيح، لكن الذى يمكن اتهامه بالسرقة هو من يقوم بتزوير النسخ.
وأضح أن عدد النسخ من الطبعات الرسمية، تكون 500 نسخة للطبعة الواحدة، وتصل إلى 1000 فى أضيق الحدود، على عكس الموزع المزور الذى يطبع فى الطبعة الواحدة عشرة آلاف نسخة لأنها تقوم بتصوير الكتاب فقط ولا يخسر فى تكاليف أخرى، مشيرا إلى أن ظاهرة "البيست سيلر" من عوامل زيادة التزوير فى مصر لأنها تحتوى فى أغلبها على نوع من الكتابة الركيكة، وهى الكتابات التى يتجه لها المزور فى أكثر الأحيان.
وتابع "فايز" أنه لا توجد صناعة كتاب فى مصر ، وأنه رغم وجود أكثر من 560 دار نشر إلا أنه فعليا لا يوجد إلا 4 أدوار نشر فقط التى تعى دورها، وذلك لتركيز أغلبها على الكتب الأدبية والروايات، موضحا أن دور النشر تشارك فى الجريمة مع المزورين لأن أغلبهم، أصبح تاجرا وليس ناشرا.
وأكد "فايز" أن هناك عدة طرق أخرى لحل المشكلة مثل مكتبة الأسرة وهيئة الكتاب وقصور الثقافة بكتبها زهيدة الثمن، مشيرا إلى أنه يجب سؤال الدولة عن الدعم الذى كان يقدم لمشروع القراءة للجميع الذى انخفض دعمه من 50 مليون جنيه ليصل إلى 7 ملايين فقط، مطالبا الدولة ممثلة فى وزارة الثقافة بتقديم الدعم لصناعة الكتاب، إلا لو كانت الدولة ترى أن الثقافة "رفاهية" ولو فكرت بهذه الطريقة فهى "لا تفهم الأمر" على حد قوله، مشيرا إلى أن من ضمن أسباب الجهل عدم الوعى والثقافة، وأن خير طريقة لمحاربة الإرهاب الثقافة ومحاربه التطرف القراءة.
وأكد "فايز" أنه يدعم المبادرة التى من شأنها إيجاد حل لظاهرة الكتب المزورة، التى أطلقها فى السابق المستشار الكاتب أشرف العشماوى والكاتب أحمد مراد وغيرهما، وتبناها فيما بعد الكاتب عمر طاهر.
على الجانب الآخر، يرى الكاتب هشام أصلان، أن الموضوع محير للغاية، لأنه برغم رفضه القاطع للتزوير والذى يمثل نوعا من السرقة، إلا أنه يجب على دور النشر البحث عن حلول بديلة، وذلك لأن أسباب القرصنة متعددة وليست فقط ارتفاع سعر الكتاب، بل أيضا، عدم توافر الكتب بوفرة أمام القراء مما يجعلهم يتجهون للنسخ المضروبة، موضحا أن الوضع يستلزم إعادة صياغة للعلاقة بين القارئ والناشر.
وطالب "أصلان" المهتمين بهذه القضية بعدم "تكبير الموضوع" موضحا أن حجم التزوير مقارنة بحجم الطبع فى العالم، لا يشكل قلقا حاليا، لكنه يظل يضع بعص التخوفات مستقبلا، فى ظل اتجاه أغلب دول العالم للنسخ الإلكترونية "pdf"، وهو الأمر الذى يجعله يتمنى أن تقوم دار النشر بالتطوير من نفسها لمواجهة ذلك الأمر سريعا.
وفى النهاية، أكد "أصلان" أنه لا يحمل دار النشر المسئولية كاملة، موضحا أن دور النشر تعتبر ضحية ولا يجب لومها على تعرضها للقرصنة ولكن عليها أن تقوم بطبع نسخ مخفضة وتقوم بتوزيعها حتى لا يضطر القارئ للاتجاه للنسخ الإلكترونية أو المضروبة.
فما يرى الروائى والكاتب أشرف الخميسى، أنه مع وجود الكتب المزورة كحل بديل، ومع وجود نسخ إلكترونية للتحميل عبر الإنترنت طالما أن النسخ الأصلية مرتفعة السعر، سواء كان ذلك مبررا أو غير مبرر.
وتابع الخميسى قائلا" أنا من ناحيتى مسامح أى قارئ أو قارئة فى حقى ككاتب، ومش مسامح النظام الثقافى اللى مش عارف يحل المشكلة دى".