قال ضياء السعدي، نقيب المحامين العراقيين السابق، ورئيس الفريق القانونى لاسترداد أموال وآثار العراق المنهوبة والمهربة بالخارج، أن حجم السرقات الواقعة على المال العام العراقى دفعه ومجموعة من المحامين والحقوقيين العراقيين للتصدى ومواجهة الفساد المالى والإدارى والرشاوى فى البلاد، مؤكدا أن فريق المحامين العراقى يعمل فى إطار القانون من أجل التصدى لجرائم سرقات المال العام التى تعتبر الوجه الآخر للإرهاب الداعشى، مؤكدا أنها بحكم القانون لا تقبل المصالحة أو العفو ولا تسقط بالتقادم.
وشدد السعدى على أن الفريق القانونى سيقاضى كافة الدول والأفراد الذين نهبوا الثروات العراقية، خاصة بعد الغزو الأمريكى عام 2003، ولاسيما العصابات الإسرائيلية التى نهبت الكثير من الآثار العراقية.
وأكد "السعدى" فى تصريحات خاصة لـ "انفراد"، عبر الهاتف من العراق، اليوم الأحد، أن العمل متواصل لاسترجاع الأموال العراقية المنهوبة والمهربة فى أى مكان من دول العالم، بالرغم من خضوعها لغسيل أموال ومحاولات لتنظيفها، داعيا لاسترجاع وقائع سرقة المال العام العراقى الذى أخذ بالتصاعد، وبدأ بالتزامن مع العمليات العسكرية الأمريكية التى غزت العراق واحتلاله فى عام 2003، مشيرا إلى أن الشعب العراقى والعالم أجمع لا يزال يتذكر، وكما هو موثق كيف تم السطو على المصارف والبنوك والمؤسسات المالية وإفراغها من العملة العراقية والأجنبية، وسرقة الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية، أمام صمت القوات الأمريكية المحتلة، مؤكدا أن بعض منتسبى قوات التحالف الدولى ساهم فى سرقة الملايين من الدولارات التى أخفتها الحكومة العراقية قبل الاحتلال الأمريكى فى القصور الرئاسية، وفى أماكن آخرى فى بغداد.
وأكد نقيب المحامين العراقيين السابق أن السرقات امتدت إلى الآثار العراقية، عبر عصابات دولية إسرائيلية، وتحت حماية جنود الاحتلال الأمريكى، عندما وضعت واشنطن يدها على المتاحف العراقية، موضحا سرقة وتهريب جنود وضباط الولايات المتحدة للآثار العراقية عبر المنافذ الحدودية المجاورة للعراق كالأردن والكويت والسعودية وغيرها، مشيرا إلى تواجد الشركات الأمريكية عقب احتلال العراق، فإنها مارست التزوير وتعاطى الرشاوى والسرقة فى العديد من العقود والتعهدات التى أبرمتها مع الجهات العراقية وغير العراقية.
وأشار ضياء السعدى إلى أن من ساعد على ارتكاب هذه الجرائم هو إقدام سلطات التحالف الدولى التى أصدرت المذكرة رقم 3 لسنة 2003 والتى تقضى بتوفير الحصانة القانونية والقضائية لمرتكبى هذه الجرائم، بمنع إقامة الدعاوى المدنية أو الجزائية والإدارية على مرتكبى هذه الجرائم، وتشمل هذه الحصانة كافة المتعاملين والمتعاقدين من مقاولين وشركات خلافا للقوانين الدولية، مؤكدا تطور حالات وظواهر الفساد الإدارى والمالى وعمليات سرقات المال من الخزينة العامة، منها سرقات نفط وتهريبه، واختفاء مواد البطاقة التموينية، والتلاعب المالى فى القطاع المصرفى، وتزوير الشهادات الدراسية والألقاب العلمية واستخدامها بالوظيفة العامة، والاستخدام والتوظيف فى أجهزة الحكومة المدنية والعسكرية بعد الرشاوى.
