"نعطي الجانب التركي الوقت لإعادة النظر في موقفهم من مصر وتصويب تصريحاتهم، لاتوجد أية أسباب للعداء بين الشعبين، وليست لدينا نزاعات مذهبية أو طائفية، وإنما نتعامل بالشكل الذى يليق بمصر" بهذه الجملة، والكلمات لخص الرئيس السيسي ثوابت السياسة المصرية من النظام الحاكم في تركيا.
بعد ثلاثة أيام فقط من مصادقة البرلمان التركي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، قيل إن هناك مساع تركية للتقارب مع مصر وإعادة تطبيع العلاقات الرسمية مرة أخرى بين البلدين، بيد أن آخر تصريحات لوزارة الخارجية المصرية، فندت ذلك، وأكدت عدم وجود مبادرات دولية أو وساطات إقليمية أو دولية تستهدف ذلك .
الخارجية المصرية قالت على لسان المتحدث الرسمي باسمها أحمد أبو زيد إن السياسيات التركية تجاه مصر متناقضة ويظهر ذلك من خلال تصريحات المسؤولين الأتراك، مشددًا على أن علاقة مصر مع الشعب التركي تاريخية.
تركيا وفي إطار سياسة جديدة تنتهجها، سعت إلى تنشيط التعاون الاقتصادي مع مصر عن طريق إعادة العلاقات السياسية إلى سابق عهدها، وذلك بالتزامن مع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وروسيا، حيث أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم مؤخرًا، عدم وجود مانع لدى حكومته لتطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر، مشددًا على حاجة بلاده لتنمية تلك العلاقات، كبلدين يقعان على ضفتي المتوسط، حتى أن الرجل وضع أجندة يمكن من خلالها تطبيع هذه العلاقات، عبر إمكانية تبادل الزيارات بين المسؤولين ورجال الأعمال في البلدين، وإجراء اتصالات تتعلق بالمجال العسكري.
المساعي التركية للتقارب مع مصر، ظهرت جلية في تصرحات صحفية لوزير الجمارك والتجارة التركي "بولنت توفنكجي"، مؤكدًا سعي بلاده لتحسين العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر، والبدء برفع العقوبات من جانب القاهرة، لافتاً إلى أن تركيا تنتهج سياسة جديدة، تعتمد زيادة عدد أصدقائها وتقليل الأعداء.
القاهرة اليوم وعلى لسان المتحدث باسم خارجيتها حدد شروط عودة العلاقات مع أنقرة مرة أخرى، وهي ضرورة احترامها للإرادة المصرية المتمثلة في 30 يونيو، وعدم التدخل في الشأن المصري الداخلي واحترام القضاء المصري في إشارة ضمنية إلى اعتراض تركيا على الأحكام الصادرة ضد قيادات جماعة الإخوان، والرئيس المعزول محمد مرسي، وإعلان رفضها الكامل لهذه الأحكام، وربطت الخارجية المصرية استعداد القاهرة لتحسين العلاقات مع تركيا، برصد أية خطوة إيجابية تقوم بها أنقرة، وفق ثوابت السياسة المصرية.
محاولات تركيا للتقارب مع مصر، يبدو أنها إحدى خطط السياسة الجديدة التي باتت تنتهجها أنقر في المنطقة، حيث لم يقتصر الأمر عند حدود المصالحة مع القاهرة، إذ سلمت أنقرة، لأول مرة منذ عام 2011، بفكرة بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، وموافقتها على إجراء مباحثات مع دمشق.
محللون كثر ربطوا بين التحول المفاجئ في سياسة تركيا من الأزمة السورية إلى عودة الدفء للعلاقات مع روسيا، لتكون الأيام القليلة المقبلة شاهدة على صدق نيات أنقرة من عدم تجاه المنطقة وقضاياها.