رغم مرور ٣ سنوات على فض اعتصام رابعة العدوية، وسقوط عدد من رجال الشرطة شهداء ومصابين، إلا أن الداخلية مازالت تقدم شهداء جددا فى سبيل حماية الأوطان.
وبحلول ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية المسلح الذى يوافق اليوم 14 أغسطس، نستعيد ذكريات الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عن الوطن، وعلى رأسهم اللواء محمد جبر مأمور مركز شرطة كرداسة الذى استشهد فى المجزرة الشهيرة بمركز شرطة كرداسة يوم فض اعتصام رابعة العدوية.
استشهد جبر قبل ٢٤ ساعة من تنفيذ قرار ترقيته لرتبة لواء، حيث تم تصعيده نظرا لكفاءته، وكان من المقرر أن يغادر المركز لتنفيذ الترقية الجديدة، إلا أن الأحداث الملتهبة وقتها بسبب فض اعتصام رابعة جعلته يؤخر تنفيذ الترقية ٢٤ ساعة للبقاء فى المركز للدفاع عنه دون أن يعلم أن القدر شاء أن تكتب شهادته فى هذا المكان.
وعندما زحفت الجماعات الإرهابية لكرداسة عقب فض اعتصام رابعة العدوية ونصحه البعض بسرعة مغادرة المبنى حفاظا على حياته، رد "لن أترك المركز ولن أخرج منه إلا وأنا على نعوش الموت، هاقول لربنا يوم القيامة إنى سيبت مكانى عشان خوفت على حياتى لا والله"، وبالفعل قال فصدق ووعد فأوفى، ولم يخرج إلا وهو شهيد تزفه الملائكة إلى الجنان.
وعمل اللواء محمد جبر كمأمور لقسم شرطة الواحات برتبة "عقيد" لعدة سنوات، ثم انتقل منها إلى مركز شرطة أبو النمرس، حيث كان له الأفضل فى ضبط العديد من الخارجين عن القانون والعناصر الإجرامية بمنطقة جنوب الجيزة، كما شارك فى الكشف عن غموض العديد من الجرائم الجنائية، ومن ثم تم ترقيته من رتبه عقيد إلى "عميد" ونقله إلى مركز شرطة كرداسة منذ قرابة 3 أعوام، حيث كانت هناك العديد من الجرائم الجنائية التى ظهرت فى كرداسة، وظهور عصابات المسجلين خطر والعناصر الإجرامية، وكان لـ"جبر" باع طويل ضبط الجرائم الجنائية، حيث أسقط العديد من المتهمين، وتوصلت تحقيقاتها إلى نتائج طيبة، وكان محلا للثقة من رؤسائه ومدراء مديرية أمن الجيزة الذين تعاقبوا خلال فترة عمله به، حيث تم تكريمه لأكثر من مرة بسبب نشاطه الدائم والمستمر، حتى قررت وزارة الداخلية تكريمه بمنحه رتبة "اللواء" فى فترة قصيرة بعد حصوله على رتبة "العميد"، ومن ثم تقرر نقله من منصب مأمور كرداسة، ليشغل منصب مساعد مدير الأمن بعد حصوله على رتبة "اللواء".
ولم يكن اللواء محمد جبر بمفرده الذى حفر تاريخا بطوليا، وإنما كان برفقته عدد من الضباط الذين رفضوا أن يتركوا أماكنهم وثبتوا أمام أربى جى الجماعات الإرهابية كان أبرزهم النقيب هشام شتا الذى تخرج فى 2009 وعمل كضابط نظامى فى مدينة السادس من أكتوبر، إلا أنه شارك فى العديد من وقائع ضبط الخارجين عن القانون، ومن ثم تم نقله لمركز كرداسة ليعمل فى المباحث كمعاون الرئيس المباحث المقدم ضياء رفعت، حيث كان شتا من الضباط المتدينين، والذى يرفض إغلاق القضايا، إلا إذا تأكد من ثبوت جميع أدلة الاتهام على المتهم، وكان عائدا من الأراضى المقدسة عقب تأديته العمرة للعام الثانى على التوالى، حيث كان يحكى لزملائه روحانيات الأراضى المقدسة، وأنه دعا هناك لمصر أن يحفظها الله من كل سوء.
ولا يستطيع أحد أن ينسى العقيد عامر عبد المقصود الذى ولد فى الإسكندرية وكان يتمتع ببنيان جسدى قوى، وكان من الضباط الذين لهم كفاءات خاصة فى العمليات الخاصة، واقتحام الأماكن الوعرة، وكان له صوت جهور يخافه المتهمون والخارجون عن القانون، كما كان عامر عبد المقصود لاعب شهير بنادى الترسانة، وحصل على العديد من الجوائز، وترقى فى المناصب من ملازم أول حتى وصل إلى رتبة عقيد، وكان العميد محمد جبر مأمور مركز كرداسة يعتمد عليه فى العديد من المواقف وقرر البقاء مع زملائه داخل المركز حتى استشهدوا جميعا.
الملازم أول محمد محمود عبد العزيز ضابط العمليات الخاصة بوزارة الداخلية الذى استشهد فى فض اعتصام رابعة، إثر إصابته بطلق نارى، من القصص التى لا ينساها أحد، حيث تناول العشاء مع والده، وأكد له أن عنده مأمورية فى الصباح فشاهده شهيدا عبر الفضائيات والمواقع الإخبارية، تاركا خلفه طفلته فريدة فى بداية عمرها، حيث يؤكد والده أن ابنه دفع روحه فداء للوطن من أجل أن يعيش الجميع فى سلام، مؤكدا أنه لو يمتلك ١٠ أولاد لدفع بهم لكلية الشرطة ليكملوا التضحيات.