يعلل شيوخ التيار السلفى لقواعدهم، مشاركتهم أو عدم مشاركتهم فى العمل السياسى، بما يسمونه "جدوى المشاركة" بمعنى أنه إذا كانت المشاركة لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا قيمة لها، فلا داعى منها، وهذا كان هو الوضع القائم قبل ثورة 25 يناير التى اطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، أما إذا كانت المشاركة، لها تأثير ويمكن من خلالها فرض آرائهم، فقرروا المشاركة بكل ما أوتوا من قوة، وهذا ما تم بعد ثورة 25 يناير، لكن بعد سقوط الإخوان وتغير خريطة المشهد السياسى فى مصر وتقلص تيار الإسلام السياسى، عادت "ريمة لعاداتها القديمة" وأصبح رأى حزب النور الممثل للتيار السلفى فى مصر هو والعدم سواء، حيث لا يكون لا أى تأثير أو صدى أو قيمة سياسية.
وقد تجلى ضعف حزب النور السلفى، خلال الأيام القليلة الماضية تحت قبة البرلمان فى موقفين هامين، الأول عندما أعلن رفضه لقانون بناء وترميم الكنائس، وقد مرره مجلس النواب القانون بأغلبية كاسحة، الأمر الذى يعنى أن موقف حزب النور لم يغير من الوضع أى شىء وليس له أى قيمة، أما الموقف الثانى، عندما أعلن رفضه لقانون ختان الإناث وهو الرفض الذى لم يحدث أى صدى، حيث وافق مجلس النواب على القانون.
كل ما سبق يطرح تساؤلات كثيرة أبرزها، هل سيستمر حزب النور السلفى فى المشهد السياسى رغم ضعف موقفه؟ أم سيعود لسيرته الأولى، وينسحب من للمشهد السياسى كلية ويستكمل ما تبقى له من عمر داخل المساجد؟ أم من المكن أن يشهد موقفه السياسى أى تغيير يتواكب مع المشهد السياسى تجعله من الأرقام الهامة فى المعادلة السياسية المصرية؟.
خبراء فى الشأن السياسى، والتيار الإسلامى، أكدوا أن هناك عدد من السيناريوهات تحدد مستقبل حزب النور السلفى، يتمثل السيناريو الأول فى عودة الدعوة السلفية وذراعها السياسية "النور" إلى سيرتها الأولى والعودة للمساجد والانسحاب من المشهد السياسى، أما السيناريو الثانى يتمثل أن ينتقل حزب النور إلى صفوف المعارضة ويجعلها استراتجيته السياسية خلال الفترة المقبلة.
ويقول الدكتور طارق فهمى، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مستقبل السلفيين السياسى، خاصة بعدما اختفوا تماما خلال دور الانعقاد الأول من مجلس النواب، يتمثلة فى أن يتوجه الحزب نحو المعارضة، بالإضافة إلى محاولة إحداث تماسك داخلى بعد الخسائر التى شهدها التيار السلفى مؤخرا.
ويضيف استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"انفراد" أن المواقف التى اتخذها حزب النور مؤخرا سواء ما يتعلق بختان الإناث، أو بناء الكنائس، هى مواقف تتوافق مع أيدلوجية الحزب السياسية، موضحا أن حزب النور يسعى لإعادة الالتئام داخل التيار السلفى، ومخاطبة التيار السلفى فى الخارج بأنه ما زال مؤمنا بثوابته تحت قبة البرلمان.
ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن حزب النور سيسعى فى دور الانعقاد الثانى من مجلس النواب والذى سيبدأ بعد 30 يوما تقريبا، أن يأخذ شكل المعارض باعتبار أنه اقلية فى البرلمان ولا يستطيع تمرير أى قوانين تحت القبة، وسيسعى إلى التقرب إلى التكتلات المعارضة تحت القبة.
فيما يقول الدكتور يسرى العزباوى، الباحث بالنظم الانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن مستقبل حزب النور خلال الفترة الحالية سيظل غامض فهو يرفض لمشاركة فى انتخابات المحليات، كما أن هناك قواعد داخل الحزب تطالبه بالعودة إلى المساجد، وعدم الانشغال بالسياسية وهو ما سيسبب عامل ضغط على القيادات السلفية خلال الفترة المقبلة.
ويضيف الباحث بالنظم الانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك حالة من الانقسام حول من يريد استكمال العمل السياسى عبر البرلمان، وطرح وجهات نظر الحزب كى يعرفها الرأى العام، بينما يرى آخرون أن هذه المشاركة لا قيمة لها، وبالتالى لا بد من التوقف عن المشاركة فى السياسة خاصة أن البعض يعتبر السياسة بأنها اضرت بالدعوة والتى هى الهدف الأساسى للتيار السلفى.
فيما يؤكد الدكتور عمر هاشم ربيع نائب رئيس مركز الأهرام الاستراتجى للعلوم السياسية، أن حزب النور تعرض لضغوط خلال الفترة الماضية من الممكن تجعله ينسحب من المشهد السياسى، وهذا سيكون أمر خاطئ، نظرا لأن المشهد السياسى المصرى الفترة الحالية يحتاج إلى ممثل عن التيار الإسلام السياسى بعدما خرجت الإخوان وحلفائها من المشهد عقب 30 يونيو.
ويضيف "هاشم" فى تصريحات لـ"انفراد": لا يستطيع حزب النور أن يطور من موقفه السياسى نظرا أنه فى حال تطور موقف السياسى سيخسر قواعد السلفية التى هى تعتبر عمود الحزب.