منذ 3 سنوات أصبح يوم 14 أغسطس تاريخ لا ينسى، إذ شهد أضخم أحداث عنف وقعت فى مصر خلال العصر الحديث، جراء مؤامرة قادة جماعة الإخوان، التى استهدفت نشر الفوضى فى ربوع البلاد انتقاما لعزل رئيسهم محمد مرسى.
أحداث العنف التى بدأت مع اللحظة الأولى لتحرك الأجهزة الأمنية، لاتخاذ إجراءات فض اعتصامهم المسلح بميدان رابعة العدوية، اختلفت فيها الروايات والحكايات، وظل عناصر الإخوان طيلة السنوات الثلاثة الماضية يتاجرون بعملية فض الاعتصام والضحايا الذين سقطوا، رغم أن النيابة العامة حملت قادة الجماعة مسئولية سفك هذه الدماء.
بالعودة إلى أرشيف النيابة العامة، الخاص بالقضية رقم القضية رقم 15899 لسنة 2013 إدارى مدينة نصر أول، نجد أسرار اعتصام رابعة العدوية منذ بدايته حتى نهايته، وكل المعلومات التى تمتلكها وزارة الداخلية المصرية، حول خطة جماعة الإخوان لمواجهة عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى.
بحسب المحاضر المحررة من قِبَل اللواء محمد توفيق، رئيس مباحث قطاع شرق القاهرة، وثقت وزارة الداخلية اللحظات الأولى لبدء الاعتصام، وورد بأحد المحاضر المؤرخة فى أغسطس 2013، أن جماعة الإخوان وبعض العناصر التابعة لها، اتخذت من ميدان رابعة العدوية بدائرة قسم شرطة مدينة نصر والمنطقة المحيطة به، موقعاً لإظهار احتجاجتهم واستغلال بعض القنوات التليفزيونية، فى مناهضة عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى بعد ثورة 30 يونيو.
احتلال المنطقة
ورصدت الجهات الأمنية خطة الجماعة الإرهابية، لاحتلال مدينة نصر والمنشآت الحيوية بها، عن طريق الاعتصام وقطع كافة الطرق من الجهات الأربع المؤدية من وإلى ميدان رابعة العدوية، وإعاقة حركة قاطنى المنطقة فى الخروج من منازلهم لقضاء متطلباتهم والتوجه لأعمالهم، ومن ثم احتلال المساحات بين العقارات وداخلها، وأمام الوحدات السكنية والمعيشة الكاملة فيها، ووضع أدوات المعيشة كمواقد الطهى والأدوات الكهربائية، والتمدد بطول الطرق والشوارع الرئيسية.
وقالت المحاضر نصًا: "منذ اعتصام العناصر المنتمية لجماعة الإخوان المسلمين، بميدان رابعة العدوية، بدائرة قسم مدينة نصر، واتخاذهم المنطقة مكاناً لإظهار احتجاجتهم، وما يتم بثه بالقنوات التليفزيونية لإظهار تلك المطالب، قام المعتصمون بقطع الطرق من الجهات الأربعة المؤدية إلى ميدان رابعة العدوية، وإعاقة حركة قاطنى المنطقة فى الخروج من منازلهم لقضاء متطلباتهم والتوجه لأعمالهم، واحتلال المساحات بين العقارات والمساحات داخل العقارات، وأمام الشقق، والمعيشة الكاملة فيها، ووضع أدوات المعيشة كمواقد الطهى والأدوات الكهربائية".
وتحدثت الجهات الأمنية، عن خطة الإخوان لإظهار تحركاتهم الإثارية، أمام الرأى العام الداخلى والخارجى، عن طريق نصب الخيام بمنطقة رابعة العدوية، بالإضافة إلى إتلاف جميع مرافق الطريق، لإقامة المتاريس والموانع ، وذلك لإعاقة دخول قوات الأمن لتلك المنطقة، وتجهيز بعض أدوات القتل والحرق والأسلحة النارية.
وكشفت التحريات وسائل عناصر الجماعة لإرهاب قاطنى المنطقة، المتمثلة فى إحداث شللاً مرورياً لإعاقة المواطنين عن أعمالهم، ما اضطر البعض إلى ترك مساكنهم قسرًا، إضافة إلى ارتكاب وقائع قتل أشخاص لمجرد اقترابهم من الطريق العام المؤدى إلى أماكن الاعتصام، وخطف الأشخاص وإحداث إصابات عن طريق تكسير الأذرع والأرجل.
وعلى إثر ذلك الضرر وفقًا لمحاضر الشرطة، اشتكى عدد من مواطنى المنطقة بعدم إمكانية العيش بمساكنهم، وتركهم أعمالهم التى يرتزقون منها، الأمر الذى أدى إلى احتقان المجتمع حيال تلك التصرفات، التى تحط من كرامة المواطنين وتمتهن آدميتهم، وبناءً عليه أعد قطاع الأمن العام بوزارة الداخلية تقريراً بكشف توافر دلائل حول انتهاكات الإخوان، وتم تسليمه للنائب العام الذى أصدر قراره فى 31 يوليو 2013، باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه الأعمال الإجرامية التى وقعت داخل الاعتصام المسلح.