وأشار نقيب المحامين العراقيين السابق إلى أن الفساد وقع فى عقود التجهيزات والتسليح للجيش العراقى والقوات المسلحة، والاعتداء على ملكية العقارات العائدة للدولة، مؤكدا أن مفردات قائمة الاعتداء على المال العام العراقى تنوعت وسائله وطرقه، وبات يتشكل منها ظاهرة الفساد الإدارى والمالى، بما يمكن القول أن السرقة والفساد أصبحا ثقافة أو مؤسسة ومنهج يهدد كيان الدولة العراقية، وتنعكس بصورة مباشرة على متطلبات الحياة فى العراق، ومنها فقدان أبسط حقوق العراقى سواء كان فى الأمن والماء والكهرباء والصحة والتعليم.
وأكد أن فريق الدفاع القانونى يسعى لاسترداد أموال العراق المنهوبة، وبما يكفل التصدى لكل حالات سرقة المال العام والفساد بشقيه المالى والإدارى، وعلى وجه التحديد الرشاوى أو التربح أو الحصول على منافع مالية بما يخالف القانون، موضحا أن أبرز الأسباب التى أدت إلى الحالة التى يعيشها شعب العراق هو نظام المحاصصة الطائفية والعرقية الذى ساد فى العراق بعد الاحتلال الأمريكى عن طريق استبدال وحدة الشعب العراقى، وهويته العربية الإسلامية، بمفاهيم نظرية المكونات الطائفية والإثنية والعرقية التى يتكون منها الشعب العراقى التى جاء بها السفير الأمريكى بول بريمر الحاكم المدنى للعراق، وقتها، والتى انعكست على تشكيل مجلس الحكم سنة 2003 والذى يعتبر البداية الأولى لاقتسام سلطات الدولة وتوزيعها على أساس الانتماءات المذهبية والإثنية والعرقية لهويات الأحزاب التى شاركت فى العملية السياسية، والتى تكرست فيما بعد فى قانون الدولة للمرحلة الانتقالية الصادر فى شهر مايو عام 2003 باعتباره وثيقة دستورية مؤقتة.
وأوضح ضياء السعدى نقيب المحامين العراقيين السابق، أن الطائفية السياسية ترتب عليها مخاطر عديدة، أبرزها اقتسام سلطات الدولة غنيمة، على أساس المذهب والحزب والطائفة، ما أدى إلى اتساع الفساد المالى والإدارى وانتشاره إلى درجة تم فيها بيع الوزارات والمواقع الإدارية المتقدمة فى الدولة والحكومة، وتفشى الدعوات العنصرية والإرهابية والتكفيرية والتطهير الطائفى، ما يهدد وجود الدولة، أو إلى وضع العراق إلى ما قبل الدولة، مؤكدا أن امتهان حق الاستخدام والتوقيف فى مؤسسات الدولة العراقية أدى إلى انعدام تكافؤ الفرص أمام جميع العراقيين، فكان من المفترض أن يتم الاختيار على أساس الكفاءة والقدرة والتحصيل العلمى بدلا من التوزيع الطائفى والحزبى، ما ساهم فى بناء أجهزة حكومية عراقية غير كفؤة فى أدائها للوظيفة العامة.
وأكد أن فريق الدفاع عن المال العام العراقى يتكون من عدد من المحامين يعملون بصورة مجانية تطوعية وبدون أجر أو مقابل، يتمتعون بالاستقلالية والمهنية ولا تربطه أحزاب سياسية أو الحكومة، وهدفه التصدى للفاسدين وناهبى المال العام العراقى، مشيرا إلى سعيهم لتأسيس مكتب الادعاء الشعبى العام العراقى بعد وضع نظام خاص به طبقا لقانون المنظمات غير الحكومية، والاستفادة من اتفاقية مكافحة الفساد الصادرة من الأمم المتحدة والمعمول بها فى العراق منذ عام 2005 حيث ترسم هذه الاتفاقية الآليات المطلوبة لاسترجاع الأموال المسروقة رغم تهريبها بأسماء مستعارة، مشيرا إلى أن الفريق القانونى سيكون له دور فى مراقبة مدى التزام المسئولين الحكوميين العراقيين بما جاء فى المادة ( 127) من الدستور العراقى، ومتابعة المتورطين فى حالة الحصول على الأدلة القانونية اللازمة لإثبات هذا التصرف بعيدا عن الإسقاطات أو الصراعات أو الخصومات الشخصية وبما يكفل إظهار الحقائق أمام الرأى العام.