نقلا عن العدد اليومى..
بائعو الملابس: الجودة متقاربة والسعر لصالح المنتج المحلى
«اشترى المصرى».. حملة إعلانية أطلقتها وزارة التجارة والصناعة مؤخرًا لتشجيع المواطنين على شراء المنتجات المصرية ذات الجودة العالية، وأكدت الحملة أن هناك العديد من المنتجات المصرية المتوافرة بالأسواق، تضاهى جودة المستورد، وأقل فى السعر، ومنها على سبيل المثال الملابس والأحذية.
«انفراد» جالت فى عدد من محال بيع الملابس والأحذية للتعرف على طبيعة تفضيل المواطنين للمنتجات المحلية الصنع أم المستوردة، وهل تضاهى المصرية جودة المستورد وتنافسها فى السعر فعليًا أم لا.؟
واختلف المصنعون والمستوردون حول جدوى حملة «اشترى المصرى»، حيث اعتبرها المستوردون حديثًا غير واقعى، باعتبار أن جودة المستورد أفضل، فى الوقت الذى اعتبر فيه المصنعون هذه الحملة خطوة جيدة جدًا نحو تشجيع الصناعة المصرية، وحافزًا كبيرًا على خلق منتجات محلية ذات جودة عالية، تنافس المستورد، وبأسعار تناسب السوق المصرية.
نادر، بائع أحذية بأحد محال وسط البلد، قال إنه فى الأغلب المنتج المصرى أرخص من المستورد بحوالى 80 - 100 جنيه، لكن عيوب المحلى تتركز فى «الفنش» أو «التقفيل»، وهو ما يجعل المستهلك يشترى المستورد أحيانًا لجودة شكله النهائى، بخلاف المصرى فى العديد من الموديلات.
أما محمد محمود، بائع أحذية، فأشار إلى أن المستهلكين من المصريين والسياح أيضًا يسألون عن المنتجات المصرية، خاصة الجلد الطبيعى المعروف بجودته فى الخامة، خاصة أن المستورد ليس به جلد طبيعى، وأشار لوجود شكاوى خلال الأشهر الأخيرة من الأحذية المستوردة، أغلبها يتعلق بتفكك المادة اللاصقة نتيجة تخزينه بالموانئ لأكثر من شهرين، ولكن لا يمكن إرجاعه فى حالة وجود عيوب صناعة، عكس المحلى الذى يمكن إعادته للمصنع مرة أخرى حال وجود عيوب تصنيع، بجانب أن المستورد ظهرت منه موديلات غير مريحة فى الارتداء، ومقاسات غير مناسبة.
وأكد محمود أن أسعار الأحذية المصرية فى متناول الجميع، وتتراوح أسعارها بين 120 و195 جنيهًا فى المتوسط، لافتًا إلى أن تشجيع المنتجات المصرية أمر إيجابى يؤدى لدعم ورش التصنيع المحلية التى أغلق كثير منها فى وقت سابق جراء فتح باب الاستيراد.
وقال هانى شوقى، بائع أحذية، إن أسعار المستورد تزيد على المحلى بنسبة 40% تقريبًا، وتنتشر الماركات المستوردة فى المحال «البراندات»، لكن الإقبال عليها أصبح ضعيفًا، مرجعًا ذلك إلى تحسين المنتجات المصرية، خاصة الجلد الطبيعى منها، بصورة كبيرة بعد غزو المصنوعات الجلدية الصينية الرخيصة السيئة الجودة السنوات خلال الثلاث الأخيرة، مما دفع الورش والمصانع المصرية لتحسين جودتها بصورة كبيرة.
وأكد بائع الأحذية أن المستهلك يسأل على المنتج المصرى لأن جودته أعلى «الجلد الطبيعى» وسعره أرخص، ضاربًا مثلًا بسعر حذاء المستورد بحوالى 345 جنيهًا، ونفس الحذاء المصنع محلياً سعره 175 جنيهًا.
