من حقك أن ترى الحديث عن المحاولات الغربية لتركيع مصر نوعًا من نظرية المؤامرة التى لا يقبلها العقل والمنطق، ولك أن تعتبر أوروبا هى حامى مصر التى ما كان لها أن تبقى واقفة على قدميها، إلا بالدعم الأمريكى الأوروبى.. من حقك أن ترى كل ذلك وأكثر، لكن من حقى أيضًا أن أضع أمامك الحقائق كلها، وبعدها تفكر فيما يحدث، ومن فينا على صواب، ومن على خطأ.
حينما تخرج مجلة «الإيكونوميست» الاقتصادية البريطانية عن حيادها المعروف عنها، وتستبدل به هجمة شرسة على مصر تحت عنوان «خراب مصر»، ألا يعتبر ذلك محاولة لتركيع مصر، والهدف واضح، هو القول بأن مصر أصبحت دولة خراب، لا لشىء إلا لأنها خرجت من نطاق التبعية الغربية التى أرادت لمصر أن تبقى تحت حكم الإخوان، الموالين للغرب، والمؤتمرين بأوامرهم، فحينما رأى الإعلام الغربى أن مصر بدأت تنهض اقتصاديًا بعد الضربات القوية المتتالية التى تلقتها فى أعقاب سقوط الطائرة الروسية، استغلت بعض العواصم الغربية هذا الحادث لمعاقبة المصريين بحرمان مصر من مصدر دخل مهم ورئيسى لها، وهو السياحة، بعد الترويج لشعار خطير جدًا، هو أن مصر غير آمنة، رغم أن حادث الطائرة لا يقاس بما حدث فى فرنسا وبلجيكا وتركيا، وغيرها من العواصم الغربية التى تعرضت لهجمات إرهابية متتالية، لكن لم يتم التعامل معها مثلما تعامل الغرب مع مصر.
حينما ترفض دول أوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، إجراء تحويلات بنكية إلى مصر دون إبداء أسباب واضحة، فهل تعتبر مثل هذا الإجراء بريئًا، أم أن هناك هدفًا خفيًا، هو أن يختنق الوضع الاقتصادى فى مصر، وتعانى السوق المصرية من نقص فى العملات الأجنبية، بما يؤثر على الوضع الاقتصادى وسوق العملة فى مصر؟
حينما يطالب الغرب من مصر اتباع إجراءات اقتصادية تتناسب مع الأوضاع التى تعيشها مصر حاليًا، ومن بينها تقليل فاتورة الدعم، وتعويم الجنية مقابل الدولار، وبعدما تبدأ مصر فى هذه الإجراءات لقناعة داخلية بأهمية ولوج هذا الطريق لإعادة الاعتبار مرة أخرى للوضع الاقتصادى، فنفاجأ بضربات إعلامية وسياسية ممن نصحونا بهذه الإجراءات، لكنهم اليوم يحاولون تأليب المصريين على هذه الإجراءات الضرورية والمهمة بالنسبة لنا، وتصويرها للمصريين على أنها بداية لانهيار مصر اقتصاديًا، بالإضافة إلى حملات مأجورة من سياسيين وإعلاميين وحقوقيين تحركهم أذرع خارجية، تحاول إثارة المصريين على هذه القرارات.. ألا تعتبر هذه الازدواجية مؤشرًا على أن هناك من يريد تركيعنا؟
حينما تستضيف مؤسسات إعلامية غربية- المفترض فيها أنها حيادية- شخصيات معادية للنظام فى مصر، وتمنحها الوقت الكافى للهجوم على الدولة المصرية، وبث الفتن بين مصر وأشقائها العرب.. ألا يعد ذلك من قبيل ضرب مصر بيد حفنة من أبنائها ارتضوا بالقليل من الدولارات ليكونوا شوكة فى خصر مصر، تحت شعار الديمقراطية والمعارضة السياسية، وغيرهما من الشعارات التى ندرك حقيقتها؟
أمامك أمثلة كثيرة تستطيع أن تكتشف من خلالها حجم ما تتعرض له الدولة المصرية من محاولات تضييق خارجية، والسبب واضح، هو معاقبة مصر، لأنها أفشلت التغيرات الجيوسياسية التى أراد الغرب تطبيقها فى المنطقة، لكن جاءت 30 يونيو لتُفشل هذا المخطط، فلم يجد الغرب من وسيلة أمامه سوى الحصار الاقتصادى، خاصة مع إدراكه حجم الخطط الاستثمارية التى يعول عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى لبناء مصر الحديثة، وتعويض المصريين عما عانوه طيلة السنوات الماضية، فأراد الغرب ضرب «السيسى» بالحصار الاقتصادى لمعاقبته أولًا، ولتركيع مصر.