وتسلم النائب العام الشهيد المستشار هشام بركات، بتاريخ 13 يوليو 2013 التقرير المُحَرَّر من قطاع الأمن العام، بشأن اعتصام رابعة العدوية بمدينة نصر فى القاهرة، واعتصام النهضة بالجيزة، وتضمن التقرير توافر دلائل كافية لأعمال تخريب وإتلاف المنشآت العامة ومبانى الدولة والقتل العمد ومقاومة السلطات، والاحتجاز والتعذيب البدنى بغرض إرهاب وترويع المواطنين.
وبناء على التقرير، كلف النائب العام وقتها قوات الشرطة بوقف الجرائم التى وقعت بمحيط ميدان رابعة العدوية، وضبط سيارات البث الإذاعى المسروقة من التليفزيون المصرى، وضبط بعض القيادات الإخوانية المتورطة فى التحريض على أعمال العنف والإرهاب، على رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، ومحمد البلتاجى، وصفوت حجازى، وحسن البرنس، وباسم عودة، وطارق الزمر، القيادى بالجماعة الإسلامية.
وأشارت التحريات، إلى أن المتهمين هم المسئولون الأساسيون عن الاعتصام المسلح، والتحريض على ارتكاب جرائم القتل والتعذيب، والاستيلاء على مسجد رابعة العدوية وملحقاته، والمستشفى الكائن خلفه، وأشرفوا على إنشاء غرف حجز وتعذيب، وكلفوا عناصر مسلحة بإنشاء "دُشَم" للحماية من أية محاولة لفض الاعتصام.
وكشفت الوثائق، محاولة أجهزة الدولة عقب تفاقم الأحداث وازدياد الانتهاكات التى ارتكبها المعتصمون بميدان رابعة، فض الاعتصام بكل الطرق السلمية، عن طريق المؤسسات المحلية، والمنظمات والمؤسسات الدولية، إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل إثر تمسك الإخوان بالاعتصام.
وتقول المحاضر عن هذه المفاوضات نصاً: "نظراً لتفاقم الأحداث واستنفاذ كافة الطرق السلمية محلياً ودولياً، والتى باءت بالرفض والفشل، ونفاذاً لقرار النيابة العامة ومن خلال التنسيق مع الجهات الأمنية كافة، بدأت الأجهزة الأمنية فى دراسة خطة فض الاعتصام، بعد الاطّلاع على جميع المحاذير لإنجاز المهمة، فى إطار الحفاظ على الأرواح والمنشآت".
وتضمنت المحاضر، لأول مرة معلومات رسمية موثقة بخلاف تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن الخطة الكاملة لفض الاعتصامات التى وقعت كواليسها يوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2013 ، إذ توجهت الجهات الأمنية المنوط بها تنفيذ المهمة فى الصباح، بناءً على التعليمات التى وردت بعد دراسة جميع الأبعاد والالتزام بالقوانين والتدرج فى آلية فض الاعتصام.
ورسمت الأجهزة الأمنية خطتها على عدة محاور، تمثلت فى توجه القوات عبر المحاور المؤدية إلى ميدان رابعة العدوية طبقاً للخطة الملقنة، وتوجيه إنذار تحذيرى عن طريق ميكروفونات لفض الاعتصام سلمياً، إلا أن المعتصمين ردوا على التحذيرات بالرفض، وقاموا بقذف الأحجار والشماريخ الحارقة.
الموجات البشرية
وذكرت المحاضر، أن جماعة الإخوان وضعت خطة لمواجهة أى تحركات من قبل أجهزة الأمن لفض الاعتصام، تحت مسمى "الموجات البشرية"، التى تعتمد على الدفع بالموجات البشرية (المعتصمون) تجاه قوات الشرطة، والبدء فى العنف والتخريب حيال المنشآت والمواطنين، وتكثيف الاعتداءات بالأسلحة النارية والأدوات، التى سلحوا بها العناصر المكلفة بالتصدى للشرطة.
ومع بدء تنفيذ خطة "الموجات البشرية" أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع للتفريق وإيقاف التعدى، ومن ثم صَعَّدَ المعتصمون عمليات الاعتداء على القوات، بإلقاء الأحجار وزجاجات المولوتوف وإطلاق الأعيرة النارية بشكل كثيف، بالتزامن مع إلقاء قيادات الجماعة خطابات التحريض عبر المنصة الرئيسية للاعتصام.