وقالت آية سلام، طالبة جامعية، إنها عندما تشترى أى منتج سواء أحذية أو ملابس أو غيرها من مستلزماتها، فأول ما تهتم به هو شكله وجودة خامته، ولا يفرق لديها إن كان مصريًا أم مستوردًا، مادام يلبى طلبها، مشيرة إلى أنها لجأت مؤخرًا لشراء الأحذية الجلدية المصنعة محليًا من الجلد الطبيعى رغم عدم إعجابها بالشكل والموديل، إلا أنها مريحة جدًا «فى اللبس».
بائعو الملابس: السعر لصالح المصرى
أما بائعو الملابس فكانت لهم آراء مختلفة حول جودة المنتج المصرى، أولهم بإحدى محال البدل الرجالى التى تبيع منتجات مصنعها، بالإضافة لمنتجات أخرى مستوردة، وأكد البائع ويدعى محمد أنه ليس كل المصرى سيئًا وليس كل المستورد جيدًا، فهناك تقارب فى الجودة بين المصانع المصرية التى تنتج بجودة عالية وبين المستورد، والسعر فى هذه الحالة يكون لصالح المصرى أحيانًا وللمستورد أحيانًا أخرى.
وقال وائل، بائع بأحد محال الملابس الرجالى الشهيرة بالمنطقة، والذى يمتلك مصنعًا أيضًا، إن المستهلك عندما يأتى ليشترى، يبحث أولًا عن الجودة والسعر المناسب، مضيفًا: للأسف المستورد جودته أعلى، مشيرًا إلى أنه أحيانًا تكون الملابس المصرية أعلى بسبب ارتفاع أسعار الخامات، ومدخلات الإنتاج التى تأتى مستوردة أيضًا، وبالتالى لا يكون هناك فرق كبير فى السعر بين المصرى والمستورد ذى الجودة المرتفعة.
وحول تفضيلات المستهلكين قال وائل إن 20% من زبائنه يطلبون المصرى تحديدًا، وهو ما يعكس وعيهم بتشجيع الصناعة المحلية، والرغبة فى الشراء بالسعر الأقل، لكنّ هناك فرقًا كبيرًا فى جودة الخامات، ضاربًا المثل ببدلة مصنعة محليًا سعرها 500 جنيه، وفى المقابل يبدأ سعر البدلة التركى أو المستورد من 1150 جنيهًا، مشيرًا إلى أن الفرق فى السعر يعود إلى خامة المستورد.
أما بالنسبة للبدلة المصرية ذات الجودة المرتفعة فيبدأ سعرها من 800 جنيه، ويصل إلى 1000 جنيه، ويتخطى ذلك أحيانًا إذا كانت الجودة أعلى وهو ما يقترب من سعر المستورد.
تطلب وقف الاستيراد
وطالبت ماجى- تملك مصنعًا ومحلًا لبيع الملابس الحريمى بمنطقة وسط القاهرة- بوقف الاستيراد نهائيًا، ودعم الصناعة المحلية التى يمكن أن تكفى حاجة السوق المحلية، وتناسب جميع الأذواق، والقدرة الشرائية لمختلف المستهلكين بشرط دعم الصناعة بالعمالة المدربة، وتوفير خامات الإنتاج بأسعار مناسبة. وأشارت إحدى زبائن محال الملابس، وتدعى سميرة، أن أهم ما تبحث عنه هو الخامة الجيدة والسعر المناسب، وفى أغلب الأحيان لا تعرف ما إذا كان المنتج الذى تشتريه محلى الصنع أم مستوردًا، وما يحكم عملية الشراء لديها السعر المناسب لإمكانياتها، حتى لو اضطرت للتغاضى عن عامل الجودة نسبيًا.
المستوردون كان لهم رد فعل آخر، حيث قال على شكرى، نائب رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة، ومستورد ملابس جاهزة، تعليقًا على الحملة: «للأسف الشديد نضحك على أنفسنا، وليس لدينا منتج مصرى 100% لأن مستلزمات الإنتاج نفسها مستوردة».
وكباقى المستوردين يرى شكرى أن وقف الاستيراد يسهم فى رفع الأسعار، مضيفًا: عادة ما يكون سعر المستورد أعلى لأنه عالى الجودة، مؤكدًا أنه عند الحديث عن المستورد تخرج من حساباتنا السلع الصينية الرديئة الصنع التى يتسبب فى وجودها غياب الرقابة الحكومية، وقلة ضمير مستورديها.
