لا أخفيكم سرا أن لحظة هزيمة اللاعب المصرى إسلام الشهابى، أمام نظيره الإسرائيلى ساسون، واحدة من أتعس لحظات حياتى بأكملها وأعتقد أنها واحدة من أتعس اللحظات على مصر بأكملها، ولكن ما بعد الهزيمة هناك العشرات من التفاصيل التى يجب أن نقرأها بين السطور سأحاول أن أضع يدى على بعضها فى هذا المقال.
1- المصنف الخامس عالميا هزم المصنف السابع عشر.. أمر منطقى للغاية
بداية دعونا نضع الأمور فى نصابها، فما كنا نشاهده هو مباراة فى الجودو، وليست حرب بين أمتين، تلك المباراة واجه فيها المصنف الخامس عالميا "ساسون" المصنف السابع عشر عالميا "إسلام"، وتفوق اللاعب الأقوى، كل ما فى الأمر أن إسرائيل تملك لاعب جودو أفضل من الذى نملكه، هذا لا يعنى أى شىء سوى تفوق كيان ما علينا فى لعبة ما، وهذا التفوق لم يأت فجأة، هم امتلكوا هذا اللاعب الموهوب وأعدوه قبلها بفترة وحصل على ترتيبه، مثلما تملك مصر لاعب موهوب آخر هو رمضان درويش، المصنف رقم 7 عالميا فى الجودو، وفى ألعاب أخرى مثل رفع الأثقال، أو كرة اليد، وبالطبع كرة القدم، ولا تملك إسرائيل شيئا فى كل هذا، ولو وضعت فى مواجهة معنا فى أى من تلك الألعاب ستلقى هزيمة منكرة.
ضع أى لاعب فى إسرائيل فى منافسة مع رمضان صبحى على سبيل المثال، أو أجعل بطل رفع الأثقال فى الكيان الصهيونى يواجه محمد إيهاب، أو حتى سارة سمير، وسيلقى من أى منهما هزيمة منكرة.
2- أين الخطأ؟
الخطأ كان فى الترويج للأمر منذ البداية على أنه حرب، هشام حطب، رئيس بعثة مصر بالأولمبياد خرج عنه تصريح أن مصر لن تترك الميدالية الذهب للاعب الإسرائيلى، فى حين أنه يتحدث عن لعبة مصر ليست مرشحة فيها لميدالية من الأصل، مصر تملك الترتيب السابع عشر عالميا، سوى من رمضان درويش، الذى ينافس فى وزن 100 كيلو، ومن السادس عشر، وحتى الأول يملكون فرصا أفضل منها، وبالطبع الإسرائيلى يتفوق عليها كثيرا، وفى المقابل نملك لاعبين أفضل كثيرا فى ألعاب أخرى.. الأمر إما أن تنسحب ليس خوفا من الهزيمة ولكن رفضا للتطبيع- أو أن تشارك فى المباراة وأنت تعرف جيدا أنها مجرد مباراة رياضية تواجه فيها خصما أقوى منك.
3- إعداد إسلام
جميع الأخطاء الإدارية حدثت فى تلك المباراة، منذ عدم تأهيل ممثل مصر نفسيا، والجلوس معه للترتيب لخط سير المباراة منذ بدايتها وحتى نهايتها، بتعليمات صارمة مثل التى وجهت للاعب الإسرائيلى، الذى قدم تمثيلية محبوكة دراميا، لهزيمتك بدنيا ومعنويا ثم خلقيا أمام الرأى العام العالمى، إسلام ألقى فى النار وحيدا أمام خصم أقوى منه –وهذا لا ينتقص من قدره شيئا- فلكل شخص إمكانات محددة لا تتدخل فيها بالمناسبة جنسيته أو ديانته، وإسلام بذل ما فى وسعه، ووصل للأولمبياد فى ظل الإمكانيات المحدودة التى توافرت له، وهذا فى ذاته إنجاز جيد.
4- استغلال إسرائيل
ما يجب أن نتعلمه هنا هو كيف استغلت إسرائيل المباراة، التعليقات التى خرجت عنها من رئيس الوزراء –أهم فرد فى الكيان الصهيونى- وحتى عمل اللوبى الصهيونى عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، وما قابله من حالة تخبط من قبل جميع الجهات لدينا، التى وصلت لخروج بيان يغسل يد اتحاد الجودو من عدم السلام على لاعب إسرائيل، بينما كان من الاولى هو جلوس الاتحاد مع إسلام والترتيب لماذا سيحدث قبل وبعد المباراة بدلا من إلقائه فى النار ثم صب الغضب عليه مع الجميع.
نهاية يجب أن نتوقف عن جلد ذاتنا، يجب أن نعرف كيف نذاكر خصمنا جيدا؟، وأن نعرف أين نقاط ضعفه وأين نقاط قوته، يجب أن نتعلم الإعداد لكل شىء مبكرا، درس إسلام كان درسا قاسيا، ولكن الأهم الآن نتعلم منه، وأن نتوقف عن جلد ذاتنا بسبب هزيمة كانت طبيعية ومتوقعة ولا تتعدى كونها لقاء بين شخص يتفوق بدنيا وفنيا على شخص آخر، وليس دولة تواجه دولة، فبالأرقام والنتائج، مصر تتفوق على إسرائيل أولمبيا بخطوات واسعة حيث يملك الكيان الصهيونى 7 ميداليات فى كل تاريخها 5 منهم برونز وواحدة فقط ذهب ومثلها فضة، بينما تملك مصر 30 ميدالية منهم 7 ذهبيات و10 فضيات، و13 برونزية.