قالت صحيفة تيرا الإسبانية فى تقرير لها نشرته على صفحاتها الإلكترونية إن الولادة المتعثرة لحكومة الوفاق الليبى والمستندة إلى بيان موقع من أغلبية نواب البرلمان المعترف به دوليا بعد الفشل فى حيازة الثقة عبر التصويت، تعمق الانقسام وتزيد المشهدين السياسى والامنى تعقيدا.
وأوضحت الصحيفة أنه كان من المفروض أن تحظى هذه الحكومة على الإجماع الذى يسفر عن انفرادها بممارسة السلطة ، ولكن الأوضاع المعقدة فى البلاد، وضعت ليبيا تحت عبء 3 حكومات ، اثنتين منها فى طرابلس والثالثة فى بنغازى، وكل واحدة منها تدعى أن لها الشرعية فى الحكم، وهو ما يؤجج الأزمة السياسية فى البلاد، ويجعلها فى حالة عدم استقرار دائم.
والحكومات الثلاث التى تتنازع السلطة فى ليبيا هى:
1- حكومة بنغازى وهى الأقرب واقعيا للشرعية لأنها نتاج انتخابات برلمانية تمت بإشراف ورقابة دولية، لكن الغرب لم يؤيدها سوى بتأييد شكلى.
2- حكومة طرابلس وهى غير شرعية نصبت نفسها عنوة بالقوة المسلحة بعد أن فقد الإخوان المسلمون التأييد الشعبى رسميا فى الانتخابات العامة، وساعدها على ذلك تأييد مليشيات تنظيمات مسلحة وعدم اتخاذ الغرب أى إجراءات عقابية ضدها، لأنه يبحث لها عن موطئ قدم للإخوان فى السلطة بأى وسيلة.
3- حكومة الوفاق الوطنى التى تم الاتفاق عليها برعاية أممية فى الصخيرات والتى يدعمها الغرب دعما كاملا وتحظى بموافقة دول الجوار أملا فى نجاح مهمتها، ومن أجل منحها الثقة إزاء واقع داخلى قائم على تبادل الاتهامات بين أطراف رافضة للحكومة وبين هذه الأطراف وبعضها.
وأكدت الصحيفة أن الجيش الليبى ويتخذ من بنغازى مقرا له، هو القوة النظامية الوحيدة فى البلاد التى يمكن أن يطلق عليها وصف قوات مسلحة بما يتوفر له من هيكل تنظيمى تتعدد فيه الأفرع والأسلحة، ويخضع أفراده لترتيبة عسكرية منضبطة ويحظى بقبول شعبى واعتراف من أغلب دول الجوار، ويتصف بأنه جيش وطنى يقتصر عمله حاليا على التصدى للعناصر الإرهابية على تنوعها ويعمل على تثبيت أركان الدولة الليبية ويقوده الفريق خليفة حفتر، أحد أكفأ ضباط الجيش قبل أن ينفيه القذافى.
وأوضحت الصحيفة أن المشهد الليبى السياسى فى حد ذته ملئ بالتحديات خاصة فى ظل انتشار تنظيم داعش فى البلاد، وتجاهل الغرب لما يحدث فى الداخل، وما يزيد الأوضاع سوءا وتعقيدا هو زيادة عدد أفراده من العناصر الليبية المتطرفة والأجانب.
ويرى الخبير فى الشئون الليبية فى معهد المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية ماتييا توالدو ان "السؤال الاهم" يتمحور حول مدى قدرة هذه الحكومة على العمل بشكل فعال فى ظل تواجد حكومتين منافستين فى ليبيا، معتبرا أن الحكومة "ستحتاج إلى التعاون من قبل عدة لاعبين ليبيين، فيما ان شرعيتها السياسية والقانونية ستبقى منقوصة ما لم يحدث تصويت فى مجلس النواب".
وهناك عدة تحديات على ليبيا أن تجتازها عبر بعض الحلول ، منها أهمية وقف إطلاق النار فى الدولة الليبية وجمع السلاح من أيدى المليشيات واقتصاره على الجيش والشرطة فقط، وبناء توافق سياسى بين القوى المتناحرة ، وإصلاح الوضع الاقتصادى ،الذى تدهور فى ظل نقص حاد للنفط المصدر، وإعادة النازحين الذين اضطروا لترك بيوتهم إلى داخل وخارج ليبيا بسبب الصراع الدائر مع داعش وغيرها.
وأضافت الصحيفة أنه فى حال فشل المجتمع الدولى فى منح حكومة الوفاق مفاتيح السيطرة على الأموال الليبية وعلى قوات عسكرية ، فإن حكومة الوفاق ستكون الأضعف بين السلطات الثلاث، مشيرة إلى أن القلق الأكبر لدى الغرب يستند إلى المصالحة الأمنية فى ظل أزمة اللاجئين.