بعد أن طالت أراضيه هجمات إرهابية دموية، تيقن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من عدم جدوى دعم الإرهاب، وتراجع عن سياساته حيال الأزمة السورية، وذلك بعد أحداث التمرد التى أوشكت على الإطاحة بحكمه، وهو ما ظهر واضحا خلال تصريحاته ورئيس وزرائه بن على يلديريم مطلع الأسبوع الجارى، وأطلقت تركيا اليوم عمليات "درع الفرات" فى شمال سوريا وحدود تركيا، لتطهيرها من الدواعش وكذلك الاتحاد الديمقراطى لأكراد سوريا.
تركيا تخشى تنامى نفوذ الأكراد
ويخشى النظام التركى من تنامى نفوذ الأكراد شمال سوريا، ويتهم الأكراد بالضلوع فى الحوادث الإرهابية داخل بلاده، لذا دخل فى مواجهة مباشرة مع حزب الاتحاد الديمقراطى لأكراد سوريا.
من جانبه حذر الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطى لأكراد سوريا صالح مسلم، أنقرة التى أطلقت اليوم الأربعاء عملية عسكرية فى شمال سوريا، من أنها "ستفقد الكثير فى المستنقع السورى"، مضيفا أن "تركيا متواجدة فى المستنقع السورى، وإنها ستصبح تائهة مثل داعش".
وتوقع السياسى الكردى بأن يتكبد الجيش التركى خسائر كبيرة فى هذه الحرب. وشدد على أن أغلبية الشعب السورى، وائتلاف قوات سوريا الديمقراطية والمجلس العسكرى لمدينة جرابلس، يرفضون التوغل التركى.
واتهم مسلم تركيا بأنها كانت تشارك فى الحرب بالوكالة فى سوريا طوال السنوات الخمس، وحاربت بأيدى مرتزقة "داعش" و"جبهة النصرة" و"السلطان مراد" وفصائل مسلحة أخرى، وشدد على أنه لا مفر من تكبد الجيش التركى خسائر كبيرة بعد تدخله مباشرة إلى النزاع السورى.
وأكد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان أن عملية "درع الفرات" فى شمال سوريا تستهدف إزالة المخاطر الناجمة عن تنظيم "داعش" وحزب "الاتحاد الديمقراطى" الكردى فى سوريا.
وقال أردوغان أثناء كلمة ألقاها فى أنقرة اليوم الأربعاء: "بدأنا فى الساعة الرابعة صباحا عملية عسكرية فى شمال سوريا بغية إزالة المخاطر الناجمة عن "داعش" وميليشيات كردية فى سوريا".
وأضاف "الحكومة التركية تعتزم وضع حد للاعتداءات على أراضيها انطلاقا من المناطق الحدودية"... "وأعد بإنهاء العملية فور إزالة الخطر"، مؤكدا على أن الشعب السورى لديه الحق فى تقرير مصيره.
دعم أمريكى للعملية التركية
من ناحية أخرى، اهتمت الصحف الأمريكية بتدخل تركيا البرى فى سوريا، وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الهجوم جاء قبل ساعات من زيارة نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن لأنقرة فى زيارة هامة هدفها تهدئة التوتر فى العلاقات بين البلدين فى أعقاب تحركات الجيش الأخيرة.
وأكدت الصحيفة أن الجيش الأمريكى مشارك بقوة فى هذه العملية، حيث قدمت قوات العمليات الخاصة الأمريكية المشورة للمقاتلات على الأرض، وقدمت الطائرات الحربية الأمريكية الدعم الجوى، بحسب ما ذكر مسئولون أمريكيون مسافرون مع بايدن.
من جانبها، قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية إن التطورات الأخيرة دفعت بمدينة "جرابلس" إلى مركز الحرب فى سوريا، ووضعت القوات الكردية المدعومة من أمريكا، والتى كانت أكثر القوى فعالية فى الحرب على داعش فى شمال سوريا، فى مواجهة مع تركيا حول السيطرة على المدينة.
وتعد المدينة خط إمداد حيوى، وآخر النقاط الحدودية التى تربط مقاتلى داعش مباشرة بتركيا والعالم الخارجى، وتفصل المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد فى شمالى سوريا.
وتقع المدينة على بعد 20 ميلا تقريبا من بلدة مانبيج التى تم تحريرها من داعش فى وقت سابق هذا الشهر على يد القواد الكردية. وسيكون استعادة جرابلس ومدينة الباب التى يسيطر عليها داعش أيضا جنوبا خطوة هامة نحو ربط المناطق الحدودية الواقعة تحت سيطرة الأكراد شرق وغرب نهر الفرات.
وقالت الإندبندنت إن تركيا تخشى تنامى قوة القوات الكردية السورية المدعومة أمريكيا، التى تربط بينها وبين الأكراد فى جنوب شرق تركيا.
وزير الداخلية التركى: العملية حق مشروع لنا
ودافع وزير الداخلية التركية "إفكان ألا" عن العملية، وقال إنها أكثر الحقوق المشروعة لبلاده. وأضاف الوزير فى تصريحات لوكالة الأناضول التركية أن عملية "درع الفرات" التى بدأت صباح اليوم الأربعاء هدفها تعزيز الأمن على الحدود الجنوبية للبلاد.
من جانبها، قالت صحيفة "الجارديان" إن الحملة الأخيرة لتركيا هى تطور يسلط الضوء على التعقيدات والمخاطر التى تنطوى عليها الحرب فى سوريا، والتى جذبت قوى المنطقة، وأدت إلى إعادة تشكيل التحالفات التى كانت قائمة منذ فترة طويلة فى المنطقة. وفى حين أن هزيمة داعش كان دائما "الهوس الأمريكى" فى سوريا، فإن تركيا كانت ترى أن رحيل الأسد شرط ضرورى لمحادثات السلام، وترفض فكرة دويلة كردية على حدودها.
وفى نفس السياق، حذرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية من أن استراتيجية الهجوم التركية يمكن أن تفاقم التوترات السياسية فى المنطقة، حتى لو نجحت فى إخراج داعش من جرابلس.
وقالت إن نجاح العملية التركية سيؤدى إلى مواجهة فوضوية بين حكومة أنقرة والأكراد المدعومين من الولايات المتحدة.
وكان رئيس الوزراء التركى بن على يالدريم صرح يوم الإثنين الماضى، بأنه من الأهمية الحيوية فتح صفحة جديدة فى سوريا بنموذج يضم تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة ودول الخليج.