تندلع من وقت لآخر حرب شديدة الضراوة على الزراعة المصرية ، بهدف وقف أو تعطيل تصدير منتجاتنا لأوربا وأمريكا ودول آسيوية، بحجج ومبررات واهية ، وسريعا ما تختفى هذه المبررات كما بدأت ، ومن هذه الحجج أن البطاطس المصرية مصابة بالعفن البُنّى ، وتارة أخرى أن "الحِلبة" المصرية تتسبب فى التسمم ببكتيريا "إى ـ كولاى" ، وثالثة تتهم الفراولة المصرية بأنها تصيب بالالتهاب الكبدى الفيروسىA ، ومن ضمن هذه المبررات أيضا،غش القطن المصرى فى الخارج ، وبيعه على أنه قطن طويل التيلة ،فى حين أنه قطن هندى ، هذه الحرب على الزراعة المصرية فى الخارج ، رغم أنها بلا أسلحة ولا جنود ، إلاّ إنها حرب لتكسير عظام الاقتصاد المصرى ، وحرمانه من مورد هام وضرورى ، من موارد جلب العملات الصعبة ، لخزانة الدولة ، ودعم ميزان المدفوعات المصرى .
الحِلبة المصرية براءة بعد فوات الأوان
فى عام 2009 ، قرر الاتحاد الأوروبي فجأة وبدون مقدمات ، سحب بذور الحلبة المستوردة من مصر من أسواقه ، وفرض حظرا على استيراد أى شحنات جديدة، بعد الاشتباه في صلتها بالإصابة ببكتيريا "إى كولاى".
كانت الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية ، قد أعلنت فى تقرير نشرته ، أن شحنة من بذور الحلبة المستوردة من مصر تعتبر "الصلة الأكثر احتمالا" بين حالات التسمم ببكتيريا "إى ـ كولاى" في ألمانيا وفرنسا، وطلبت الوكالة من المفوضية الأوروبية اتخاذ التدابير الضرورية للحيلولة دون وقوع حالات عدوى جديدة، وكان وزن تلك الشحنة المشتبه فيها ، فى ذلك الوقت حوالى 15 طنا، استوردتها ألمانيا ثم وزعتها على دول أخرى خاصة فرنسا.
وأشارت الوكالة الأوروبية فى تقرير لها أن "شحنات أخرى مستوردة من مصر فى الفترة من 2009-2010 قد يشتبه فيها أيضا، فيما تواصلت التحقيقات حينها حول مسارات لتنقل الحبوب".
وكانت الوكالة الأوروبية لسلامة الأغذية ، قد تكهنت في بيان صدر عنها فى 29 يوليو 2009 عن احتمال كون مصر مصدر الإصابة، إلا أن وزارة الزراعة المصرية فى ذلك الوقت ،استبعدت مسؤولية بذور نبتة الحلبة المستوردة من مصر عن انتشار بكتيريا "إى كولاى".
المهم فى نهاية الأمر ، حصلت الحلبة المصرية على البراءة من هذا الاتهام الخطير ، بعد أن تم تشويه سمعة المنتجات الزراعية المصرية فى العالم لصالح منتجات دول أخرى منافسة لنا .
حدوتة البطاطس المكررة
البطاطس المصرية التى يتم تصديرها للخارج حكايتها أغرب من الخيال ، لماذا؟؟
لأن الدول التى تستورد البطاطس من مصر ، وخاصة دول الاتحاد الأوربى ، وروسيا، شاركت فى إنشاء مركز علمى مصرى متخصص فى مقاومة المرض يسمى ( مشروع العفن البُنّى فى البطاطس) ، ضمن المعاهد العلمية التابعة لمركز البحوث الزراعية بوزارة الزراعة، ودعمته وتعتمد عليه فى مقاومة هذا المرض فى البطاطس، كما تقوم تلك الدول باختيار المحافظات والمدن والقرى التى تزرع البطاطس المصدرة لها، وتحدد تلك الدول الأوربية أحواضا ومساحات معينة بترقيم وعلامات وإشارات لايجوز زراعة البطاطس فى غيرها، ليس هذا فقط ، بل هناك محطات معتمدة لفرز البطاطس لايجوز التصدير إلاّ منها ، ويتم الفرز بإشراف مسئولين من هذه الدول المستوردة ، ومع كل هذه الرقابة والشروط الصارمة ، تثار من وقت لآخر أزمة الشحنات المصابة بالعفن البُنّى ، وترد وزارة الزراعة على هذه الاتهامات فى حينها ، ومع ذلك تظل الأزمة متكررة .
الفراولة وفيروس A الكبدى
فى يوم الأحد 21 أغسطس الحالى ، أعلنت "الصحة" بولاية فيرجينيا الأمريكية، عن تعرض عدد من الحالات للإصابة بالتهاب الكبد الوبائي A، بعد تناولهم لعصير من سلسلة محلات شهيرة هناك ، وقالت الصحة إن العصير مصنوع من فاكهة الفراولة المستوردة من مصر.
