الهيئة العامة للتعمير واستصلاح الأراضى ، أو الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية، أو الهيئة الزراعية، أو هيئة التعمير والتنمية الزراعية ، كل هذه مسميات لهيئة واحدة ، وهى أشهر من النار على العلم فى وزارة الزراعة ، وفى الهيئات والمؤسسات المصرية، وهى الذراع التنفيذى لوزارة الزراعة فى الصحراء ، و الجهة المسئولة عن وضع خطط وسياسات التنمية الزراعية فى مصر صحراويا ، ويعرض المدير التنفيذى للهيئة هذه الخطط على وزير الزراعة الذى يعرضها بدوره على مجلس الوزراء للبت فى شأنها.
مولد الهيئة وأهدافها قديما وحديثا
بداية مولد هذه الهيئة ، كانت بالقرار الجمهورى رقم 269 لسنة 1975 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، و شمل القرار ضم جميع المؤسسات العاملة في الزراعة والأنشطة الزراعية في هيئة واحدة لتكون محلولة لرأب الصدع وتقليل الفجوة بين متخذى القرارات المتعلقة بالزراعة، وقد تضمن القرار الجمهورى اختصاصات عمل الهيئة، وهى رسم السياسة العامة لاستصلاح الأراضي الصحراوية واستغلالها وتعميرها ، وإجراء الدراسات الفنية والاقتصادية لاستصلاح الأراضي والمشروعات الزراعية ومشروعات الإنتاج الحيواني والتصنيع الزراعي وتقرير صلاحية هذه المشروعات وتجهيزها وإعداد مواصفتها، والاشتراك والتنسيق مع أجهزة الدولة المختصة في تخطيط وتصميم المرافق العامة والخدمات الخاصة بالأراضي المستصلحة، بوجه خاص، وكذلك مشروعات الري والصرف، والشبكات الكهربائية، ومشروعات مياه الشرب والطرق ،وحصر الطاقات الانتاجية في مجال الزراعة واستصلاح الأراضي والتصرف في إمكانياتها، ورسم سياسة استغلالها إلي أقصي درجة ممكنة، والتحقق من ذلك قبل إضافة طاقات جديدة.
الاستعانة بأهل الخبرة من المصريين والأجانب
من صميم عمل الهيئة أيضا ، حصر وتصنيف الأراضي البور والصحراوية القابلة للاستصلاح، والمترتبة علي مياه النيل، ومياه الآبار الجوفية ومياه السيول والأمطار وإمكانية البحث عن مصادرتنمية الموارد المائية في الصحارى المصرية، مع بحث إمكانيات الخزان الجوفي وتقدير سعته، ووضع الأسلوب الأمثل لاستغلاله،إلى جانب إجراء الدراسات حول استخدام الآلات ومعدات استصلاح الأراضي والحفر، لاختيار الأنسب منها، وإعداد الخرائط والبرامج اللازمة لتوفيره والتدريب عليها، والتنسيق بين جهات التدريب المختلفة، وتنسيق التعاون مع الجهات الأجنبية، والهيئات الدولية فيما يتعلق بخطط الزراعة واستصلاح الأراضي والإنتاج الحيواني والتصنيع الزراعي والاستفادة من الخبرة الأجنبية في نطاق اتفاقيات التعاون التقني والاقتصادي مع الدول الأجنبية، ومتابعة تنفيذ هذه الاتفاقيات بما لا يتعارض مع اختصاصات الأجهزة الأخرى، أيضا من اختصاصات الهيئة وضع سياسة الاستعانة بالخبراء الأجانب في مجال الزراعة واستصلاح الأراضي وبحوث المياه الجوفية والإنتاج الحيواني، والتصنيع الزراعي، والميكنة الزراعية، والتدريب، بما لا يتعارض مع اختصاصات الأجهزة الأخرى، وكذلك تقديم المشورة والخبرة الفنية إلي الدول العربية والهيئات الأجنبية، وللهيئة في سبيل تحقيق أهدافها وأغراضها الاستعانة بأهل الخبرة، مصريين وأجانب في جميع المجالات التي تدخل في اختصاصها ،وتستمد الهيئة سلطاتها من القانون رقم 143 لسنة 1981في شأن الأراضي الصحراوية وكيفية استغلالها.
