حصل "انفراد" على تفاصيل تقريرى هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا بشأن الطعنين على دستورية المواد (8 و10 و7 و19) من قانون التظاهر.
وتضمن التقرير الأول توصية برفض الطعن رقم 160 لسنة 36 قضائية دستورية بعدم دستورية المادتين (8 و10) فيما تضمناه من استلزام الإخطار قبل تنظيم المظاهرة، ومنعها من خلال سلطة وزير الداخلية فى إصدار قرار مسبب بمنع المظاهرة أو إرجائها إذا ما تيقن بوجود خطر يهدد الأمن والسلم العام.
وقال تقرير هيئة المفوضين فيما يتعلق بالمادتين (8 و10)، حيث أوصى بدستوريتهما استنادا للمواد ( 1، 4، 5، 15، 53، 65، 73، 85، 87، 156، 190، 192، و206 ) من الدستور.
وعرض التقرير رأيين فى شأن دستورية المادة 10، حيث انتهى فى الرأى الأول إلى عدم دستورية هذا النص فيما تضمنه من إيلاء سلطة منع التظاهرة لجهة الشرطة استنادًا لجملة من الحجج والأسانيد أبرزها أن المشرع خول للشرطة الحق فى منع التظاهرة بناءً على "معلومات جدية ودلائل" وهو ما يتوقف فى النهاية على التحريات التى تجريها الأجهزة الأمنية، ومن ثم فقد تكون هذه التحريات غير صحيحة أو غير جدية أو مغرضة، فضلاً عن أنه لا يوجد معقب على تحريات الأجهزة الأمنية وهو ما يعصف فى النهاية بالحق فى التظاهر السلمى.
أما الرأى الثانى إلى دستورية المادة العاشرة، استنادًا إلى أن الدستور أناط بالسلطة التنفيذية والحكومة المحافظة على أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة، وأنه إذا ارتأت وزارة الداخلية أن ثمة معلومات جدية ودلائل على وجود ما يهدد الأمن والسلم العام نتيجة التظاهر فلها أن تمنعها، وعلى من يعترض على ذلك اللجوء إلى اختصام قرارها بالمنع أمام القاضى المختص.
ولكن انتهى التقرير إلى التوصية بدستورية المادتين (8 و10)، لكونهما لم يتعرضا للحق فى الإضراب السلمى المنصوص عليه فى المادة 15 من الدستور، ولم يحولا بين كل مواطن وحقه فى مخاطبة السلطات العامة كتابةً وبتوقيعه المنصوص عليه فى المادة 85 من الدستور، فضلاً عن أن تقيد حق التظاهر بالإخطار لا يعد تقييدًا للحرية.
وأشار التقرير إلى أن انحياز المشرع الدستورى لنظام الإخطار قبل تنظيم المظاهرة لم يرق إلى حد ممارسته بالإخطار المجرد الذى لا يقابله أى سلطة تقديرية للمشرع العادى فى تنظيم هذا الحق وتنظيم الإخطار الذى يمارس بموجبه وذلك استنادًا إلى ما عكسته المناقشات المعمقة لنص المادة 73 من الدستور فى لجنتى الخبراء العشرة والخمسين، والتى دارت فى شق منها حول أسلوب ممارسة الحق فى التظاهر السلمى (بمجرد الإخطار، أم بإخطار ينظمه القانون) فانحاز واضعو الدستور فى النهاية إلى ممارسة هذا الحق بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون.
وأضاف التقرير إلى أنه قد تم العدول عن لفظة «بمجرد» التى وردت فى الصياغات الأولى التى كانت مطروحة فى مناقشات لجنتى الخبراء والخمسين، وهو ما يقطع بأن الإخطار والحق ذاته خاضع للتنظيم فى إطار سلطة المشرع فى تنظيمه للحقوق والحريات العامة.
وتابع التقرير، أن تلك المناقشات أكدت أهمية عدم التعارض بين ممارسة الحق فى التظاهر السلمى وسير المرافق العامة واحترام الحقوق والحريات المقررة للمواطنين، ما يقطع بأن المشرع الدستورى أراد أن يكون حق المواطنين فى تنظيم المظاهرات السلمية "بناء على إخطار ينظمه القانون" وليس بأن يمارس هذا الحق "بالإخطار المجرد"، ما يكرس نطاقًا أوسع من السلطة التقديرية للمشرع فى تنظيم ممارسة ذلك الحق وفقًا لهذا الأسلوب.
وفيما يتعلق بالتقرير الثانى فى الدعوى رقم 134 لسنة 36 دستورية، أوصى التقرير بعدم دستورية المادتين (7 و19) من ذات القانون فيما تضمنتاه من تجريم المشاركة فى تظاهرة أخلت بالأمن أو عطلت مصالح المواطنين أو حركة المرور، ومعاقبة كل من خالف ذلك بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه.
وقالت هيئة المفوضين فى تقريرها، إن المادة 7 والتى تنص على: "يحظر على المشاركين فى الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه أو تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم أو التأثير على سير العدالة، أو المرافق العامة أو قطع الطرق أو المواصلات أو النقل البرى أو المائى أو الجوى أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو تعريضها للخطر"، تندرج ضمن المواد العقابية، وأن المشرع حظر فيها التظاهر فى حالة الإخلال بالأمن أو النظام العام وهى عبارات مطاطة لا يجب أن توضع فى النصوص العقابية، فضلاً عن أن المبادئ الدستورية استقرت أن المواد العقابية يجب أن تكون واضحة ولا لبس فيها.
وأضاف التقرير أن المواد العقابية لا يجب أن تكون شراكًا أو شباكًا يتصيد المشرع باتساعها أو بإخفائها من يخطئون مواطئهم، موضحًا أن النصوص العقابية لابد وأن تكون محددة ويقينية لا لبس فيها، مشيرًا إلى أن أى جريمة يعاقب عليها القانون لابد لها من توافر ركنين أساسين هما الركن المادى والركن المعنوى، وأن استخدام عبارات مطاطة مثل "الإخلال بالأمن أو النظام العام" هى جرائم لا يتوافر لها ركن مادى.
وأضاف تقرير هيئة المفوضين حول المادة 19 من القانون، والتى تنص على: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين، وبالغرامة التى لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر المنصوص عليه فى المادة السابعة من هذا القانون"، أنه لا يوجد تناسب بين العقوبة التى قررتها المادة وبين الأخطاء التى يرتكبها الشخص الواردة فى المادة السابعة.