طيبة مول
وعن رد الإخوان على نداءات وتحذيرات فض الاعتصام سلمياً، يقول العميد أشرف عز العرب، وكيل مباحث القاهرة لقطاع التأمين، إنه أثناء وجوده وسط القوات، قامت عناصر مسلحة وسط المعتصمين الذين اتخذوا من منطقة طيبة مول محوراً لتمركزهم، بإلقاء الأحجار وزجاجات المولوتوف والأعيرة النارية بكثافة شديدة تجاه قوات الشرطة، ما أدى إلى مقتل أول شرطى فى الأحداث وهو النقيب شادى مجدى عبد الجواد، من إدارة العمليات الخاصة، إثر طلق نارى بالرأس.
واضطرت القوات المشتركة للرد بالقدر المناسب، وذلك لإيقاف التعدى وتنفيذ قرار النيابة العامة باستخدام طلقات الرصاص والخرطوش قبل ذلك، وتبين حدوث وفيات وإصابات ببعض المعتصمين جراء ما بدر منهم من استخدام من أسلحة الرصاص والخرطوش.
ومن جانبه قال العميد محمود فاروق، الذى حضر وقت الفض، بمنطقة شارع يوسف عباس المؤدى لميدان رابعة، إن العناصر المسلحة تحصنت خلف المتاريس التى صنعوها من الأرصفة و"الصبات" الخرسانية، وألقوا زجاجات المولوتوف تجاه قوات الأمن، ما نجم عنه حدوث إصابات بالعديد من الضباط والجنود من الشرطة، فقامت القوات بالرد المناسب، ما أسفر عن حدوث بعض الوفيات والإصابات فى جانب المعتصمين.
وأوضح العميد عبد العزيز خضر، وهو أحد قيادات مديرية أمن القاهرة، فى محضر التحريات، أنه إثر إعاقة المعتصمين عملية تنفيذ قرار الفض قتلوا 3 ضباط من العمليات الخاصة وقطاعات أخرى وهم النقيب محمد محمد جودة، بقطاع "سلامة عبد الرءوف" والذى أصيب بطلق نارى بالوجه، والنقيب محمد سمير إبراهيم، بقطاع "سلامة عبد الرءوف"، مصاباً بطلقتين ناريتين بالبطن، والنقيب أشرف محمد محمود، بقطاع "سلامة عبد الرءوف" مصابا بطلق نارى، كما استشهد المجند إبراهيم عيد، بقطاع "الشهيد كريم وجيه" بطلق نارى فى الصدر، والمجند تامر عبد الله محمد، بقطاع الأمن المركزى، وأصيب جراء ذلك بعض الضباط والجنود ونقلهم للمستشفيات للعلاج.
عمارة المنايفة
وأشار خضر، إلى أنه أشرف على قوات البحث بشارع الطيران، وكان بصحبته القوات والعميد أيمن لقية، الضابط بإدارة الأموال العامة بمباحث القاهرة، وتقدمت القوات بشارع الطيران بعد ورود معلومات عن العقار تحت الإنشاء يمين المتجه إلى ميدان رابعة العدوية، والمواجه لمحطة شهيرة تموين السيارات، المعروف وسط المعتصمين بـ"عمارة المنايفة" نظراً لتكليف إخوان المنوفية باحتلالها.
وكشف "خضر" عن تحصن عناصر من المعتصمين بعمارة المنايفة للتصدى لقوات الأمن، وبدأوا فى إلقاء عبوات المولوتوف الحارقة، بهدف إعاقة تنفيذ قرر فض الاعتصام، وإطلاق الأعيرة النارية بكثافة شديدة، الأمر الذى نجم عنه إصابة بعض ضباط الأمن المركزى والجنود، الأمر الذى دفع قوات الأمن لتبادل النيران مع العناصر المتحصنة بـ"عمارة المنايفة" المطلة على شارع الطيران، وهو المحور الرابع لخطة فض الاعتصام، حتى أمكن السيطرة عليها، وضبط من بداخلها من قبل قوات الأمن المركزى.
وتبين حدوث بعض الوفيات والإصابات، جراء مقاومة قوات الشرطة من قِبَل عناصر عمارة المنايفة، الذين حاولوا استدراج القوات داخل العقار تحت الإنشاء والقوا كميات كبيرة من زجاجات المولوتوف، وأسطوانات البوتاجاز، التى تسببت فى حدوث حرائق بالمنطقة، وأتلفت أعمدة الإنارة والأشجار وسيارات الشرطة، والمدرعات، وأتت الحرائق التى أشعلوها على محيط ميدان رابعة العدوية، وتسببت فى إتلاف المسجد واحتراق أجزاء منه وقاعات المناسبات، وجميع الطرق المحيطة، وحرق العديد من السيارات، وإتلاف مدرسة عبد العزيز جاويش.
أول محضر تحريات حول اعتصام رابعة
أقوال القيادات الأمنية عن جرائم الإخوان
كشف الضباط المصابين خلال فض الاعتصام
محضر فض رابعة
رصد استخدام عناصر الإخوان للسلاح
قائمة المجندين المصابين
حرق ميدان رابعة
بيان الأسلحة والأحراز