الهيئة سجنت ثلاثة وزراء زراعة..وحاكمت 4 روؤساء مجالس إدارة
يُطلق المحررون الزراعيون ،والمهتمون بالشأن الزراعى عموما على هذه الهيئة أسماء وألقاب عديدة منها "عش الدبابير" و"الثكنة العسكرية" و"مقبرة الوزراء" ، و "الدجاجة التى تبيض ذهبا" للعاملين فيها ،و "وكر الفساد" وذلك لتسببها فى سجن ثلاثة وزراء خلال عشر سنوات تقريبا، وهم الدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق ، ورجل الأعمال حسين سالم وآخرين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أرض محمية جزيرة البياضية " والتى تبلغ مساحتها 36 فدانًا، وتم بيعها لرجل الأعمال حسين سالم بسعر زهيد، وهو الأمر الذى أضاع على خزانة الدولة ما يزيد على 700 مليون جنيه من المال العام وقتها، كان من الأمور الغريبة فى قضايا الأراضى ، أن الدكتور يوسف والى ظل يُحاكم لحوالى ثلاث سنوات بسببها ، بينما أفلت صديقه الحميم وكاتم أسراره طوال عمله بالوزارة ، الدكتور علاء بندق أشهر وكيل وزارة زراعة فى مصر فى فترة توهج "والى" ، والذى كانت أقدامه على بُعد أمتار من السجن ،فى قضية فساد الأراضى الشهيرة مع أحد محافظى الجيزة السابقين.
كما تسببت الهيئة وأراضيها فى سجن أمين أباظة فى قضية بيع الأراضى لرجل الأعمال عمرو منسى، نجل عضو مجلس الشعب الأسبق أحمد منسى أمين الفلاحين فى الحزب الوطنى المنحل ، فى القضية رقم 3793 ، ثم سجن الدكتور صلاح هلال فى قضايا تلقى رشوة من رجل الأعمال أيمن رفعت الجميل ،نجل اللواء رفعت الجميل عضو مجلس الشعب الأسبق عن محافظة دمياط لسنوات ، والقيادى السابق فى الحزب الوطنى المنحل ، وكانت وقائع القضية تتلخص فى تسهيل استيلاء "الجميل"على أراضى مملوكة للدولة.
مشاكل وقضايا الأراضى الصحراوية ، كانت أيضا الطريق الممهد بالحرير ، لدخول أكثر من أربعة روؤساء من مجالس إدارات الهيئة للمحاكم والنيابات ، وكذلك وقوعهم فى مرمى نيران أقرب الناس إليهم ، وهم زملاؤهم فى رئاسة الهيئة نفسها ، وذلك عندما فتح اللواء إبراهيم العجمى المدير التنفيذى لهيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية الأسبق عام 2010 ، نيران مدفعيته الثقيلة على المهندسين محمود عبدالبر، ومحمود أبو سديرة وأيمن المعداوى، روؤساء الهيئة السابقين واللاحقين بسبب ملفات بيع الأراضى ، الزج بعدد من موظفى الهيئة فى السجن ، لم يقتصر على وزراء الزراعة ولا روؤساء الهيئة فقط ، بل تمت محاكمة أكثر من 50 موظفا ، حُكم على عدد منهم بالسجن ، وحصل آخرون على البراءة.
الهيئة تصارع الموت نتيجة تفاقم ديونها لـ 33 مليار جنيه
هذه الهيئة أو هذا الغول الذى يضع يده على أراضى المحروسة صحراويا، ماهو إلاّ بطل من ورق بحسابات السوق ــ كما يقولون ــ نتيجة للمشروعات الفاشلة التى أقدم عليها المسئولون طوال 30 إلى 40 عاما ، وكذلك الفساد المستشرى فى الهيئة طوال عشرات السنين ، ومن الأسباب التى تعجل بوفاة الهيئة أيضا ــ فى الوقت الحالى ــ سحب اختصاصاتها العديدة من آن لآخر، حتى أصبحت مهددة من بنك الاستثمار القومى ، بعد أن تجاوزت الديون المتراكمة على هذا الكيان المريض ، حوالى 33 مليار جنيه، وهذه المديونيات عبارة عن قروض كانت قد حصلت عليها الهيئة لتنفيذ عدد من المشروعات القومية، التى تعثر بعضها، وهو الأمر الذى أدى لتأخير حصول الهيئة على مستحقاتها ، بينما كان المسمار الأخير فى نعش الهيئة ، والذى سيقضى عليها نهائيا بعد سحب اختصاصها لصالح "شركة الريف المصرى" المنفذ الرئيسى لـ "مشروع المليون ونصف المليون فدان" وكذلك استحداث لجنة استرداد الأراضى التى يترأسها المهندس إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والاستراتيجية ، وهذا المشروع واللجنة أصبحا اللاعب الرئيسى فى ملف الأراضى الصحراوية.