وأشار نائب رئيس الغرفة التجارية إلى أن ارتفاع أسعار السلع المصرية بسبب زيادة أسعار الخامات نتيجة ارتفاع سعر الدولار الذى قارب 12 جنيهًا فى السوق الموازية.
وحول كفاية المنتجات المصنعة محليًا للسوق المصرية، أوضح شكرى أن هناك منتجات معينة تكفى السوق المحلية، مثل السيراميك على سبيل المثال، وسلعا كثيرة لا يكفى إنتاجها محليًا، ولكن نظرًا لارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمستهلكين فلم تظهر المشكلة حتى الآن، لافتًا إلى أنه حال تحسن الأحوال الاقتصادية، وارتفاع دخل المواطنين، وقدرتهم الشرائية، سيحدث نقص كبير فى المعروض من السلع، وتظهر الأزمة على حقيقتها.
مصنعون: «اشترى المصرى» حملة محترمة ومهاجموها يسعون لمصالح شخصية
أما رجال الأعمال من المصنعين فكان لهم رأى آخر، حيث أيدوا الحملة بشدة، مطالبين بإحكام الرقابة على المصانع المحلية، لضمان تحسين جودة المنتج المصرى ليضاهى ويتفوق على الأجنبى وينافسه سعريًا، معتبرين أن حل أزمة الاقتصاد المصرى بالكامل يكمن فى دعم الصناعة الوطنية، وزيادة معدلات الإنتاج. وانتقد حسام فريد، العضو المنتدب لإحدى الشركات، والرئيس السابق لجمعية شباب الأعمال، هجوم بعض المستوردين على حملة «اشترى المصرى»، قائلًا: «لدينا 65 ألف مصنع مصرى لو بيطلعوا بضاعة وحشة مش هيفضلوا شغالين»، مؤكدًا أن التاجر لا يمكنه تقييم جودة المنتجات.
وتابع فريد: «الحملة محترمة جدًا، ولو حققت نتيجة على 5% فقط من المستهلكين فهذا فى مصلحة الصناعة المحلية»، مؤكدًا: «ليس أمامنا حل للسيطرة على التضخم إلا بزيادة الإنتاج، ومن يحارب هذه الحملة فذلك لمصلحة شخصية».
اسواق كبيرة
وقال فريد إن لدينا سوقًا استهلاكية كبيرة فى مصر، وستظل هناك حاجة للاستيراد أيضًا بجانب الإنتاج، ولكن بالنظر إلى أن مصر استوردت بقيمة 65 مليار دولار عام 2015 بخلاف المنتجات البترولية، وصدرت بقيمة 18 مليار دولار فى السنة نفسها، وهو ما يعنى أن العجز التجارى لدينا 47 مليار دولار، فليس أمامنا سوى ترشيد فاتورة الاستيراد، ودعم الصناعة المحلية. من جانبه قال علاء السقطى، رجل الأعمال، رئيس جمعية شباب رجال أعمال المدن الصناعية للصناعات الصغيرة والمتوسطة، إنه رغم واقعية الحديث عن أن المنتج المستورد أعلى فى الجودة، وعدم كفاية المنتج المحلى لحاجة السوق، فالحل هو زيادة الإنتاج، والحملة بتشجيعها على هذا الأمر تعتبر إيجابية جدًا، ولابد أن نصر على نجاحها.
وشدد السقطى على أن الصناعات المحلية عليها مسؤولية بتحسين جودة منتجاتها، والحكومة عليها مسؤولية أيضًا فى تفعيل الرقابة على الجودة من خلال تعظيم دور هيئة الجودة وتقويتها، بالإضافة إلى رفع الوعى لدى المواطنين باستخدام السلع العالية الجودة، مما سيدفع الصناعة الموازية التى يطلق عليها الاقتصاد غير الرسمى إلى تحسين جودة منتجاتها، وأن تتحول إلى السوق الرسمية حتى يمكنها المنافسة بالسوق، وتحقيق الأرباح.