وقال بيان وزارة الصحة ، إن الحالات المصابة تناولت العصير في بداية أغسطس الحالى، ويتلقون الآن العلاج المناعي، للوقاية من التهاب الكبد A، حيث يتمكن هذا العلاج من السيطرة على المرض بعد أسبوعين من ظهور الأعراض.
وتنتج مصر حوالى 300 ألف طن فراولة سنويا ، يتم تصدير حوالى 46 ألف طن منها للخارج ، وأكد أحد مصدرى الفراولة، أن أسباب الحرب الأمريكية على المحصول المصري ترجع لزيادة نسبة تصديره إلى 60% من الإنتاج السنوى، وأشار هذا المزارع إلى إن السبب الحقيقي وراء هذه الحرب على المحصول المصري لضرب الاقتصاد ، وفجر هذا المزارع مفاجأة ، عندما قال أن الفراولة مازالت موجودة بالثلاجات ولم يتم تصديرها حتى الآن، كما يمكن التأكد من أنها تصيب الإنسان بالالتهاب الكبدى من عدمه بتحليلها.
وكان الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، قد قام وقتها بتشكيل لجنة برئاسة الدكتور حسين الحناوي رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية لكشف حقيقة شحنة الفراولة المجمدة التى اتهمت بالتسبب فى نقل فيروس "أ" لمواطنين أمريكيين.
وأكد المهندس عبد الحميد الدمرداش، وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، ورئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، أن الولايات المتحدة الأمريكية لم توجة اتهامًا رسميًا حتى الآن، بإصابة الفراولة المصرية بفيروس الكبدى الوبائى «أ» لعدد من المواطنين الأمريكيين فى ولاية فرجينيا.
النصب باسم القطن المصرى طويل التيلة
وحتى تكتمل المؤامرة الدنيئة على الزراعة المصرية ، بثت وكالة "رويترز" ، منذ أيام تقريرا ، نقلته عن صحيفة "وول استريت جورنال" الأمريكية يرصد ما أسمته الصحيفة بفضيحة تصدير شركة هندية لأقطان إلى الولايات المتحدة تحت اسم العلامة التجارية "قطن مصرى".
وأضافت رويترز فى تقريرها، إن تراجع إنتاج القطن المصرى ، بما له من سمعة عالمية جيدة وعالية، دفع الشركات العالمية، ومن بينها شركة "ويلس بون إنديا" الهندية لخلط القليل منه بأنواع أخرى أقل جودة دون الإفصاح عن ذلك أو تزوير العلامة التجارية له.
وتابع التقرير أن شركة "ويلس بون إنديا" فقدت حوالى 42% من القيمة السوقية لها في 3 أيام فقط من إعلان شركة "تارجت كورب" الأمريكية أنها تضررت بشدة من توريدات الشركة الهندية واتهمتها بالتلاعب وتوريد قطن رخيص الثمن بزعم أنه قطن مصري.
وقالت رويترز إن القطن المصري طويل التيلة هو أجود أنواع الأقطان في العالم ، و ينتج أجود صناعات الغزل والنسيج.
وشددت رويترز على أنه على الرغم من أن أمريكا وأستراليا ينتجان كميات أكبر من قطن أجود من القطن المصرى، إلا أن المصرى يمتاز بسمعة عالمية طيبة، فضلاً عن الخبرة المصرية في زراعته التى تمتد عبر التاريخ.
يذكر أن زراعة القطن في مصر تدهورت في العقود الأخيرة لأسباب عديدة ، علاوة على استبدال المزارعين لزراعة الأرز مكان القطن, حيث تنتج مصر 160 ألف قنطار فقط هذا العام ، بعدما كانت تنتج 1.4 مليون قنطار عامي 2004/2005 .
من جانبها أعلنت جمعية القطن المصرى، أنها على علم بقيام العديد من الشركات حول العالم بتزوير العلامة التجارية لها، وقال محمد شومان مدير الجمعية :" إنه أختبر منتجات تحمل العلامة التجارية "قطن مصرى" ووجد أن حوالى 90% منها لا تحتوى على قطن مصرى.
طفرة إنتاجية وتصديرية عالية
من ناحيتها ، أصدرت وزارة الزراعة تقريرا ، يوضح أن إجمالى الصادرات من المنتجات الزراعية فى الخضر والفاكهة ، بلغت 1.7 مليون و 12ألف طن، منذ بداية الموسم الحالى وحتى هذه اللحظة ، وشمل التقرير تصدير 250 ألف و 315 طن بطاطس ،و 915 ألف و712طن موالح،بالإضافة إلى تصدير 40 ألف و341 طن فراولة، وتصدير 505 ألف و320 طن بصل ، منها 23 ألف و966 طن للهند، بخلاف كميات كبيرة من الخضروات، ويؤكد أن تصدير المنتجات الزراعية المصرية إلى الأسواق الخارجية مازالت تتدفق بشكلها الطبيعى لدول التصدير وتطبق عليها جميع الإجراءات المحجرية المصرية.